وساطة روسية لعقد صفقة بين الأسد والوحدات الكردية

لملء الفراغ المتوقع، يريد الأكراد من روسيا أن تساعدهم في تأمين نشر الجيش السوري على الحدود الشمالية ضمن جهد أوسع لإبرام اتفاق مع دمشق يحمي وضع إدارة الحكم الذاتي.

مسؤولون أكراد يقدمون خارطة طريق لإبرام اتفاق مع الأسد
روسيا تحاول فتح آفاق جديدة لاتفاق محتمل
المحافظون في دمشق يرغبون في استعادة النظام القديم

القامشلي (سوريا) - قال مسؤول كردي سوري بارز اليوم الجمعة، إن زعماء أكراد سوريا يسعون إلى اتفاق سياسي مع حكومة الرئيس بشار الأسد بوساطة روسية بغض النظر عن خطط الولايات المتحدة للانسحاب من منطقتهم.

وقال بدران جيا كرد إن الإدارة الذاتية التي تسيطر على معظم شمال سوريا عرضت خارطة طريق لاتفاق مع الأسد في اجتماعات في الآونة الأخيرة في روسيا وتنتظر رد موسكو.

وإذا أُبرم الاتفاق، فإنه سيوحد مجددا أكبر منطقتين في البلد الذي مزقته الحرب الدائرة منذ ثمانية أعوام وسيترك منطقة واحدة في شمال غرب البلاد في أيدي المعارضة المناوئة للأسد والمدعومة من تركيا.

وتشير المحادثات مع روسيا والمبادرات الجديدة تجاه دمشق إلى تغيير في الإستراتيجية الكردية منذ أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب قراره بسحب القوات الأميركية من سوريا.

ومن أهم الأولويات الملحة للأكراد إيجاد سبيل لحماية المنطقة من تركيا التي تعتبر وحدات حماية الشعب الكردية المسلحة تهديدا لأمنها القومي.

وأرسلت تركيا جيشها إلى سوريا مرتين لمهاجمة الوحدات، لكنها أرجأت هجوما على منطقة كبيرة خاضعة للأكراد في شمال شرق سوريا تنشط بها قوات أميركية.

وفي تصريح له يوم الأربعاء قال ترامب الذي لم يحدد جدولا زمنيا للانسحاب، إن القوات الأميركية ستغادر ببطء "خلال فترة من الوقت".

قال أيضا إن بلاده ترغب في حماية الأكراد الذين كان لهم دور حيوي في الحملة الأميركية على تنظيم الدولة الإسلامية (داعش).

ورحب جيا كرد بفكرة الانسحاب البطيء، لكنه قال إن الولايات المتحدة لم تناقش الانسحاب مع حلفائها في سوريا الذين فاجأهم إعلان ترامب.

ولملء الفراغ المتوقع، يريد الأكراد من روسيا أن تساعدهم في تأمين نشر الجيش السوري على الحدود الشمالية. وهذا جزء من جهد أوسع لإبرام اتفاق مع دمشق يصون وضع الحكم الذاتي الذي يتمتعون به. وقال جيا كرد إن روسيا وافقت على التوسط.

وأضاف في المقابلة التي أجريت في القامشلي بشمال سوريا "موضوع حوارنا مع دمشق غير مرتبط بقرار الانسحاب الأميركي أبدا، حيث هذا الحوار سيستمر وسنبذل كل جهدنا في هذا الاتجاه... القرار النهائي هو الاتفاق مع دمشق. سنعمل بهذا الاتجاه مهما كلف الأمر، وحتى إن اعترض الأميركان على هذا الأمر".

وأوضح أن الأكراد يرون أن روسيا تحاول فتح آفاق جديدة مع دمشق.

وتجنبت دمشق ووحدات حماية الشعب الكردية المواجهة إلى حد بعيد خلال الحرب، بل وحاربتا أعداء مشتركين في بعض الأوقات.

وعقدا محادثات سياسية العام الماضي في دمشق، غير أنها انهارت دون أي تقدم. وقال جيا كرد إن ضرورة دخول دمشق في حوار جاد باتت أكثر إلحاحا الآن.

والأهداف الرئيسية لخارطة الطريق هي حماية الحدود من تركيا وإيجاد وسيلة لدمج الكيانات الحاكمة في شمال سوريا في الدستور وضمان التوزيع العادل للموارد في شمال وشرق البلاد.

وقال جيا كرد "الكرة الآن في ملعب روسيا ودمشق"، مضيفا "على هذه الأسس يمكن التفاوض والبدء بالحوار في هذه المرحلة".

وسيكون أحد التحديات الرئيسية التوفيق بين مطالب الحكم الذاتي الإقليمي وهدف الأسد بسط السلطة على كامل البلاد مرة أخرى.

وكان وزير الخارجية السوري وليد المعلم قد قال في الآونة الأخيرة إن إقامة نظام اتحادي في سوريا غير مقبول.

وقال جيا كرد "هناك جهات محافظة في دمشق يودون غض النظر وإنكار ما تم اكتسابه في هذه المناطق أي أنهم يودون بسط سيطرتهم ونفوذهم على هذه المناطق كما فعلوا في مناطق أخرى"، مضيفا أن هذا مرفوض بالنسبة لهم.

ومن بين أوراق التفاوض في أيدي الأكراد السيطرة على سدود على نهر الفرات والسيطرة على حقول نفط وموارد أخرى. وقال جيا كرد، إن هذا سيكون عنصرا رئيسيا في الحوار.

لكن محللين يقولون إن وضعهم التفاوضي ضعف بإعلان ترامب سحب القوات والذي زاد مخاوف الأكراد من هجوم تركي.

وتعتبر تركيا وحدات حماية الشعب امتدادا لحزب العمال الكردستاني المحظور الذي يخوض تمردا في تركيا منذ 34 عاما.

ويعتقد محللون أن الأسد ووحدات حماية الشعب يمكن أن يتعاونوا معا ضد المعارضة المسلحة المدعومة من تركيا في شمال غرب سوريا.

وقال جيا كرد "إنهاء الاحتلال التركي والإرهاب في تلك المناطق يتطلب أن يكون هناك اتفاق سياسي جذري مع مناطق الإدارة الذاتية" التي يقودها الأكراد.

وأضاف "هذا سيكون دافعا كبيرا في إنهاء الاحتلال والقضاء على الإرهاب بشكل كلي في سوريا".