يوم القصاص الشعبي

توحي إيران بأنها مطمئنة إلى منعتها أمام التحديات إلى درجة انها ترسل بحريتها بالقرب من السواحل الأميركية!

ليست هناك أية لغة أو خطاب يبرع به القادة والمسٶولون الايرانيون ويتفوقون على غيرهم فيها كما هو الحال مع لغة وخطاب الحروب والمواجهات وما يتفرع عنها، ولا يجب أبدا الإستغراب من ذلك، فهذا من حقهم ولا يجب أن يكون خلافا أو جدلا بشأن ذلك، خصوصا وإن نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية ومنذ تأسيسه ولحد يومنا هذا شهدت المنطقة بسبب منها ومن تدخلاتها العديد من الحروب والمواجهات التي كانت بياناتها الحماسية تتلى في طهران!

قال محمد علي جعفري، قائد الحرس الثوري: "حتى الآن كانت استراتيجية الجمهورية الإسلامية دفاعية، لكن يبدو أنه من الآن فصاعدا يجب أن نكون مستعدين لاتخاذ موقف هجومي وملاحقة العدو." أما الجنرال محمد باكبور، قائد القوات البرية التابعة للحرس الثوري الإيراني، فقد أكد قائلا: "أفضل دفاع هو الهجوم." في حين إن الأدميرال تورج حسني، نائب قائد البحرية الإيرانية، فأكد من جانبه إن إيران سترسل سفنا حربية لغرب المحيط الأطلسي، أي قرب السواحل الأميركية، بدءا من مارس المقبل! هذا الخطاب "الهجومي" والذي تسعى فيه طهران للإيحاء من إنها لا زالت في كامل قوتها وإنها مستعدة لخوض أية مواجهة أو تحد محدق بها، لكن لا يبدو إن هناك من يصدق بأنها تعني ما تقوله حقا بالنسبة لإرسال سفنا حربية لغرب المحيط الاطلسي.

هذا الخطاب الهجومي الذي تحرص طهران على ما يبدو لإطلاقه تزامنا مع أوضاعها المقلقة على مختلف الاصعدة، فإنها تريد أن ترى مدى الفائدة التي يمكن أن تجنيها من وراء إثارته، خصوصا وإنها تواجه في الداخل أوضاعا مضطربة بحاجة الى شرارة ما لكي تندلع إنتفاضة "كبرى" يتخوف قادة النظام ويحذرون منها طوال الاسابيع الماضية، وكأن طهران تريد إفهام الشعب بأن أوضاعها على ما يرام وهي ليست لا تخاف من المواجهة بل وحتى إنها تسرع الخطى بإتجاهها، وكأنها تحذر الشعب الايراني من مغبة التحرك الكبير ضدها، وهذه أول رسالة يمكن فهمها من خلال هذا الخطاب.

الرسالة الثانية، فهي موجهة للمنطقة، رغم إن كل الاحتمالات ترجح أن يكون هناك تحشيد إيراني في المنطقة وخصوصا في العراق لخوض غمار أية مواجهة محتملة، مع إشعار بلدان المنطقة بأن تتحاشى الاصطدام بها والتأكيد لحلفائها من أنها أقوى من السابق وهي لن تتركهم لوحدهم.

أما الرسالة الثالثة فهي مرسلة للغرب وبشكل خاص للولايات المتحدة، مع ملاحظة إن إحتمالات إرسالها لتلك السفن الى غرب المحيط الاطلسي محض هراء لا يمكن أخذه على محمل الجد، لكن طهران تريد القول لواشنطن بأنها لازالت تستطيع أن تلعب بمهارة على ساحتها وفي سوح المنطقة وإن لا خوف عليها، ولكن لا يبدو أبدا بأن طهران هذه المرة تحديدا في مستوى التحديات خصوصا وإن خوفها الاكبر هو من إحتفالات رأس السنة الايرانية في 21 مارس آذار القادم وإحتمال أن تصبح تلك المناسبة يوم القصاص الشعبي منها!