ياسمين بنكيران ترافق 'ملكات' إلى الشاشات الكبيرة في أوروبا

المخرجة المغربية تقدم فيلمها الروائي الطويل ابتداء من منتصف مايو الجاري بدور العرض الفرنسية.

الرباط - يروي الفيلم المغربي "ملكات" قصة ثلاث نساء في مدينة الدار البيضاء يقررن الهروب من رجال الشرطة والبحث عن الحرية، حيث يقمن برحلة هروب ملحمية عبر استكشاف وديان الأطلس المزهرة بهدف الوصول إلى ساحل المحيط الأطلسي.

الفيلم من إخراج وتأليف ياسمين بنكيران، ويضم مجموعة من الممثلات اللواتي تميزن في أداء أدوارهن مثل نسرين الراضي، نسرين بنشارة، وريحان غواران في الأدوار الرئيسية.

يمزج هذا العمل بين عناصر متنوعة مثل مغامرات الهروب والسرقة على الطريق ومواجهات مع رجال الشرطة وتجارب السجن، ويتناول قضايا اجتماعية ونفسية معقدة من خلال رحلة هؤلاء النساء ويعرض توتر القصة وعلاقاتهن وصمودهن أمام التحديات، كما يعبر عن قوة النساء ورغبتهن في التحرر والبحث عن الحياة التي يرغبن فيها خارج قيود المجتمع والسلطة.

نجحت معظم المشاهد واللقطات في تقديم تجربة مميزة ومثيرة وأظهرت الجوانب المعقدة لقصة النساء اللواتي يبحثن عن الحرية والتحرر، كما يعزز أداء الفريق القوي القصة ويضيف قيمة إلى الفيلم، وهذا يعكس نجاحا كبيرا في تنفيذ الفكرة وتقديمها بشكل جذاب، وتعبيرا عن الروح النسوية. واستكشاف مواضيع الحرية والتحدي يمكن أن يكون مصدر إلهام كبير للجمهور ويضيف للعمل قيمة مهمة في مجال السينما.

إن تطور القصة ومتتاليات المشاهد التي تشير إلى علاقة "زينب" بابنتها "إيناس" يضيف عمقًا كبيرًا إلى القصة، إذ أن قرار "زينب" بالهروب مع ابنتها "إيناس" بعد اعتقالها، يسلط الضوء على حجم الرغبة في الحماية والتضحية من أجل الأسرة، إذ يبدو أن الجانب الإنساني من الحبكة يجعلها أكثر تأثيرا وقوة.

يتناول السيناريو موضوعات متعددة مثل الرحلة والبحث عن الحرية والعلاقات العائلية، مما يجعله تجربة سينمائية شيقة ومعقدة، وتعكس القصة مدى التضحية والقوة التي يمكن أن تكون موجودة في علاقات الاجتماعية بصفة عامة.

روعة مشهد الشاحنة التي تُستخدم للهروب وعلى متنها تُحمل أطباق فضائية، وتتولى قيادتها "أسماء" التي تعاني من زواجها القمعي، كما تشكل هؤلاء الثلاث شراكة غير متوقعة في رحلتهن من الدار البيضاء إلى الساحل الأطلسي عبر الطريق الصحراوي الجميل الذي يمتد عبر جبال الأطلس وخلال أربعة أيام، يتعين عليهن قطع مسافة طويلة، وفي الرحلة يتعرفن على أشخاص غرباء ومثيرين على طول الطريق.

يعتبر المشهد الممتد في الفيلم من نوع أفلام الطريق، حيث يتيح للمشاهدين فرصة للتعرف على شخصيات متنوعة، ويتم توسيع القاعدة الرئيسية للعمل لتشمل شخصيات أخرى، مثل الزوجين غير المتوقعين كشركاء في الجريمة والشرطي القديم الذي على وشك التقاعد وامرأة شابة تقوم بمهمتها الكبرى الأولى، ويتعقبون عن كثب جميع الهاربين، بالإضافة إلى ذلك يتم تقديم زوج "أسماء" وفريق من رجال الشرطة.

يشبه المشهد الأفلام التي تتخذ نساء رئيسات للعصابات أو المجرمين، حيث يقمن بانتهاك القوانين التي وضعها الرجال وهم في حالة هروب، وهو ما يجعل هذا العمل يذكرنا بأفلام مشهورة مثل “ثيلما ولويز” حيث يسعين للهرب عبر القارة في سيارتهما ذات الذيل الطويل والأجنحة الخلفية الفائقة، ومع ذلك، يختلف الفيلم عن الآخرين في هذا النوع، حيث يرفض أن يأخذ عنوانه اسم بطلاته، وهو ما يمنحه هويته الخاصة ويضيف طابعًا فريدًا إلى التجربة السينمائية.

يبرز تكوين لقطات "زينب" و"أسماء" كشخصيتين تأتيان من خلفيات مختلفة، إحداهما سمينة ومتمردة، والأخرى محجبة وخجولة، إنهما من دواخل المغرب ولكن يمكن أن تمثلا النساء من أي مكان في العالم،حيث تقومان بجهد مشترك لهدم النظام الذكوري المهيمن، إذ أن الفتاة الصغيرة تمتلك هدفا محددا جدا ونجد بعض التفاصيل مستوحاة من الحكايات المحلية، حيث تسعى لفحص أقدام الأشخاص بحثًا عن أي علامة على وجود روح، وهو ما يعطي الفيلم حياة ووجودًا حقيقيًا لشخصياته الرئيسيات على الرغم من مغامرتهن الدرامية عبر البلاد، ويضيف إلى القصة جاذبية خاصة وسحر واقعي.

تعتقد "زينب" التي تحمل معها عبارات رائعة في معظم المشاهد "أن الكحول والنيكوتين يفتحان ويغلقان الشرايين، لذا قم بتناولهما في نفس اليوم وستكون على ما يرام"، هذه العبارات تمثل نقاط تفرد في السيناريو، ومن المؤكد أنها ستلقى ترحيبا كبيرا لدى الجمهور، وكما هو الحال دائمًا مع البطلات الرئيسيات المميزات تبرز "زينب" بشخصيتها وحضورها، إذ أنها النوع من الحوارات التي ستظل في الذاكرة ومن المؤكد أنها ستثير تفاعل الجمهور وتثير تفاعلات حماسية في القاعات السينمائية لفترة طويلة بعد الفيلم.