حوار الطرشان بين الحكومة واللبنانيين يحسمه نفاد المواد والسيولة

المتظاهرون يصرون على استكمال حراكهم بقطع الطرقات حتى الإطاحة بكل الحكومة التي لا تبدو ماضية إلى الاستقالة أو حتى تعديل وزاري.

بيروت - لم يختلف المشهد في اليوم الثالث عشر من الاحتجاجات في لبنان، إذ يستمرّ المحتجّون بقطع الطرقات الحيويّة وشلّ حركة البلاد، رغم محاولة القوى الأمنيّة والجيش إعادة فتحها.
وأفادت غرفة التحكم المروري في لبنان، عبر صفحتها على تويتر الثلاثاء، أنّ الطرقات المقطوعة ضمن نطاق بيروت هي "جل الديب، جسر الرينغ، الصيفي، الشفرولية، ساحة ساسين".

وأوضحت أنّ الطرقات المقطوعة من الجنوب باتجاه بيروت هي "صور، صيدا تقاطع ايليا، الجية مفرق برجا، خلدة".
كما قطعت الطرقات ضمن نطاق مدينة طرابلس (شمال) باتجاه "ساحة النور، مستديرة السلام، جسر البالما، البحصاص، المنية، شكا، البترون".
وكانت الاحتجاجات في لبنان قد بدأت في 17 أكتوبر/ تشرين أول الجاري، رفضًا لمشروع حكومي لزيادة الضرائب على المواطنين في موازنة 2020، قبل أن ترفع سقف مطالبها إلى استعادة الأموال المنهوبة، ومكافحة الفساد المستشري ومحاسبة المفسدين، وفق المحتجين.
ومع رفض المحتجين والمعتصمين في الساحات الرئيسية للمدن للاصلاحات التي اقترحتها حكومة سعد الحريري، بقيت بعض المؤسسات الحكومية مثل المصارف والإدارات، والمحلات مغلقة حيث بدأت بعض المواد الأساسية تسجلا نقصا ينذر بتأزم الوضع أكثر.

 وكشفت الوكالة الوطنيّة (رسميّة)، اليوم الثلاثاء، أنّ مادتي البنزين والمازوت بدأتا بالنفاد تباعًا من محطات الوقود في محافظة عكار، حيث أقفلت بعض المحطات أبوابها أمام الزبائن.
وأوضحت صحيفة "الجمهورية" (محلّية)، أن "مادّة المحروقات المتوافرة وفق التقديرات لا تكفي لأكثر من أسبوعين، في حين أن احتياطي الطحين يكفي لحوالي 18 يومًا".
من جهتها، أكّدت صحف أخرى محلية أن إحدى سلبيّات قطع الطرق بدأت تظهر من خلال نفاد المواد الأساسيّة مثل الطحين والبنزين في بعض المناطق، كما هو حاصل في الضنيّة وطرابلس وصيدا.
إلى جانب ذلك، يتواصل ارتفاع أسعار بطاقات الخلوي حتى بات يتراوح أخيراً، وفق جمعية المستهلك التي حذّرت، الاثنين، من تعميم انتشار ارتفاع الأسعار على بقيّة الخدمات.
بدورها قالت جمعية مصارف لبنان، الاثنين، إن البنوك ستبقى مغلقة الثلاثاء لليوم العاشر، لكنها تابعت أن المصرف المركزي قام بتأمين السيولة اللازمة لسداد رواتب موظفي القطاع العام.
ولايزال المتظاهرون المعتصمون لليوم الـ13 يشددون على ضرورة رحيل كامل الحكومة تحت شعار "كلن يعني كلن"، حيث يفترشون الشارع رافضين الانسحاب وفتح الطرقات، لكن الأزمة تراوح مكانها فالحكومة لا تبدو ماضية إلى تعديل وزاري.

ولم تعد فكرة تغيير الحكومة التي تم تداولها ومناقشتها سريعًا بين الأحزاب والنواب، مطروحة بعد أن وصلت مطالب المحتجين إلى طريق مسدود مع السياسيين الرافضين للاستقالة.

وقال رئيس مجلس النواب، نبيه برّي، أمس الاثنين، في تصريح لصحيفة محلية إن التغيير الحكومي ليس واردا حتى الآن، متسائلا: "من يضمن أن الحراك سيتوقف عند هذا الحدّ، ولن يشترط تحقيق مطالب أخرى للخروج من الشارع، خصوصاً أنّ الناطقين باسم هذا الحراك كثر ومطالبهم متفاوتة؟".

وأشار بري إلى أنه "يجب إطلاق عمل اللجان النيابية، خصوصًا لجنة المال التى ينبغى أن تبدأ فى دراسة مشروع موازنة العام المقبل 2020 الذى أعدته الحكومة".

في المُقابل، شكّل تصريح حاكم مصرف لبنان، رياض سلامة، لشبكة "سي ان ان"، أمس الاثنين، ريبة في الشارع اللبناني، حيث كشف أنّ "الانهيار الاقتصادي في لبنان مسألة أيام، وإننا نحتاج إلى حل فوري من أجل معالجة الأزمة".
إلّا أنّه بعد وقتٍ قليل، نفى في حوار إعلامي ما قاله، مؤكّدا "أن العنوان الذي وضعته "سي ان ان" لا يتماشى مع كلامه".
وأوضح سلامة أنّ ما قاله "هو أننا نحتاج حلًا فوريًّا خلال أيّام لاستعادة الثقة وتفادي حدوث انهيار في المستقبل".
وأشار رئيس الحزب التقدي الاشتراكي، النائب السابق وليد جنبلاط، في تصريح له عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أنّه "لا شك بأن النداء المشترك والتحرك المشترك للجامعة الأميركية والجامعة اليسوعية في تحركهما لدعم الحراك هو بارقة أمل كبرى للمستقبل".
والتزم عدد كبير من المدارس الرسميّة والمدارس الخاصّة بقرار "الإقفال حتى إشعار آخر"، الذي أصدره وزير التربيّة اللبناني أكرم شهيب.
وكانت حكومة الحريري، أعلنت الأسبوع الفائت، عن سلسلة إجراءات تهدف لتهدئة المحتجّين وتنفيذ إصلاحات طال انتظارها لسدّ ثغرات في الميزانيّة العامّة.