'عمل المرأة في ظل التحديات الاقتصادية' كتاب ينتصر للنساء المسحوقات

التمييز السلبي

صدر عن دار االنيل والفرات للنشر والتوزيع كتاب جديد للباحث د. مططفى يسري عبدالغني، بعنوان \"عمل المراة في ظل التحديات الاقتصادية\"، ويشير المؤلف إلى أن أهمية عمل المرأة تكمن في أنه يساعدها على استقلال ذمتها المالية، ويمكنها من مواجهة صعوبة الأحوال الاقتصادية التي تمر بها البلاد، أما الوجه الإيجابي الآخر فهو توظيف نصف المجتمع في الإنتاج؛ وعلى الصعيد الاجتماعي تبرز أهمية العمل بالنسبة للمرأة في كونه ينتشل الأسر التي تفقثد العائل بسبب الطلاق، أو الوفاة من شرور الفقر، والعوز، وعلى الصعيد النفسي يوفر العمل لحواء فرصة جيدة لإثبات الذات، والإندماج الإيجابي في المجتمع.

ومع كل ما سبق من مزايا يجدر الإشارة إلى بعض السلبيات المقترنة بعمل المرأة، وخاصة عندما تجمع بين العمل في خارج المنزل، وبين العمل المنزلي، من تدبير شؤون الحياة، ورعاية الأسرة والأطفال، علاوة على ما تعانيه من المشكلات الزوجية، التي تظهر بسبب تداخل الأدوار والمسؤوليات التي يقوم بها كلا الزوجين، وكل هذه الأعباء تمثل ضغطًا من الناحية النفسية البدنية بالغ القسوة على المرأة العاملة.

* التمييز ضد المرأة:

تواجه المرأة العربية، والمصرية بصفة خاصة من ظاهرة التمييز السلبي في الأجر على أساس الجنس، وقد ذكر المؤلف في هذا الشأن أن المرأة في مصر لا تمثل سوى 32% من قوة العمل، وأن ما بين 70% وإلى 80% من النساء تعملن خارج القطاع الرسمي، وذلك وفقًا لإحصائيات 2016.

وتتجلى مشكلة العمل غير الرسمي في كونه يحرم النسوة من مظلة التامين الاجتماعي، والصحي، وهذا الغبن يجعلهن عرضة للنخاسة، والتحرش، وسوء المصير، وأضف إلى هذا ضعف العائد المادي من عنصر العمل، فعادة ما يكون الأجر هزيلا، ولا يلبي الاحتياجات الضرورية للأسر، حيث تعاني النساء المطلقات، والأرامل التي تعول ذويها من ضعف الدخل.

• القطاع غير الرسمي:

يقصد بالقطاع غير الرسمي هو كل الأنشطة الاقتصادية التي تقع خارج النطاق الضريبي، ويقدرها البعض بنحو 50% من حجم الاقتصاد المصري، كما أن معظم المجالات التي تعمل بها المرأة بصورة غير رسمية تدر عوائد تقل عن حجم الإعفاء الضريبي المحدد بنحو 12 ألف جنيه على الدخل تقريبا حسب تعديلات قانون الضرائب عام 2013، وهذا يدفعنا إلى القول بأن معظم ما تحصل عليه المرأة من أجر في العمل غير الرسمي تحت خط الإعفاء الضريبي، وهذا يرفع حجم الضغوط الاجتماعية على النساء العاملة في هذا القطاع.

وعادة ما تقبل النسوة العمل بأجور منخفضة؛ بسبب شدة الفقر، والأمية، وعدم امتلاك المهارات المناسبة لسوق العمل، علاوة على زيادة البطالة وزيادة المعروض من القوى العاملة عن احتياجات المشروعات القائمة.

تتنوع مجالات عمل المرأة المنتشرة في القطاع غير الرسمي مثل: الأعمال اليدوية، والزراعات في القرى، والبائعات المتجولات، وتجارة الملابس الجاهزة، والصناعة الغذائية البسيطة، وغيرها.

• مسئولية النهوض بالمرأة العاملة:

تعد الدولة مسئولة بوصفها الراعي الأول للمواطنين، ويمكن تلخيص حدود هذه المسئولية بضرورة مراجعة القوانين لسد الثغرات، وبما يضمن حقوق القوي العاملة، علاوة على مد مظلة التأمين الاجتماعي والصحي للجميع، أما المسئولية الكبري فهي تقع على أصحاب الأعمال الذين يمارسون التميز ضد المرأة، ومن ثم يجب التحرك على المستوي الرسمي لمنع هذا التميز، وعلى المستوى الثقافي لإقناع ممثلي رأس المال بضرورة تقدم أجر يتسم بالعدالة لكل العاملين في المؤسسات والشركات الصغيرة، والمتوسطة، والكبيرة، لأن التوازن يسهم في تعزيز الاستقرار الاقتصادي للمستثمر والعامل في آن واحد، وهذا ينعكس على الإنتاج بشكل إيجابي.

• المشروعات الصغيرة:

تكمن المشكلة في أن الصندوق الاجتماعي كمثال يقدم القروض للمشروعات الصغيرة بنسب متفاوتة، حيث يبلغ نصيب الرجال 70% والنساء 30% منها، وربما يرجع ذلك لخوف النساء من المغامرة، أو لعدم قدرة المقترضات على تقديم ضمانات كافية للحصول على القرض.

فعلى سبيل المثال بلغت القروض التي حصلت عليها النساء عام 2006 نحو 9238 قروضًا، وتراجعت هذه الأعدد إلى 2134 قرضًا عام 2012، وهي لا تمثل شيئًا يذكر في بلد يترواح عدد النساء فيه نحو 50 مليونًا تقريبًا.

أما المشكلة الثانية فهي تعدد شرائح القروض التي يمنحها الصندوق الاجتماعي، فهناك شرائح من القروض تبدأ من 10 آلاف جنيه، وغالبًا ما يستخدم هذا المبلغ الصغير في تسيير شؤون الحياة، أو تجهيز البنات للزواج، أو دفع مقدم لوحدة سكنية. ويتم عمل دراسات جدوى صورية لمشروعات لا وجود لها على خريطة الحياة.

أما المشروع الصغير التجاري والخدمي قد يصل حجم القرض الممنوح له نجو 3 ملايين جنيه، في حين يحصل المشروع الإنتاجي على مبالغ تصل إلى 5 ملايين جنيه، وبفائدة تبدأ من 5% ، للمراحل العمرية من 21 إلى 50 سنة بشرط أدنى وهو الحصول على مؤهل متوسط.

وهذا يعني أن هذه القروض سوف تستقر في مشروعات صغيرة ذات طابع استثماري لشرائح أخرى، أو لصالح صغار المستثمرين، مما يعني خروج النساء الفقيرات من نطاق الرعاية التمويلية.

• المشروعات المتناهية في الصغر:

تعد المشروعات المتناهية الصغر هي الملاذ للنساء الفقيرات، فقد قدمت الجمعيات الأهليىة نحو 111088 قرضًا عام 2006، تراجعت لنحو 17735 قرضًا عام 2012.

تقدم هذه القروض من الاتحاد العام للجمعيات الأهلية، حيث تتراوح قيمتها من 500 جنيه إلى 10 آلاف جنيه، وغالبًا ما تدور في فلك ألف جنيه لتغطية أكبر عدد ممكن، وهذه المبالغ رغم بساطتها قد تسمح لبعض النساء المعدمات في تسيير أمور الحياة بصورة أقل من حد الكفاف، فما هي إنتاجية مشروع رأس ماله 500؟ أو ألف جنيه؟

تتطلب المرحلة الحالية ضرورة تكامل التشريعات الحكومية مع تنشيط دور مؤسسات المجتمع المدني لمحاربة الفقر ودعم النساء اللاتي تعانين من فقدان العائل، وخاصة الأرامل، والمطلقات، وذلك لحماية المرأة والمجتمع من التنقلبات الاجتماعية الخطيرة.

ربما تتمثل الإضافة الحقيقة في هذا الكتاب في أنه ينضم إلى الأصوات النبيلة التي تنتصر للنساء المسحوقات، ويلح المؤلف مع من سبقه في هذا المجال في تكرار المطالبات بإنصاف المرأة.