وضع سنجار ملف آخر يفاقم التوتر بين بغداد وأربيل
أربيل - يعود قضاء سنجار بين الحين والاخر الى تصدر المشهد باعتباره واحدا من أبرز التحديات التي تواجه الحكومة العراقية في ظل عدم الاستقرار مع وجود "السلاح المنفلت" للميليشيات وعدم حسم ملف عودة النازحين من مخيمات كردستان.
وجدد رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني مطالبته الحكومة الاتحادية بتنفيذ اتفاق سنجار المبرم بين أربيل وبغداد وطرد القوات والجماعات المسلحة غير الشرعية المتواجدة في القضاء من أجل عودة النازحين إلى ديارهم في القضاء.
ويقع القضاء الذي تسكنه غالبية أيزيدية بالإضافة إلى عرب وأقليات بينها تركمان، على بعد 80 كيلومتراً شمال مدينة الموصل، عاصمة محافظة نينوى.
ويشكل هذا القضاء مثلثاً يجمع العراق بتركيا شمالاً وسوريا غرباً، ما يجعله منطقة استراتيجية مهمة، وعلى الرغم من طرد المتطرفين على يد قوات كردية بدعم من التحالف الدولي في نوفمبر عام 2015، ما زالت المنطقة تعيش حالة من عدم الاستقرار تقطع الطريق أمام عودة النازحين لمناطقهم.
وسيطر مقاتلون من كردستان العراق على المنطقة في عام 2015، بمساندة مقاتلين أكراد سوريين وبدعم من تحالف دولي تقوده واشنطن. بينما في المناطق المحيطة بالقضاء، انتشرت فصائل من قوات الحشد الشعبي، وأدى وجود هذه التشكيلات المسلحة إلى "عرقلة عودة النازحين" إلى سنجار، حيث الوجود المحدود لقوات الحكومة الاتحادية ومنظمات الإغاثة الدولية.
واتفقت حكومتا بغداد وإقليم كردستان في أكتوبر تشرين الأول 2020 على إدارة مشتركة في سنجار تستند إلى وجود قوات من الحكومة الاتحادية فقط وإخراج الفصائل المسلحة، وبينها قوات "حزب العمال الكردستاني".
ومر ثلاثة أعوام على اتفاق تطبيع أوضاع المدينة وإعادة أهلها إليها الموقّع بإشراف الأمم المتحدة، حيث تعثـرت بنوده الساعية الى إخراج عناصر حزب العمال الكردستاني والفصائل المسلحة وإعادة النازحين، فضلاً عن البدء بخطوات إعادة إعمار المدينة بعد تحريرها نهاية عام 2015 من سيطرة تنظيم "داعش" الارهابي.
وقال بارزاني في كلمة ألقاها خلال مؤتمر انعقد في اربيل حول قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1325 (2000). أن المجتمع الكردي وإقليم كردستان عامة تعرض طيلة القرن الماضي إلى الحروب والدمار، وأن نساء كردستان كانت في مقدمة الضحايا لتلك الحروب في عمليات الأنفال، والقصف الكيمياوي لحلبجة التي ارتكبها النظام السابق للعراق.
ويقول الأهالي أن من يعطل تنفيذ وتطبيق بنود الاتفاق هم حزب العمال الكردستاني الـ(بي كي كي) ومؤيدوه من بعض القوى المتنفذة والفصائل في الحشد الشعبي. كما أن الصراعات السياسية القائمة بين العديد من الأطراف الموجودة في القضاء حالت دون تنفيذ الاتفاق حتى الآن.
وأوضح محافظ نينوى نجم الجبوري أن "هناك صراعاً دولياً في قضاء سنجار المتنازع عليه بين أربيل وبغداد الذي يتبع حالياً نينوى"، لافتاً الى أن "سنجار حالة خاصة حيث يوجد هناك صراع دولي كامل على أرض القضاء".
وأشاد الجبوري بعلاقة نينوى بإقليم كردستان، وقال رداً على الاتهامات الموجهة ضده بخضوعه لبعض الإملاءات الكردية "يُقال إني رجل سيئ لعلاقتي الجيدة بإقليم كردستان، إن الإقليم هو العمق الأمني لمحافظة نينوى، وإذا لم تكن العلاقة جيدة مع الإقليم فإن هذا لن ينعكس بشكل إيجابي على المحافظة من الناحية الأمنية".
وما زال عشرات الآلاف من أهالي مدينة سنجار، يعيشون في مخيمات متناثرة في مدن إقليم كردستان رغم استعادة السيطرة على المدينة من تنظيم "داعش" الارهابي قبل نحو ثماني سنوات.
لكن التحرك نحو إعادة النازحين بدأ عمليا، حيث أعلنت وزيرة الهجرة والمهجرين العراقية إيڨان فائق جابرو الأربعاء، عودة أكثر من ألف نازح إيزيدي إلى مناطق سكناهم الأصلية في قضاء سنجار.
وقالت جابرو في بيان إنه "تمت إعادة 1150 نازحاً إيزيدياً بشكل طوعي من مخيمات النزوح في محافظة دهوك إلى مناطق سكناهم الأصلية في قضاء سنجار". وأضافت أنه "تم تأمين النواحي والقرى التابع للقضاء بالتنسيق مع القوات الأمنية والحكومتين المحليتين في المحافظتين وقيادة العمليات المشتركة".
وأكدت ان "الوزارة تكفلت بنقل أثاثهم من المخيمات إلى مناطقهم الأصلية"، مشيرة الى أن "الأيام القادمة ستشهد عودة طوعية أخرى للنازحين من مخيمات دهوك الى مناطقهم في سنجار".
ويحتاج قضاء سنجار إلى إعماره بسبب ما يعانيه من ضعف في الخدمات، واستمرار نزوح الأهالي نتيجة عدم وجود إدارة محلية تُعنى بالشؤون العامة، وتلبي احتياجات الأهالي.
ويأتي إعلان وزيرة الهجرة بعد أن التقى رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، الاثنين الماضي وفدا من أهالي قضاء سنجار.
وقال بيان للمكتب الإعلامي لرئيس الوزراء، أن "الحكومة أعطت خصوصية لقضاء سنجار بسبب حجم المظلومية التي تعرض لها نتيجة الإرهاب، وواجب الحكومة رعايته وإنصافه، وهي جادة في اتخاذ القرارات التي تتناسب مع تضحياتهم الجليلة وتمسكهم بالبقاء في بلدهم".
ووفقاً للبيان، أشار رئيس مجلس الوزراء، إلى "المرحلة الحساسة التي يمر بها العراق والمنطقة، ما يتطلب المزيد من العمل والتعاضد لضمان الأمن والاستقرار في كل أنحاء العراق، وإعادة جميع النازحين إلى مناطق سكناهم الدائمة، ومنها قضاء سنجار".