مصعب الدوري يضع 'الأسس الأكاديمية في فن الزخرفة النباتية'

الكتاب يأتي وفق منهجية أكاديمية تعالج فراغا تقنيا غيب المضمون الأصيل في زخارف معاصرة، حتى اعتقد البعض إنها مجرد تكوين جمالي يبهر المتلقي المتأثر بعفويته.

ما انفك المزخرفون متمسكين بالمعتقد الجمالي التقليدي المجرد في بناء تكوين زخرفي يزين شواهد الحياة الدينية والدنيوية، وهم الغافلون عن عن المبادئ الحية في تجسيد المضمون العقائدي الإسلامي، في ظل الجهل المطبق بالقواعد والأسس الأكاديمية التي تعد الدليل الهندسي في إنجاز بناء فني متكامل بجمالياته ومضامينه المستوحاة من روح الإنتماء والهوية.

أدرك الفنان العراقي المزخرف مصعب الدوري أستاذ فن الزخرفة والتذهيب في مركز الشارقة لفن الخط العربي والزخرفة ذلك الخلل في تفاصيل البناء الزخرفي الفني، مشخصا نواقصه المعرقلة في مسار البلوغ الجمالي المتكامل بشكله الحامل لمضمون عقائدي، فأطلق نظريته التصحيحية على قاعدة رؤية أكاديمية لا تقبل الخطأ شرط الالتزام بمبادئها.

نظرية جمالية يتآلف فيها الشكل والمضمون تعلي شأن الهوية ومبادئ الإنتماء قدمها الفنان مصعب الدوري في الكتاب الموسوم: "الأسس الأكاديمية في فن الزخرفة النباتية".

أولى أهداف تلك النظرية بقواعدها الأكاديمية هي ضمان الإتجاه السليم في بناء زخرفي يضمن إبراز خصوصية الفنان وتجسيد هويته، وتحصينه من "متاهات" الخلط بين المدارس الفارسية والتركية، التي تعتد بخصائصها وتتنافس في فرض تقنياتها ورمزية تركيبها في الفن الإسلامي.

تعددت الأشكال الزخرفية بأنواعها النباتية والحيوانية والهندسية، لكن الكتاب الدي تبناه الناشر "مؤسسة خولة للفن والثقافة - الشارقة" تناول في جزئه الأول فن الزخرفة النباتية، مسترسلا في آليات بنائها وفق تسلسل  منهجي تصاعدي ينتهي بانجاز كيان فني لا يكتفي بالبعد الحسي الجمالي المؤثر في روح المتلقي حين يتعداه إلى تجسيد المضمون الفلسفي العقائدي عبر تقنية الاستخدام اللوني والتذهيب في إضفاء المفردة الرمزية.

تتوزع الزخرفة النباتية إلى أنواع ثلاثة:

الزخرفة الزهرية المنمقة .

الزخرفة الزهرية شبه المنمقة .

الزخرفة الزهرية ذات الطراز الطبيعي "الواقعي".

برزت قدرة الفنان مصعب الدوري في خبرته التطبيقية بإنجاز الكيان الزخرفي الزهري المنمق الذي يعد الأصل الزخرفي الأصعب والأدق في بنائه الشكلي النباتي المزخرف بجماليات تذهيبية تبلغ به حد الخيال الفني الأبعد من شكله الطبيعي.

النقطة أو الخط في المسار الأكاديمي هي انبثاق الوحدة الزخرفية إلى مساحة جغرافية أوسع،عبر تكرارها المتواصل " تناوب متتالي" على قاعدة التناظر الكلي او النصفي بتكرار متعاكس او متبادل متوازن، يمنح التكوين الزخرفي شكله الجمالي الإبداعي عند بلوغ ذروته.

"للزخرفة في التراث الإسلامي أهميه كبيره وعنايه خاصه منذ نشأة التذهيب وتطور أستخدامه في مجالات الفنون الاسلاميه المتنوعة" منطلق يبدأ منه الفنان مصعب الدوري في تقديم كتابه الأكاديمي حيث يرى في الزخرفة تجسيد للجمال والنسق والإيقاع والدقه الفائقة لفهم عميق في حوارية متناغمه بين المفردات وعناصرها المختلفة، فمن أجل أن نفهم هذه المفردات وعلاقاتها الجمالية وديناميكية حركتها التطورية يوضح الكتاب كيفية تعلمها بشكل أكاديمي دقيق ييسر للطالب الفهم والتمييز فيما بينها وكيفية اشتقاقها وتوظيفها.

قدم كتاب "الأسس الأكاديمية لفن الزخرفة النباتية" البروفيسور فاروق طاشكلي في جامعة معمار سنان للفنون الجميلة بتركيا، واضعا مؤلفه المزخرف مصعب الدوري في منزلة تضاهي منزلة الفنان الزخرفي التركي الأشهر رقت كونت في فن الزخرفة الزهرية المنمقة المسماة "هاتاي" التي أجاد إنجازها بدقة عالية لا يرتقي إليها إلا متمرس على تطبيق مبادئها التقنية.

منهجية أكاديمية صاغها مصعب الدوري تعالج فراغا تقنيا غيب المضمون الأصيل في زخارف معاصرة، اعتقد البعض إنها مجرد تكوين جمالي يبهر المتلقي المتأثر بعفويته قبل الكشف عن شرط اعتماد الأسس الأكاديمية الحديثة في فن إسلامي متوارث يزين شواهد الدنيا ويرسخ معناه الرمزي العقائدي.