واشنطن تتصدى للنفوذ الصيني في الشرق الأوسط بمشروع كبير للبنية التحتية

الرئيس الأميركي يسعى إلى الاستفادة من المساحة الشاغرة التي تركاها نظيراه الصيني والروسي اللذان لم يحضرا قمة مجموعة العشرين في نيودلهي، لتحقيق نتائج ملموسة.

نيودلهي - تدفع الولايات المتحدة خلال قمة مجموعة العشرين باتجاه مشروع طموح من شأنه أن يربط الهند وأوروبا من خلال خطوط السكك الحديد والنقل البحري عبر الشرق الأوسط، في ما يعدّ ردا محتملا على "طرق الحرير" الصينية الجديدة، في وقت تتوجس فيه واشنطن من تنامي النفوذ الصيني في منطقة تعتبرها حيوية وإستراتيجية.

وسيتم التوقيع على اتفاق مبدئي اليوم السبت في نيودلي بين الولايات المتحدة والسعودية والإمارات والاتحاد الأوروبي وشركاء آخرين في مجموعة العشرين، حسبما أفاد الصحافيين نائب مستشار الأمن القومي الأميركي جون فاينر.

وقال فاينر إنّ الاتفاق يهدف إلى البحث "في مشروع للنقل البحري والسكك الحديد سيسمح بتدفّق التجارة والطاقة والبيانات من هنا في الهند عبر الشرق الأوسط وصولا إلى أوروبا"، مضيفا أنّ "هذا أتى نتيجة أشهر من الدبلوماسية الحذرة ضمن الأطر الثنائية والمتعدّدة الأطراف".

ويأتي ذلك في الوقت الذي يعمل فيه الرئيس الأميركي جو بايدن على تطبيع محتمل للعلاقات بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية، في مواصلة للخطوة التي كانت قد تمّت بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة والبحرين والمغرب.

كما يعتزم الرئيس الأميركي الاستفادة من المساحة الشاغرة التي تركها الرئيس الصيني شي جينبينغ، في ظل عدم توجهه لحضور قمة العشرين في نيودلهي، شأنه في ذلك شأن نظيره الروسي فلاديمير بوتين. وفي هذا الإطار، يريد بايدن أن يُظهر أنّه "يستعد مع بلدان مجموعة العشرين الأخرى لتحقيق نتائج حقيقية"، على حدّ تعبير جون فاينر.

ومن المتوقع أن يكشف عن تفاصيل الصفقة في وقت لاحق السبت. لكن موقع 'أكسيوس' الإخباري ذكر أن المشروع يهدف إلى ربط الدول العربية بشبكة للسكك الحديدة يمكن أن تمتد إلى إسرائيل في حال تطبيع العلاقات، ثم إلى أوروبا عبر الموانئ البحرية الإسرائيلية، بالإضافة إلى روابط بحرية مع الهند.

 "الاتفاق يهدف إلى البحث في مشروع للنقل البحري والسكك الحديد سيسمح بتدفّق التجارة والطاقة والبيانات من هنا في الهند عبر الشرق الأوسط وصولا إلى أوروبا".

وأفادت مصادر أوروبية بأن ذلك سيترافق مع إقامة منشآت للطاقة، خصوصاً لإنتاج ونقل الهيدروجين الأخضر، فضلاً عن كابل بحري جديد لتعزيز الاتصالات ونقل البيانات.

ومن المقرّر أن يسلط رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل الضوء على الطبيعة "التاريخية" لما يمكن أن يكون "الربط الأكثر مباشرة حتى الآن بين الهند والخليج وأوروبا".

وأكد جون فاينر أنّ هذا المشروع "يتمتّع بقدرات هائلة"، مضيفاً أنه لا يعرف "الوقت الذي سيستغرقه بالضبط".

بدوره قال مايكل كوغلمان الخبير في شؤون جنوب آسيا في مركز ويلسون في واشنطن عبر منصة "إكس" (تويتر سابقاً)، إنّه "إذا تحقّق ذلك، فإنّه سيغيّر قواعد اللعبة عبر تعزيز الروابط بين الهند والشرق الأوسط"، مضيفاً أنّ ذلك "يهدف إلى مواجهة مبادرة الحزام والطريق".

وتقوم بكين من خلال مبادرة الحزام والطريق التي تأتي ضمن إطار برنامج "طرق الحرير الجديدة" باستثمارات ضخمة في عدد من الدول النامية لبناء البنية التحتية.

ويهدف هذا المشروع إلى تحسين العلاقات التجارية بين آسيا وأوروبا وأفريقيا وحتى خارجها، من خلال بناء الموانئ والسكك الحديد والمطارات أو المجمّعات الصناعية، ممّا يسمح للعملاق الآسيوي بالوصول إلى المزيد من الأسواق وفتح منافذ جديدة أمام شركاته.

غير أنّ معارضي المشروع يعتبرون أن بكين تهدف من خلاله إلى تعزيز نفوذها السياسي، كما ينتقدون الديون الخطرة التي يرتّبها على الدول الفقيرة. وكان جو بايدن قد وصفه في يونيو/حزيران الماضي بأنّه "برنامج الديون والمصادرة" الذي "لن يذهب بعيداً جداً".