هل يضحي التيار العوني بباسيل بعد رفع السرية عن حسابات وزرائه

خلافات داخل التيار الوطني الحر وتكتل لبنان القوي ومحيط الرئيس ميشال عون تجعل جبران باسيل في عزلة من المنتظر أن تنتهي بالتضحية به.

بيروت - أعلن التيار الوطني الحر عن رفع نوابه والوزراء المشاركين في حكومة سعد الحريري، السرية المصرفية عن حساباتهم في وقت شدد فيه المتظاهرون اللبنانيون على تمسكهم باستقالة الحكومة وفي مقدمتها رئيس التيار الحر ووزير الخارجية جبران باسيل.

وقال عضو تكتل "لبنان القوي" النائب إدي معلوف، الإثنين، إن نواب (27) ووزراء (11) التّيار العوني الذي يقوده باسيل، وقّعوا كتبا لرفع السرية المصرفية عن حساباتهم في لبنان والخارج.
جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي عقده معلوف بالعاصمة بيروت بعنوان "كلّن (كلكم) يعني كلّن برفع السريّة المصرفيّة ونحنا أولن (أولهم)"، في تبني واضح لشعار المحتجين الذين طالبوا برحيل "كل" الوزراء الحاليين دون استثناء.

وباسيل الذي تربطه قرابة عائلية بالرئيس اللبناني ميشال عون (صهره) من أبرز الوجوه السياسية في الحكومة الحالية التي اتفق المحتجون على المطالبة بتنحيه، حيث كانت أبرز الهتافات اللاذعة التي رفعت خلال الـ12 يوما من الاعتصامات والاحتجاجات في المدن اللبنانية هتاف "هيلا هيلا هو" الذي بات يردد في الساحات بمعظم المدن والمناطق ضد وزير الخارجية.

وبالإضافة إلى مطلب تنحي باسيل هتف اللبنانيون بـ"سقوط العهد" في إشارة إلى رئاسة الجمهورية.

ويتهم اللبنانيون باسيل الذي يلقب في لبنان بـ "وزير العهد" بالفساد وبمحاولة الاستئثار بالحكم استعدادا للترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة بحكم قرابته من الرئيس ميشال عون إضافة إلى اتهامه بالتبعية لحزب الله الذي يسيطر على الحكومة.

وكتبت ناشطة على تويتر "استقالة الحريري من دون سقوط العهد لن تجدي نفعاً. نريد إسقاط الهرم أي رئيس الجمهورية الذي استلم الحكم وأصبح تابعا لحزب الله وسوريا.

ويقول مراقبون للشأن اللبناني إن اضطرار التيار الحر الذي كان قد أطلقه رئيس البلاد منذ سنوات، إلى تقديم تنازلات يعد خطوة محسوبة تهدف لامتصاص الغضب من الحزب الذي اتهم رئيسه بأنه "أكبر رموز الفساد في لبنان"، خصوصا أن محاولة حليفه حزب الله فض المظاهرات بالقوة عبر اللجوء إلى نشر ميليشياته بين المحتجين الأسبوع الماضي لترهيبهم، فشلت.

واعتبر معلوف خلال المؤتمر الصحفي إن "خطوة رفع السرية المصرفية هدفها الوصول إلى منظومة قوانين مكافحة الفساد، منها استرداد الأموال المنهوبة، ورفع السريّة المصرفيّة، والهيئة الوطنيّة لمكافحة الفساد، لكيّ يتم إسترداد أموال الدولة".

وفي وقت سابق الاثنين التقى وفد من تكتّل "لبنان القوي" في عين التينة، برئيس مجلس النواب نبيه بري، للتباحث في موضوع رفع السريّة المصرفيّة عن أعضاء الكتلة.
وقال أمين سرّ التكتّل، النائب إبراهيم كنعان إن "هناك تشريعات مهمّة ويُحكى عنها في هذه المرحلة تتعلق بمكافحة الفساد والمحاسبة واسترداد الأموال المنهوبة إضافة لرفع الحصانات وكلّ هذه القوانين تقدّمت بها كتلتنا وآن الآوان للقيام بخطوة جديّة تجاه إقرارها".
وأضاف "سيكون لبري قرارًا بتفعيل الهيئة العامة واللّجان ونأمل أن تكون جلستنا باباً لانتظام عمل المؤسّسات الدستوريّة".
وأعرب كنعان عن أمله في أن يتمّ إقرار إنشاء المحكمة الخاصّة بالجرائم الماليّة.

لكن السياسي اللبناني ووزير العدل السابق أشرف ريفي عبر عن رفضه تبني الحكومة الحالية حملة محاربة الفساد باعتبار أن الوزراء الذين يمثلونها هم المسؤولون عنه.

وكتب ريفي على تويتر "المجتمع المدني هو الوحيد المؤهّل لإعداد قوانين مكافحة الفساد واستعادة الأموال المنهوبة والإثراء غير المشروع. لا ثقة بأن طبقة الفساد هي من ستكافح فسادها.

ومنذ 17 أكتوبر/تشرين الأول، لم تتوقف المظاهرات المطالبة باستعادة المال المنهوب ومحاسبة الفاسدين في لبنان، رغم محاولة الزج بقوات الأمن والجيش في صدام مع المحتجين ومشاركة مناصرين لحزب الله في الاعتصامات لخلق توترات تفشل الحراك.

ولم يتراجع الحراك الشعبي في المدن اللبنانية بعد 12 يوما من التظاهر، حيث انتشرت قوات الأمن بأعداد أكبر اليوم الاثنين، في بيروت، لكنها لم تحاول إجبار المحتجين على إزالة الحواجز التي عرقلت الحركة في مناطق كثيرة من البلاد.

وعاد اللبنانيون الاثنين إلى ساحات الاعتصامات في بيروت وعدد من المحافظات في الشمال والجنوب والبقاع على اختلاف انتماءاتهم ودياناتهم وأعمارهم بصرخة موحدة تطالب الحكومة الحالية بالاستقالة.

وفي أحد الشوارع المؤدية لوسط بيروت أغلق المحتجون اليوم الاثنين، كل الشوارع الجانبية بحواجز مؤقتة في مؤشر على انسداد الأفق أمام حكومة الحريري التي لم يبقى أمامها سوى الاستقالة.

والتيار الحر كما حليفه حزب الله لم يقبل باستقالة الحكومة الحالية بل عرضا تغيير بعض الوجوه فيها وهو ما اعتبره المحتجون ذر رماد على العيون لتفادي سقوط بعض الوزراء.

في المقابل شدد المتظاهرون الذين يفترشون الشوارع منذ أكثر من أسبوع، على المضي قدما في التظاهر والاعتصام حتى تسقط كامل الحكومة التي يتم فيها تقاسم المناصب حسب الطوائف، ورئاسة البلاد التي تعدّ الوراثة السياسية أمراً شائعاً داخل العائلات والأحزاب. 
وسبق وأن رفض اللبنانيون خطاب الرئيس اللبناني الأخير والورقة الإصلاحية التي وضعها رئيس الحكومة سعد الحريري، مطالبين عون بالتخلي عن مساندة "صهره" الذي يسعى بشتى الطرق إلى إدارة العملية السياسية في البلاد ضمن محاصصات حزبية وشخصية، والحريري بالاستقالة الإصغاء إلى مطالب المحتجين التي تنادي بمحاسبة الفاسدين حتى يتم تجنيب انزلاق البلاد نحو الكارثة.

وكان ابن شقيق عون آخر المناهضين لتصرفات باسيل، حيث انضم إلى المحتجين وطالب على صفحته على فيسبوك بتنحيه وكتب "لم يعد مسموحاً بقاء باسيل وزيراً وناطقاً بإسم الرئيس.. إنه اليوم الأكثر رفضاً من الناس!".
وأضاف جوزيف عون "كالعادة يغامر (ياسيل) برصيد الرئيس عون وكل مسيرته من أجل لبنان وبسمعة تياره وعهده وبمصير البلاد نتيجة اصراره على البقاء في موقعه رغم أنه رئيساً للتيار وبالتالي رئيساً لكتلة وزرائه ".
وتابع "فخامة الرئيس، أوقف كل الزاحفين إلى مواقع السلطة، عندئذٍ يصبح بإمكاننا استرداد ما اتصفنا به من حكمة وانفتاح، لإخراج الوطن من المأزق الذي يتخبط فيه".

يذكر أن النائب شامل روكز عضو تكتل "لبنان القوي" الذي يرأسه باسيل، عبر عن مساندته للمظاهرات، حيث كانت تصريحاته المطالبة بتغيير الحكومة وليس تعديلها، لافتة خصوصا أنه هو الآخر صهر الرئيس عون.

وتتوقع مصادر لبنانية أن تؤدي الخلافات المتفاقمة داخل التيار العوني وتكتل لبنان الحر وأيضا الدوائر المحيطة برئيس الجمهورية منذ بداية المظاهرات، إلى انشقاقات في حال لم يتم إبعاد باسيل عن إدارة الحزب واستقالته من الحكومة.