ورقة التوت الايرانية

يحتار الإيرانيون بأن يلطموا على ما آلت أليه أحوالهم أم على ذكرى مقتل الحسين.

ماذا يجري في إيران؟ بل ما الذي يحدث للنظام الذي يٶكد منذ أربعة عقود بأنه يدافع عن الاسلام عموما وعن قضية الامام الحسين خصوصا؟ ما الذي أوصل الازمة الى داخل "الدائرة الدينية المتشددة" الحاكمة؟ ما هو السبب ‌أو الاسباب التي دفعت الى هدم جسور الثقة والتواصل بين الشعب والنظام؟ هل هي نهاية النظام أم الانحدار بإتجاه هاوية النهاية؟ من الواضح إن أكبر وأفضل وأوضح  وأكثر إجابة مختصرة على هذه الاسئلة تتجلى في الشعار الذي ردده الشعب الايراني في ذروة إنتفاضة 28 ديسمبر/كانون الاول 2017، "الاستقلال - الحرية - الجمهورية الايرانية"، أي إيران من دون حكم ديني!

مع إنه ليس هناك من نظام في المنطقة كلها خصوصا والعالم عموما يمارس الطرق والاساليب القمعية التعسفية التي يمارسها نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية، لكن وعلى الرغم من ذلك فإنه وخلال الايام العشرة الاولى من شهر محرم، الى منابر ضد النظام في العديد من المحافظات رغم قمع السلطات للأصوات المعارضة. وإن ملاحظة ما يقوم ناشطون إيرانيون بتداوله من مقاطع تبين إن مراسم العزاء الحسيني قد تحولت الى منابر لطرح مطالب الناس والتنديد بسياسات النظام والفقر والتهميش والفساد وعمليات النهب والاختلاسات المالية الكبرى، بينما يمر الناس بظروف معيشية صعبة جدا في ظل انهيار اقتصاد البلاد.

حرص النظام في إيران على الطابع الديني عموما والتمسك بمراسم العزاء الحسيني وإظهاره بأنه الاحرص عليها وليس هناك من يدانيه، ولكن أن تتحول هذه المراسم الى منابر ضده وقبلها يعلن الشعب الايراني في عز الانتفاضة الاخيرة رفضه للدولة الدينية المتطرفة، فإن الصورة بدأت تتوضح كثيرا ويتم وضع النقاط على الاحرف، بل وإنه عندما يبادر رجل دين إيراني في خطبة له الى مهاجمة قادة النظام بصورة عنيفة فيقول بأن مسؤولي الجمهورية الإسلامية قد اعتادوا على المال الحرام لهم ولأسرهم، و"لو كان الله يغفر لشمر قاتل الحسين فلن يغفر لمسؤولي النظام لظلمهم"، فإن ذلك يعني الكثير جدا وهو بمثابة تأكيد على النظام قد فقد هيبته وجبروته بل ولم يعد الشعب يثق بالمظاهر الدينية التي يخفي خلفها فسادا أسطوريا لا مثيل له، ذلك إنه وعندما تصل الاوضاع في بلد يعوم على بحار من النفط والغاز أن يضطر شعبه الى بيع ليس أعضاء جسده فقط وانما حتى الاطفال حديثي الولادة، فإن ذلك يجسد حقيقة واحدة وهي إن هذا النظام غير أمين مع الشعب، وإن رجل الدين الغاضب هذا والذي يمثل نموذجا إعتياديا وإمتدادا طبيعيا لحالة السخط والغضب الشعبي، عندما يقول في خطبته من إنه"لا داعي بعد الآن للطم والبكاء على الحسين بل يجب الوقوف ضد هؤلاء الظالمين"، فإن ذلك معناه الحقيقي هو إن النظام قد فقد الورقة التي كانت تخفي معظم عيوبه.