يمينة العيوني ورحلة السنوات الملونة

التشكيلية التونسية: لوحاتي معروضة بالخارج وهناك مقتنون أجانب وأذكر معرضي مع أعمال للقرجي وعمار فرحات والتركي.
أعمال ولوحات فنية لرسامة ديدنها الذهاب بعيدا تجاه الرسم وعوالمه المحفوفة بالأسئلة وبالدهشة
منذ كان عمري خمس سنوات وجدتني منسابة مع فكرة الرسم والتلوين بكثير من الرغبة والعفوية

سفر مفتوح على الدواخل منذ الخطى الأولى حيث الألون تلك الأحلام التي نسجت حروفها حكايات وقصصا وعناوين منها الفكرة القائلة بالنشيد الموزع على المشاهد والحالات والأمنيات والأمكنة.
سفر ملون يختصر هواجس الذات الحالمة وهي تعانق ألق اللحظات حيث الرسم وجد وذكرى وأغنيات يزيدها التلوين بهاء وحرقة وتشوفا للآتي. هكذا هي الحكاية في حيزها الجمالي؛ لوحات وأعمال فنية على مدى عقود من الصلة بممكنات التلوين تشير إلى نظرات مفتوحة على العالم والآخرين بكثير من الحلم. هذا الحلم العائد إلى الخطوات الأولى، مع التلوين والرسم تعود للقراءة والكتاب عندها عالم فسيح وممتع كالرسم.
هي فنانة تنوعت ألوان وثيمات لوحاتها التي حلت أمكنة تونسية وأروقة وكذلك خارج تونس من حيث المشاركات والمعارض الفردية الخاصة وكذلك الجماعية.
يمينة الذهبي العيوني ورحلة السنوات الملونة. كان ولعها بالتلوين والرسم مبكرا وتطور هذا الهيام مع الزمن وصار حكاية حياتها وهاجسها قبالة القماشة وبعيدا عنها. تغمرها الفكرة وتشغلها إلى حين اللحظات الحاسمة. لحظت بداية الرسم والعمل الفني والعلاقة هنا غير محكومة بالسرعة وزمن الإنجاز فقط هي تعانق فلسفتها وأفكارها وتخريجاتها ليأخذ العمل التلويني لديها ما يتطلبه من وقت دون تسرع وعجلة. إنها تأخذ الرسم مأخذ فسحة مفتوحة بعيدا عن ضغط العروض والمعارض، وهكذا.
حدثتنا عن عالمها هذا لتقول: "منذ كان عمري خمس سنوات وجدتني منسابة مع فكرة الرسم والتلوين بكثير من الرغبة والعفوية حيث كنت بعد ذلك ارسم شيئا من دواخلي في كراس المحفوظات ليلفت ذلك انتباه معلمتي في القسم إلى أن صار الرسم مادة من المواد في مرحلة الثانوي، ليتطور الحيز إلى رغبتي وعادتي في رسم ما أحب وزاد هذا الشغب حيث كنا نقطن بباب سويقة حيث أجواء الحضرة وزاوية سيدي غرس الله، وكنت أتأمل لساعات في المشاهد والتفاصيل ودقائق الأشياء ومنها حراك النمل وعالمه المنظم والدؤوب في حيويته فضلا عن زرقة السماء والسحب وكنت مغرمة بأجواء "حومتي" وتعاطيت بحميمية مع الأمكنة، فأنا أصيلة مدينة تكرونة التي قضيت فيها طفولتي وفي سنوات الشباب شجعتني أمي وبلغت الانطلاقة الفعلية وتعرفت على الفنان الكبير محمد مطيمط، ورأى عمقا في أعمالي ليعرضها على تلامذته فأعجبوا بها، وأراد ذلك كمفاجأة لي وقد أسعدني هذا وجعلني أتقدم في تجربتي. 
وفي سنة 1982 كانت مشاركتي في معرض جماعي برواق يحيى بالبالماريوم بإدارة الفنان الصادق قمش، وكانت فيه لوحات معروضة لعمار فرحات وعبدالعزيز القرجي والزبير التركي ولفنانين أجانب، وغيرهم وقد تم التركيز على عملي المعروض خلال النقل التلفزيوني لنشاط هذا المعرض الكبير. وبعد ذلك شاركت في معارض بدار الثقافة ابن خلدون وبمتحف سيدي بوسعيد وبالنادي الثقافي الطاهر الحداد، وبار الثقافة ابن رشيق  وبفضاء التياترو وصولا إلى سوفونيبه بقرطاج آخر سنة 2019 وفي الخارج شاركت في معارض في كل من مصر والجزائر ولبنان وألمانيا...".

فن تشكيلي
العالمية حلم

وعن العلاقة بالرسم من خلال اللوحات المنجزة تواصل القول: "يتلبس بي الرسم ولا أقرر مسبقا الموضوع الذي أجدني بعد ذلك أتعمق فيه لدرجة أني لا أستطيع التخلي عنه لأعيش جنون الفن ومغامرات الفنان مع لوحاته. ألواني تفرض نفسها على عملي وقد تناولت في عدد من لوحاتي الأشياء الغريبة والمسكوت عنها خاصة المتصلة بالتقاليد والمخيال الشعبي في عالم الأنثى مثل (التصفيحة) حيث بحثت كثيرا في هذه المسائل. اشتغلت على المشاهد وعوالم المرأة وحالاتها والرسم عندي تناسق مع الأفكار والفلسفة. وفي لوحة (قيروانيات) اشتغلت على تجربة أروى القيروانية، وهي لوحة زيتية ككل لوحاتي. 
أرسم وبالنسبة للوحاتي أراها في المنحى السوريالي. بعد مسيرتي هذه التي تمسح حوالي أربعين عاما من الرسم أواصل تجربتي التي أطمح فيها إلى الجديد والمختلف وما تبقى هو الحلم الذي يحفزنا على المزيد من العمل والابتكار والإبداع. 
العالمية حلم وأتمنى لأعمالي الحضور في اليونسكو مثلا والحقيقة أنا لا مشكلة لي في اقتناء أعمالي التي يقبل عليها الراغبون في فني وخاصة من الأجانب علما وأني أنجز عددا من اللوحات بحسب طلب أحباء فني، ولي مثلا طلبيات لوحات من قبل البنك العالمي. تجارب ظلت في ذاكرتي وتأثرت بها لأسماء مهمة منها سالفادور دالي وفاتح المدرسي وعبدالعزيز القرجي ومحمد مطيمط...".
وفي باب التثمين لعملها الفني كرمت مهرجانات فنية تشكيلية وثقافية الفنانة يمينة العيوني منها المهرجان الدولي للفنن التشكيلية بالمحرس ومهرجان العصاميات في الفن التشكيلي بالمنستير فضلا عن اختيار عمل فني لها سنة 2017 بمتحف أوزنابريخ فضلا عن لوحات مروضة بمتاحف بالجزائر ولبنان ومصر وإيطاليا وفرنسا. 
أعمال ولوحات فنية لرسامة ديدنها الذهاب بعيدا تجاه الرسم وعوالمه المحفوفة بالأسئلة وبالدهشة وبالفكرة التي تنبع من الذات وذات الفنانة التشكيلية يمينة العيوني محتشد من الأفكار والذكريات والأحلام حيث اللون نوان مقيم ومتحرك للقول بالإبداع والجمال وفق عبارة تشكيلية فيها الكثير من الإصرار والمحاولة والاجتهاد.