إغراءات تركية لاستقطاب الطلبة الأجانب لدراسة الخطابة والشريعة
أنقرة - تظهر الإغراءات التركية في عملية استقطاب الطلبة الأجانب للدراسة في تركيا عبر تسهيلات وتكاليف رمزية، سعي حزب العدالة والتنمية الإسلامي إلى نشر أفكاره خارج الوطن في إطار إستراتيجية توسيع النفوذ من أبواب التعاليم الدينية.
وفي هذا الإطار أعلن وقف الديانة التركي السبت بدء تسجيل الطلاب الأجانب في برنامجي المنح الدولية لطلاب كلية الشريعة (ليسانس) والمنح الدولية لطلاب الأئمة والخطباء (الثانوية) للعام الدراسي 2020-2021.
وأكد الوقف في بيان أن البرنامجين يأتيان في إطار التعاون بين وزارة التربية ورئاسة الشؤون الدينية وكليات الشريعة في تركيا ووقف الديانة التركي؛ لاستقبال طلاب من خارج تركيا في ثانويات الأئمة والخطباء وكليات الشريعة.
وأوضح البيان أنه يمكن للراغبين تسجيل طلباتهم عبر موقع وقف الديانة التركي في الإنترنت حتى تاريخ 15 مارس/آذار، مضيفا أن شروط التسجيل في البرنامجين متوفرة في موقع المنظمة.
وأنشأت تركيا على مر عقود مئات المدارس لتعليم الأئمة وتكوين الخطباء وركزت جل اهتمامها في العقد الأخير على هذه المعاهد، حيث خصصت لها مبالغ مالية ضخمة.
وساهمت هذه المعاهد في تكوين آلاف الخطباء والأئمة وفق دروس ومناهج إسلامية خاضعة لرؤية الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وحزبه.
وتقلد عدد كبير من خريجي هذه المعاهد مناصب رفيعة في الدولة من بينها مناصب سياسية وبرلمانية، في خطوة تعكس خطط حزب العدالة والتنمية في السيطرة على مفاصل الدولة واستمالة الرأي العام وكسب تأييده في معارك انتخابية قادمة، وذلك عبر ترسيخ مناهج فكرية محاطة بخطاب ديني تأثيري يتم تطويعه وفقا لأيديولوجيات الحزب.
كما تحرص المعاهد الدينية التي خصصتها تركيا للذكور والإناث، على خلط الطلاب الأجانب والأتراك وعدم فصلهم، لضمان فرض مزيد من التأثير الديني عليهم.
ويسعى أردوغان إلى ترسيخ رؤية حزبه وأفكار الإسلام السياسي داخل تركيا وخارجها عن طريق التوسع في التعاليم الدينية، ما أثار قلقا في صفوف بعض الأتراك وتسبب في اختلافات حادة بين الآباء والمدرسين والمسؤولين التعليميين حول دور الإسلام في التعليم واستغلاله لأهداف حزبية وسياسية ضيقة.
ويقبل على هذه المعاهد عشرات الآلاف من الطلبة العرب والأجانب. ويخشى مراقبون من أن يستغل حزب العدالة والتنمية تدريس المناهج الدينية وإخراجها عن سياقها لفرض الفكر الديني على الطلبة الأجانب من وجهة نظر تركية عثمانية بحتة.
وعززت هذه المدارس جدلا واسعا داخل تركيا وخارجها بشأن التأثير الملحوظ لحكومة أردوغان على الأتراك الأجانب من بينهم السوريين المقيمين بالأراضي التركية.
ويقبل عشرات الآلاف من الطلبة العرب في تركيا على تلك المدارس بهدف التعاليم الدينية وصونا للغة العربية، فيما يمثل إحياء الرئيس التركي لمدارس الأئمة والخطباء جزءا من حملته لجعل الدين محور الحياة والسيطرة على تركيا التي خضعت على مدى عقود لهيمنة العلمانيين.
وتشكل المعاهد التي تستقطب آلاف الطلاب الأجانب بالإضافة إلى الطلاب الأتراك، بوابة للنفوذ التركي في الداخل والخارج ووسيلة رئيسية لخدمة أجندة أردوغان الذي يطمح لتحقيق أحلام واهية في استعادة أمجاد الإمبراطورية العثمانية.
وتجدر الإشارة إلى أن هناك جدل مستمر بين تركيا وألمانيا حول بعث السلطات التركية أئمة لنشر خطب دينية في مساجد ألمانية.
وأثار ذلك توجسا ألمانيا من التمدد الفكري الإسلامي التركي إلى أراضيها، حيث رفض ألمان مؤخرا قرارا فتح مدارس تركية على أراضيهم.
وكانت تركيا قد طلبت في يناير/كانون الثاني افتتاح مدارس في ألمانيا، حيث يعيش أكثر من ثلاثة ملايين شخص تركي أو من أصل تركي يشكلون أكبر جالية تركية في العالم، في برلين وكولونيا وفرانكفورت.