يجب أن يتشاءموا

أكثر ما يخيف النظام الإيراني هو ما بعد الضربات الأميركية المحتملة. الإيرانيون ملوا التصعيد وينتظرون الخلاص.

في ظل تصاعد الازمة الحادة القائمة بين الولايات المتحدة ونظام الجمهورية الاسلامية الايرانية، تتراوح التصريحات الصادرة عن القادة والمسٶولين الايرانيين بين إتجاهين، الاول مغرق في التشاٶم من المستقبل بسبب الاوضاع السلبية الناجمة عن العقوبات الاميركية والتي ليست هناك أية قدرة لهم على مواجهتها، أما الثاني؛ فهو يطفح بالتعنت والتشدد وروح التهديد وهذا الاخير موجه ليس للولايات المتحدة فقط وإنما لبلدان المنطقة وأوربا أيضا بإعتبارها ستتضرر إذا ما بقيت الازمة مستمرة لفترة أطول أو وقعت الحرب.

التصريح الاخير لمدير شرطة مكافحة تهريب المخدرات في إيران، محمد مسعود زاهديان والذي يظهر التهديد فيه وكان موجها لأوروبا حيث قال فيه أن "البلدان الأوروبية ستغرق بالمخدرات إن لم تدفع تلك البلدان ما يترتب عليها من تكاليف لمكافحة تهريب المخدرات من إيران إلى أوروبا." وهو تصريح قد سبقه تصريح بنفس السياق للرئيس الايراني حسن روحاني كان قد هدد فيه الدول الأوروبية بالمخدرات واللاجئين وانهيار الأمن إذا ما انهار الاتفاق النووي. وقد قام عباس عراقجي، نائب وزير الخارجية الإيراني، بالتأكيد من أن بلاده ستضطر لتغيير سياسة الهجرة تجاه اللاجئين الأفغان، وعددهم حوالي 3 ملايين شخص، وستعمل على إخراجهم إذا ما استمرت الضغوط الاقتصادية ضدها. وهذه التصريحات شبيهة بتلك التي أكد فيها روحاني ووزير خارجيته محمد جواد ظريف وآخرون من أن بلدان المنطقة لن تنعم بالامن والاستقرار لو تعرض نظامهم للخطر والتهديد، وكأنهم يٶكدون على إنهم سيتصرفون كما فعل شمشون مع أعدائه عندما هد المعبد على رأسه ورأس أعدائه، لكن السٶال الذي لابد من طرحه هنا هو: هل إن لطهران هكذا قدرة وهل بإمكانها أن تجعل بلدان المنطقة وحتى أوروبا تتضرر كما هي قد تتضرر؟

من الواضح جدا إنه إذا ماقد وقعت الحرب فإنها وبحسب الاوساط العسكرية والاستخبارية المطلعة، لن تكون حرب جبهات أو كر وفر، بل ستكون حرب يتم حسمها من خلال ضربات إستباقية حساسة ودقيقة يتم حسمها خلال ساعات قلائل، مع وجود معلومات بأن الاهداف في داخل إيران قد تم تحديدها وإذا ماجرى ذلك فإن النظام يصبح مكشوفا أمام الشعب الايراني الذي هو أكثر طرف حانق وناقم عليه، وهو، أي الشعب، قد صار معبأ بتصور سياسي واضح وليس هو كما كان بعد إنتفاضة عام 2009، التي أخمدها النظام، فالشعب الايراني يبدو في وضعية "إستراحة محارب"، وعندما يجد الفرص ملائمة فإنه سيباغت خصمه بهجومه الحاسم، ولذلك فإن التشاٶم عندما يكون طاغيا على القادة والمسٶولين الايرانيين فإن ذلك أمر طبيعي ومنطقي لأنه لا يوجد أي شيء يمكن أن يبعث على الامل والتفاٶل والثقة بالمستقبل!