منصب رئاسة مجلس النواب يوحد فرقاء الأنبار

الأوساط العشائرية والسياسية بالمحافظة العراقية تتجه لتبني مطالب موحدة بعد أن كانت تخوض حربا إعلامية كبيرة بالتزامن مع اقتراب موعد اختيار قيادات للمشاركة في الحكم.

الأنبار - الأوساط العشائرية والسياسية التي كانت في وقت قريب تخوض حربا إعلامية ضروسا قبل المعترك الانتخابي وبعده، تسعى اليوم إلى تبني مطلب موحد، وضع حول توحدهم هذا عشرات علامات الاستفهام.

ما أن أعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات النتائج النهائية لعمليات العد والفرز اليدوي التي طال انتظارها بعد التشكيك بالنتائج التي تم إعلانها في تموز (يوليو) الماضي، سارعت غالبية الكتل والأحزاب السياسية إلى عقد اجتماعات مفتوحة، لتشكيل تحالفات تؤسس إلى الكتلة الأكبر التي ستتولى قيادة دفة الحكم لأربع سنوات قادمة.

محافظة الأنبار (110كلم) غرب العاصمة بغداد هي الأخرى لم تهدأ ومازالت تخوض معتركا يوصف بالمصيري، والمتمثل باختيار شخصية سياسية تحظى بقبول وتأييد الجميع لتولي منصب رئيس مجلس النواب المخصص للمكون السني، إذ تصدر عدد من المرشحين لهذا المنصب، يسعون إلى كسب ثقة قادة الكتل السياسية، للحصول على الإجماع لتولي هذا المنصب.

محمد ريكان الحلبوسي محافظ الأنبار والفائز بأعلى نسبة تصويت عن تحالف الأنبار هويتنا، يسعى إلى اعتلاء منصب رئاسة البرلمان من خلال مناصريه الذين شرعوا بإقامة عدد من الندوات والمؤتمرات الشعبية لإعلان مطلبهم المؤيد لهذا الترشيح.

الحلبوسي من مواليد 1982 ولد في مدينة الكرمة وتخرج من كلية الهندسة، وعمل في مجال المقاولات والإنشاءات من خلال شراكات متعددة بين شركة بيت الحديد التي يمتلكها والده وشركات ومنظمات أخرى، نفذت عددا كبيرا من المشاريع في محافظة الأنبار.

رشح لأول مرة في الانتخابات النيابية لعام 2014 عن كتلة الحل التي يتزعمها جمال الكربولي، ونجح في الوصول إلى مجلس النواب، صوت مجلس محافظة الأنبار في 29 آب (أغسطس) 2017على اختياره لمنصب المحافظ، خلفا للمحافظ السابق صهيب الراوي.

بزغ فجر الحلبوسي حينما سيطر تنظيم داعش عليها وأطل الرجل عليها بدور المنقذ واستثمر كل الظروف والمعطيات التي ساعدته في بناء قاعدة جماهيرية لا يمكن منافستها، في فترة وجيزة لا تتعدى العامين.

ليس غريبا أن ترتفع الأصوات المؤيدة ضمن نشاطات جماهيرية يتم الترويج لها إعلاميا وتعرف على أنها مطلب جماهيري، على الرغم من وجود آراء متعددة تنافي ما يذهب إليه المناصرون أو المعارضون، لكن الأغرب أن تجد بين هذه الجماهير ضمن المؤتمر الواحد شخصيات أعلنت في وقت سابق معارضتها للحلبوسي، فضلا عن إلقاء التهم المتعددة للكتلة التي ينتمي إليها.

فعندما تجد شخصية بثقل شخصية الشيخ حميد الهايس المعروف بتصريحاته وآرائه حول السياسيين في الأنبار، تبحث عن سبب حقيقي يجيبك عن دواعي هذا الإجماع، الذي ألف بين قلوب الفرقاء ووضعهم على منصة واحدة.

الهايس وهو رئيس مجلس إنقاذ الأنبار، تحدث قائلا "لم أكن اعلم بأنني مدعو إلى مؤتمر عشائري يتم الإعلان من خلاله عن ترشيح المحافظ لمنصب رئيس البرلمان، لكنني وجدت نفسي في فخ لا اعرف كيف وضعت فيه".

ويستدرك "الكل يعرف موقفي من سياسيي الأنبار ووجودي ضمن المؤيدين لم يتعد مبدأ المجاملة التي اضطررت إليها لبعض الشخصيات الراعية لهذا المؤتمر، الذي لم يتجاوز عدد الحاضرين فيه من المؤثرين والمعروفين عشرين شخصا، كما أن المؤتمر لا يمثل كل عشائر الأنبار، علاوة على ذلك فهو لم يعقد في محافظة الأنبار بل عقد في منزل احد الشخصيات في العاصمة بغداد".

محمد ريكان الحلبوسي
مرشح مثير للجدل

منصب رئيس مجلس النواب لا يمكن اختزاله بإرادة محافظة أو مطلب عشائري لأنه منصب سيادي يصارع من اجله مكون برمته مدعوم من قبل جهات سياسية إقليمية وعربية ودولية، ومن غير الممكن أن تؤثر هذه المطالب على أجندات تسعى إلى فرض هيمنتها ونفوذها داخل المعترك السياسي العراقي.

الشيخ عبد الرحمن الزوبعي رئيس مجلس عشائر الفلوجة، فوجئ أيضا بمضمون هذا المؤتمر ولم يكن يعلم أن حضوره سيكون لترشيح الحلبوسي، على الرغم من إشادته بالنجاح الذي حققه الأخير في إدارة المحافظة.

الزوبعي تحدث قائلا إن "المؤتمر لا يمكن التعويل عليه لأنه ممارسة شعبية داخلية لا يمكن لها أن تؤثر على تفاهمات دولية وإقليمية، ومنصب رئاسة مجلس النواب يأتي ضمن محاصصة تتفق عليها جميع الأطراف السياسية".

ويقول أيضا إن "نجاح الحلبوسي في إدارة محافظة الأنبار وتمثيلها من قبل في مجلس النواب يجعله في صدارة الأشخاص التي من الممكن أن تتولى مناصب قيادية وإدارية عليا، إلا أن منصب رئاسة مجلس النواب لا يكتفي بهذه المواصفات التي يمتلكها المرشح فلابد لرئيس مجلس النواب أن يمتلك خبرة وعلاقات جيدة على المستويين المحلي والدولي".

وفي إطار العلاقات الدولية لابد أن ترشح عن تلك المؤتمرات والتحالفات إرادات دولية تتمثل بدعم شخصية ما واستبعاد أخرى، ولعل الفيتو الذي تمتلكه السعودية وقطر وتركيا يؤثر كثيرا في مخرجات العملية السياسية.

عبد الرحمن اللويزي عضو مجلس النواب العراقي عن محافظة الموصل، أشار في تصريح متلفز إلى أن "حمى الصراع بين السعودية وقطر، دفعت السعودية إلى استباق الأحداث وإعطاء الضوء الأخضر إلى تحالف المحور الذي تشكل مؤخرا وإعلان دعمها لترشيح الحلبوسي".

بين الضغوط السياسية الداخلية والخارجية، وإرادة الجماهير التي تسعى إلى امتلاك تمثيل سيادي، يجد بعض المراقبين والمحللين أن هذا الإجماع النادر يشير إلى مخططات كبرى، ربما تسعى إلى تسقيط النماذج السياسية الناجحة.

إبراهيم مصلح احد وجهاء مدينة الفلوجة (60كلم) غرب العاصمة بغداد تحدث حول الموضوع وقال إن "إصرار الجميع على ترشيح الحلبوسي واجتماع الفرقاء حول هذا المطلب، هو بمثابة فخ يراد به أن يتم تسقيط محافظ الأنبار الذي ثبت للجميع انه أهل للقيادة، ويبدو أن النجاحات التي حققها والسرعة التي وصل بها إلى قلوب الجميع أخافت الكثيرين".

ويقول أيضا "كل من تسلم رئاسة مجلس النواب لم ينجح في خدمة مناصريه، والسبب بكل تأكيد لأنه سيعمل من اجل العراق عموما وهذا ما يريدونه وهو أن يكون الرجل بعيدا عن مناصريه ليفقد تأييدهم والتفافهم حوله، كما حصل مع شخصيات لمع نجمها السياسي في السابق وتسلمت رئاسة مجلس النواب ثم خسرت قاعدتها الجماهيرية". (نقاش)