
إلى أين يتجه لبنان بعد استقالة الحريري؟
بيروت - يعيش لبنان المثقل بالديون في السنوات الأخيرة حالة من اضطرابا سياسيا قد تتسع هوته بعد استقالة رئيس الوزراء سعد الحريري اليوم الثلاثاء، فضلا احتجاجات مستمرة منذ نحو أسبوعين اعتراضا على سوء الوضع الاقتصادي والمعيشي ومطالبة باستقالة الحكومة.
وينفتح لبنان بعد قرار استقالة الحريري مشهد سياسي غامض في ظل الأزمة التي يعيشها، حيث يمكن أن يعود البلد إلى دائرة الفراغ السياسي والعنف.
ويبدو أن المشهد السياسي في لبنان سيفاقم حتما المخاطر الاقتصادية في بلد يحتاج إلى مصادر جديدة للتمويل بعد أن نضبت التمويلات الأجنبية المعتمدة تقليديا من قبل بيروت.
استقالة الحكومة اللبنانية قد تنتهي ببلد يهيمن عليه حزب الله، وهو ما سيصعب عملية جذب الاستثمارات والتمويلات من دول الخليج والغرب
ويشير تسارع وتيرة الأحداث وتطوره إلى أن الأزمة في لبنان قد تدفع البلد إلى مرحلة لا يمكن التنبؤ بها، إذ أن استقالة حكومة الحريري قد تنتهي ببلد يهيمن عليه حزب الله، ما يصعب عملية جذب استثمارات جديدة وتمويلات من دول الخليج أو حتى الدول الغربية.
وذكر تقرير نشره موقع روسيا اليوم؛ توقعات صندوق النقد الدولي بأن يصل عجز الحساب الجاري في لبنان إلى حوالي 30 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي نهاية هذا العام، فيما أصدر الصندوق تقرير جديدا تزامن مع الاحتجاجات التي يشهدها بالبلد منذ 13 يوما، توق فيه نسبة النمو الاقتصادي المنخفضة في 2018 بـ0.3 بالمئة، ستظل راكدة في ظل حالة عدم اليقين وانفتاح البلد على المجهول.
كما أن هناك توقعات بارتفاع الديون العامة إلى نسبة 155 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول نهاية العام الجاري.
ومن المؤكد أن تزعزع حالة عدم الاستقرار الأمني والسياسي في البلد، ثقة المستثمرين بالاقتصادي اللبناني، وهو ما يعكس حالة من الانكماش في الاقتصادي اللبناني المتراجع أصلا.
وأعلن رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري استقالة حكومته بعد وصول جهوده لحلّ الأزمة الراهنة إلى طريق مسدود، على ضوء خلافات سياسية وحراك شعبي عابر للطائفية، لم يهدأ مطالبا برحيل منظومة الحكم القائمة على المحاصصة.

وعلى ضوء استقالة الحريري أعلن وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان أن لبنان "يمر بأزمة خطيرة جدا منذ 15 يوما مع تظاهرات شعبية حاشدة وحوادث وتوترات وأزمة ثقة".
وقال أمام الجمعية الوطنية "مع هذه الأوضاع تدعو فرنسا المسؤولين اللبنانيين إلى بذل كل الجهود لضمان استقرار المؤسسات ووحدة لبنان"، معتبراً أن إعلان سعد الحريري استقالته "يفاقم الأزمة".
وتذهب تحليلات إلى أن المحتجين الرافضين للنظام السياسي في لبنان وتبعا لاستقالة الحريري، سيمارسون مزيدًا من الضغط كي ترحل بقية "التركيبة السلطوية"، فيما خرج في بيروت مؤيدون للحريري يطالبون باستقالة الرئيس ميشال عون ورئيس البرلمان نبيه بري.
من جانبه دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش جميع القوى السياسية في لبنان إلى الهدوء، مطالبا قوات الأمن بحماية المتظاهرين السلميين والمحافظة على أمن البلاد.
جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي عقده فرحان حق نائب المتحدث الرسمي باسم غوتيريش، بالمقر الدائم للمنظمة الدولية بنيويورك.
وقال حق إن "الأمين العام للأمم المتحدة أحيط علما باستقالة الحريري في وقت سابق اليوم، وهو يدعو جميع الأطراف للمحافظة على الهدوء، ويطالب قوات الأمن بالمحافظة على أمن البلاد وحماية المتظاهرين السلميين".
وأضاف: "نأمل أن تتوافق جميع القوى السياسية، وتجتمع معا بحيث تتم المحافظة على السلام والأمن في هذا البلد".
وانحنى الحريري الذي اختارته عائلته ليكون الوريث السياسي لوالده رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري، لعاصفة الاحتجاجات.
وأفل نجم الحريري باستقالة اليوم بعد أن أصبح أحد أهم الأقطاب السياسية ببلاده منذ العام 2005 سنة اغتيال والده.
وتزعّم الحريري الابن تيار المستقبل بعد اغتيال والده، وشكل تكتل "قوى 14 آذار" الذي ضم قوى سياسية لبنانية أبرزها تياره والحزب التقدمي الاشتراكي وحزب الكتائب والقوات اللبنانية.
وانتخب الحريري (49 عاماً) عام 2005 نائباً في البرلمان اللبناني، ثم أعيد انتخابه لدورة البرلمان لعام 2009، وتمكنت "قوى 14 آذار" من الحصول على الأكثرية النيابية في الدورتين، فيما انتخب نائبا للمرة الثالثة في 2018 حيث تراجعت كتلته البرلمانية من 35 نائبا إلى 21.