موسكو تستقبل نائب السراج بملف السجناء الروس في طرابلس

وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف يفتح ملف المساجين الروس في ليبيا خلال محادثات مع نائب رئيس حكومة الوفاق الليبية الذي وصل موسكو لبحث عودة المفاوضات مع الجيش الوطني الليبي برعاية الأمم المتحدة.

موسكو - رفعت روسيا ورقة استعادة مواطنيها المسجونين في ليبيا في وجه حكومة الوفاق فور وصول نائب رئيسها أحمد معيتيق اليوم الأربعاء إلى موسكو بينما توجه فائز السراج إلى أنقرة، حيث أجبر على العودة إلى طاولة المفاوضات بحثا عن وقف لإطلاق النار بعد ان استقوى خلال الفترة الماضية بالدعم العسكري التركي.

وقال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف بعد محادثات أجراها مع معيتيق اليوم الأربعاء في موسكو إن وجود سجناء روس في العاصمة الليبية طرابلس يمثل العقبة الرئيسية أمام التعاون بين البلدين.

وأوضحت وزارة الخارجية الروسية في بيان أنه "خلال محادثة مفصلة، تم تبادل وجهات النظر بشأن تطور الوضع في ليبيا وحولها. وفي الوقت نفسه، أكد الجانب الروسي أهمية الوقف المبكر للأعمال العدائية وتنظيم حوار شامل بمشاركة جميع القوى السياسية والحركات الاجتماعية الليبية الرائدة".

وأضاف البيان أن المحادثات تطرقت إلى مسألة المساجين الروس في ليبيا حيث "تم طرح على الجانب الليبي مرة أخرى مسألة ضرورة الإفراج السريع وغير المشروط عن المواطنين الروسيين مكسيم شوغالي وسامر سويفان، اللذين تم اعتقالهما في طرابلس في مايو 2019".

وفي أبريل الماضي، أكد رئيس صندوق حماية القيم الوطنية بروسيا، ألكسندر مالكيفيتش، أن عالم الاجتماع الروسي، مكسيم شوغالي، بعث برسالة من معتقله في ليبيا إلى زوجته بعد أن تناقلها نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال مالكيفيتش عبر حسابه على موقع تلغرام "أخبار مهمة، أؤكد أن المعلومات التي تم تداولها في القسم العربي من شبكات التواصل الاجتماعية ونشرت في وسائل الإعلام صحيحة مئة بالمئة".

ويقبع شوغالي في سجن معيتيقة منذ أن جرى استدعاؤه من قبل حكومة الوفاق لزيارة طرابلس ليتم إلقاء القبض عليه رفقة مترجمه سامر سويفان لاحقا، ثم تحدثت وسائل إعلام عن إمكانية هروبه من الأسر مع مئات السجناء الآخرين خلال اقتحام سجن معيتيقة في مارس الماضي من قبل مجموعة من الميليشيات التي تمردت على حكومة السراج على إثر ختلافات بينها وسعت لإخراج بعض المساجين الموالين لها رغم ارتكابهم لجرائم خطيرة بالقوة.

وكانت الخارجية الروسية قد أكدت في مايو الماضي أنها ستواصل جهودها لتحرير شوغالي باستخدام جميع الإمكانيات والقنوات المتاحة ذات التأثير في هذا الشأن.

ووجهت الخارجية الروسية توصيتها العاجلة للمواطنين الروس بالامتناع عن زيارة ليبيا، كما دعت المنظمات لمنع إرسال موظفيها إلى هناك، موضحة أن المخاطر المرتبطة بالرحلات إلى ليبيا جسيمة للغاية ولا يمكن تبريرها بأي شيء.

ومنذ أسابيع عرضت قنوات تلفزية روسية فيلم مقتبس عن قصة شوغالي يسرد كيفية تعرضه للاختطاف من قبل الميليشيات الإرهابية في طرابلس واعتقاله مع مترجمه والزج بهما في سجن معيتيقة دون توجيه أي تهمة لهما.
كما يعرض الفيلم المأساة التى يتعرض لها الليبيون من قتل وتدمير وتهجير وسرقة خلال أحداث جرت سنة 2013 عندما قام إرهابيون بهجوم على سجون في ليبيا، كما يسلط الضوء على الحرب التي تقودها الميليشيات في طرابلس، من خلال عرضه لقصة الباحث الروسي.

أسير روسي في
الأسير الروسي في الفيلم يعرض مأساة ليبيا في زمن الميليشيات

ونقلت وسائل إعلام روسية عن وكالة "نوفوستي" أن أحمد معيتيق نائب رئيس حكومة الوفاق امتنع لدى وصوله إلى روسيا الأربعاء عن الإدلاء بأي تصريحات قبل انطلاق اجتماعاته في مقر الخارجية الروسية.

وتشير تصريحات لافروف اليوم إلى أن موسكو تسعى للتأكد أولا من جدية حكومة الوفاق للعودة إلى طاولة المفاوضات وليس إلا كسبا للوقت حتى يتسنى لها بالاتفاق مع تركيا إعادة ترتيب أوراقها وذلك عبر ملف السجناء الروس لديها خصوصا أن حكومة السراج لم تتوقف خلال الأشهر الماضي عن اتهام روسيا بدعم الجيش في معركته للسيطرة على طرابلس.

وتأتي زيارة نائب حكومة الوفاق التي شرعت لتركيا في يناير الماضي التدخل عسكريا وبشكل رسمي في ليبيا لانقاذ نفوذها في طرابلس، غداة مكالمة هاتفية له مع سفير الولايات المتحدة الأميركية لدى ليبيا، ريتشارد نورلاند.

وكتب معيتيق في تغريدة عقب المكالمة، “تناولنا أخر مستجدات الأوضاع في ليبيا، والتطورات العسكرية، واستهداف المدنيين والعودة الى مسارات مؤتمر برلين”.

ويقول مراقبون للشأن الليبي إن هذا التغيير في مواقف حكومة السراج وسعيها للاستنجاد بالولايات المتحدة وروسيا رغم الدعم العسكري الذي تتلقاه من تركيا، يهدف إلى ابراز نفسها على انها لا تمانع في العودة إلى المفاوضات لإيجاد حل سياسي سلمي للصراع، وذلك بعد الضغط الدولي والإقليمي الذي تعرضت له الأسبوع الماضي على إثر سيطرتها بدعم تركي كثيف على قاعدة الوطية غرب طرابلس والتي كانت تحت سيطرة قوات المشير خليفة حفتر بينما كان العالم منشغل بوباء كورونا.

ويحاول المجتمع الدولي حاليا سحب الملف الليبي من سيطرة روسيا وتركيا خوفا من إعادة السيناريو السوري في ليبيا وهو ما يفسره البيان الذي أصدرته البعثة الأممية في ليبيا الاثنين والذي أعلنت فيه موافقة طرفي الصراع على العودة إلى محادثات 5+5 من أجل الاتفاق على وقف دائم لإطلاق النار.

ال
واشنطن تراقب من بعيد لمنع سيناريو سوريا في ليبيا

وبدأت مفاوضات لجنة 5+5 نهاية فبراير الماضي وجرت جولتان منها قبل أن تتوقف في شهر مارس، وتشكلت اللجنة بموجب تفاهمات دولية خلال مؤتمر برلين الذي انعقد في يناير الماضي.

وحمل البيان الأممي تحذيرات غير مباشرة لبعض الدول من محاولة إحباط هذه المفاوضات التي تشكل الفرصة الأخيرة للغرب لاستعادة المبادرة في ليبيا، حيث اعربت البعثة عن أملها في أن “تستجيب جميع الأطراف، الليبية والدولية، لرغبة الليبيين في إنهاء القتال”.

ودعا البيان إلى “ضرورة التزام الطرفين بتفويض ممثليهم في المفاوضات تفويضاً كاملاً يمكنهم من استكمال اتفاق وقف إطلاق النار”.

وأثار تدخل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في ليبيا ودعمه لحكومة الوفاق والميليشيات التابعة لها بالسلاح وإرساله المرتزقة السوريين الموالين لأنقرة للقتال ضد الجيش الليبي، انقساما أوروبيا وارتباكا الأميركي بشأن الموقف من طرفي النزاع المحليين، وهو ما فتح الأبواب لتركيا وروسيا لاستنساخ السيناريو السوري.

وبينما توجه قائد الجيش المشير خليفة حفتر اليوم الأربعاء إلى حليفته مصر لبحث عودة المفاوضات توجه السراج إلى تركيا للقاء مع أردوغان.

لكن مصدرا في الخارجية الروسية صرح لوسائل إعلام روسية أن معيتيق ولافروف لم يناقشا إمكانية عقد اجتماع جديد بين حفتر وسراج في موسكو.

وأكد مدير إدارة التوجيه المعنوي في الجيش الليبي، العميد خالد المحجوب، في وقت سابق إن موافقتهم على استئناف الحوار في إطار اللجنة العسكرية الأمنية 5+5، موضحا أن موعد انعقادها تم تحديده من خلال بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا.