الموسيقى العربية منذ الغناء للإبل وحتى النغم الالكتروني

آخر من بقي من كبار زمن النهضة الموسيقية العربية

باريس - يجول معرض في باريس على تاريخ الموسيقى العربية في عهودها المختلفة، من الحداء في الجاهلية إلى التكنو الشعبي إبان احتجاجات \"الربيع العربي\"، مرورا بما رافق ظهور الإسلام من تعبير نغميّ.

ويشكل هذا المعرض المسمى \"الموسيقى\" والذي بدأ الجمعة بتنظيم من \"فيلهارموني دو باريس\"، أكبر استعراض تاريخي لغنى الموسيقى العربية ابتداءً من أهازيج البدو في الصحراء في العصور الغابرة، وحتى يومنا هذا.

إضافة إلى ذلك، يشكّل المعرض مناسبة \"لمواجهة بعض الأحكام النمطيّة\" على العالم العربي في الغرب، في ظلّ النزاعات والاضطرابات وأزمة المهاجرين التي تلقي ثقلها على عاتق أوروبا، وفقا لفيرونيك ريفيل القيّمة على المعرض.

يأخذ المعرض زوّاره في رحلة تاريخية تعود بهم إلى أنغام بلاد العرب في العصر الجاهلي، مع أغاني الحداء التي كانت تغنّى على وقع أقدام الجِمال وهي تتحدى قيظ الصحراء، ومع القصائد العصماء التي أطلق عليها اسم \"المعلقات\" وشكّلت الأركان الأساسية في ديوان العرب، ومع القينات اللواتي كانت أنغامهن تُطرب الأسواق والحانات وبيوت المرفّهين في تلك الأزمنة.

وينساق المعرض مع المسار التاريخي للمنطقة، فيمرّ على ما ظهر مع ظهور الإسلام من تعبير نغميّ، ولا سيما الأذان.

وتقول ريفيل لمراسلة وكالة فرانس برس \"قيل لي إن موضوع الموسيقى في الإسلام هو من المحرّمات، لكن التعبير النغمي حاضر في الشعائر الدينية نفسها، في الأذان وقراءة القرآن\".

وإذا كان عدد من الآراء الفقهية ذهب إلى تحريم استخدام الآلات الموسيقية، إلا أن الرأي الآخر كان هو الغالب عمليا في أزمان النهضة العربية، ولاسيما في العصر العباسي والعصر الأندلسي حين اختلطت في الموسيقى ملامح الشرق والغرب.

ويعرّج المعرض أيضا على شخصيات طبعت تاريخ الموسيقى العربية من المعّلم زرياب في العصر العباسي، إلى أم كلثوم في القرن العشرين.

وتشير القيّمة على المعرض إلى الدعم الرسمي الذي كانت تحظى به الفنون والموسيقى خصوصا في عهود إسلامية مختلفة، وأن بعض الخلفاء كانوا يختارون مغنّيهم الخاص ممن يفضّلونه على سائر مطربي عصره.

بعد ذلك، ينتقل المعرض إلى الموسيقى الصوفية، ولاسيما مع دخول الإسلام إلى إفريقيا، مركّزا على الطرق الصوفية في المغرب والجزائر وتونس.

وإلى جانب كلّ ذلك، لوحة ضخمة للفنان شانت أفيديسيان تصوّر كبار المغنين العرب في القرن العشرين، من أم كلثوم وأسمهان، إلى فريد الأطرش وعبدالحليم حافظ.

ويمرّ المعرض أيضا على موسيقى لبنان وخصوصا فيروز، آخر من بقي من كبار زمن النهضة الموسيقية العربية، والمغنية الراحلة صباح وعدد من المغنين والمغنيات من المشرق.

ويخصص المعرض مساحة للفنانين العرب المهاجرين الذين \"أثروا الحياة الثقافية الفرنسية\"، بحسب القيّمة عليه التي تُذكّر أن موسيقى الراي المغربية انطلقت في الثمانينيات من فرنسا إلى كلّ العالم.

وتقول ريفيل \"الموسيقى العربية تُسمع اليوم في المسارح والنوادي الليلية والمقاهي.. لم تعد شيئا غريبا\".

يركّز القسم الأخير على الموسيقى العربية المعاصرة ولاسيما الموسيقى الشعبية الإلكترونية التي تمزج خاصيات الغناء الشعبي المصري مع الأصوات الكهربائية.

ويحضر في هذا القسم شعار \"الشعب يريد إسقاط النظام\" الذي ردّده الشباب في ساحات مصر وغيرها من دول \"الربيع العربي\"، قبل أن تغرق المنطقة في الاضطرابات والنزاعات الدامية.