البحرين تطلب من رعاياها مغادرة لبنان "فورا"

دعوة البحرين لرعاياها لمغادرة لبنان "فورا" لا تنبئ بحلّ قريب للأزمة المتصاعدة بين بيروت وعواصم خليجية إثر تصريحات وزير الإعلام اللبناني حول حرب اليمن والتي اعتبرتها الرياض مجرد عرض لاستمرار هيمنة حزب الله على المشهد السياسي.
السعودية: ليس لدينا أزمة مع لبنان لكن التعامل مع حكومته "غير مثمر"
خلاف يفاقم التوتر في علاقات بيروت مع مانحين كرماء

بيروت- دعت البحرين الثلاثاء مواطنيها المتواجدين في لبنان إلى المغادرة "فورا"، وذلك في أعقاب قرارها استدعاء سفيرها في بيروت والطلب من السفير اللبناني مغادرتها على خلفية تصريحات لوزير الإعلام اللبناني بشأن حرب اليمن أثارت غضب السعودية ودول خليجية أخرى في خلاف فاقم التوتر في علاقات بيروت مع مانحين كرماء.

وقالت وزارة الخارجية البحرينية في بيان نشرته على موقعها إنّها تدعو "جميع المواطنين المتواجدين في الجمهورية اللبنانية إلى ضرورة المغادرة فورا نظرا لتوتر الأوضاع هناك مما يوجب أخذ الحيطة والحذر". وأكّدت الوزارة في بيانها "على ما صدر عنها من بيانات سابقة بعدم السفر نهائيا إلى الجمهورية اللبنانية وذلك منعا لتعرض المواطنين لأية مخاطر وحرصا على سلامتهم".

واستدعت السعودية الجمعة سفيرها لدى بيروت وطلبت من السفير اللبناني مغادرة الرياض وقرّرت وقف كل الواردات اللبنانية بسبب التصريحات. وقرّرت البحرين القيام بالمثل ثم لحقت بهما الكويت السبت ثم الإمارات التي أعلنت بدورها سحب دبلوماسييها ومنع مواطنيها من السفر إلى لبنان.

ظهر وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي في مقابلة سُجلت في أغسطس الماضي (قبل تعيينه وزيرا) وبُثت في 25 أكتوبر، تحدث فيها داعما للحوثيين اليمنيين المتحالفين مع إيران وانتقد التحالف العربي الذي تقوده السعودية لدعم الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا.

وتأتي الأزمة الدبلوماسية فيما تعمل الحكومة اللبنانية على إعادة ترتيب علاقاتها السياسية مع دول الخليج، خصوصا السعودية، وتعوّل على دعمها المالي في المرحلة المقبلة للمساهمة في إخراج البلاد من أسوأ أزماتها الاقتصادية.

استقالة قرداحي

سارعت الرئاسة والحكومة اللبنانيتين إلى النأي بلبنان علن تصريحات قرداحي، مشيرة إلى أنها "لا تعبر عن موقف الحكومة إطلاقا"، إلا أن تعقيدات الأزمة وخلفياتها وسياقاتها العامة صعّدت الوضع. وقد رفض قرداحي التراجع عن تصريحاته، فيما شنّ حزب الله حملة داعمة له.

وتشهد العلاقة بين لبنان والسعودية فتورا منذ سنوات، على خلفية تزايد دور حزب الله، الذي تعتبره الرياض منظمة "إرهابية" تنفذ سياسة إيران وتأخذ على المسؤولين اللبنانيين عدم تصديهم للحزب. والأحد أكد وزير الخارجية السعودي في مقابلة تلفزيونية أنّ "ليس هناك جدوى" في التعامل مع لبنان في ظل استمرار "هيمنة وكلاء إيران" على هذا البلد العربي، في إشارة لحزب الله.

وقال فيصل بن فرحان، في مقابلة مع قناة "سي إن بي سي" إن "جماعة حزب الله مهيمنة بشكل متزايد على المشهد السياسي اللبناني، إضافة إلى ما نعتبره ترددا مستمرا من قبل هذه الحكومة والقادة السياسيين اللبنانيين بشكل عام تجاه تطبيق الإصلاحات والإجراءات الضرورية لدفع لبنان باتجاه تغيير حقيقي".

واعتبر أن الأمر "أكثر من مجرد تعليقات وزير واحد، بل عرض لواقع أن المشهد السياسي في لبنان ما زال يسيطر عليه حزب الله، وهو جماعة إرهابية، وبالمناسبة تقوم بتسليح ودعم وتدريب مليشيات الحوثيين".

وفي تأييد داخلي للموقف السعودي، قال غسان حاصباني نائب رئيس الوزراء السابق إن لبنان "معزول عن العالم العربي بسبب سلوك حزب الله وحلفائه في الحكومة". وكان عدد من الوزراء اللبنانيين السابقين طالبوا قرداحي بالاستقالة.

وقال فؤاد السنيورة وسعد الحريري وتمام سلام في بيان إن آراء قرداحي "تشكل ضربة قاصمة للعلاقات الأخوية والمواثيق والمصالح العربية المشتركة التي تربط لبنان بالدول العربية الشقيقة، وتحديدا مع دول مجلس التعاون الخليجي، ولاسيما مع المملكة العربية السعودية".

ونقلت صحيفة "الجمهورية" اللبنانية عن مصادر وزارية قولها "إنّ على قرداحي أن يقدّر حجم الأزمة التي تسّبب بها، ويبادر إلى اتخاذ قراره بالخروج من الحكومة بما قد يسهّل من حركة الوساطات مع السعودية لإعادة الأمور إلى ما كانت عليه".

وأضافت أنّه "في حال إحجام قرداحي عن اتخاذ القرار المنتظر منه، فإنّ مبادرة بعض الوزراء إلى الاستقالة من الحكومة أمر وارد جدا". وهذا المأزق هو آخر ما تحتاجه حكومة نجيب ميقاتي الذي يسعى لمعالجة الانهيار المالي وسحب البلاد من حافة الهاوية.

وردّ قرداحي بأن استقالته من الحكومة "غير واردة".

انتخابات في موعدها

منذ عامين، يعاني اللبنانيون أزمة اقتصادية طاحنة غير مسبوقة أدت إلى انهيار قياسي في قيمة العملة المحلية مقابل الدولار، فضلا عن شح في الوقود والأدوية، وانهيار قدرتهم الشرائية.

وحكومة ميقاتي في مأزق بسبب خلاف حول تحقيق في انفجار مرفأ بيروت العام الماضي. ولم ينعقد مجلس الوزراء منذ 12 أكتوبر، وذلك بعد مقاطعة الوزراء الشيعة للجلسات كوسيلة للضغط لتنحية المحقق العدلي القاضي طارق البيطار.

كما تريد الدول الغربية أن ترى تقدما نحو اتفاق مع صندوق النقد الدولي وإجراء انتخابات في موعدها المقرر في 27 مارس آذار. ويرى معارضو حزب الله أن الانتخابات فرصة للانتصار على الجماعة والأحزاب التي تدعم حيازتها للسلاح والتي فازت بالانتخابات في عام 2018.

ويُنظر إلى المقاعد المسيحية على أنها منطقة يمكن أن يخسر فيها حلفاء حزب الله. وأحد الأحزاب الساعية إلى تحقيق مكاسب هو حزب القوات اللبنانية المسيحي المناهض لحزب الله والذي يُنظر إليه على نطاق واسع على أنه آخر حليف لبناني رئيسي للرياض.

والثلاثاء، أكّد الرئيس اللبناني ميشال عون "الانتخابات النيابية ستجري في موعدها في الربيع المقبل وفقا لأحكام الدستور، وأن التحضيرات جارية لكي تتم في أجواء من الحرية والديمقراطية والشفافية". وثَبَّتَ البرلمان اللبناني تبكير موعد الانتخابات النيابية إلى 27 مارس بدلا من 8 مايو 2022.

ولفت عون، خلال استقباله رئيسة وفد البرلمان الأوروبي للعلاقات مع بلدان الشرق أوسط النائبة ايزابيل سانتوس، وأعضاء الوفد النيابي المرافق لها في قصر بعبدا شرقي بيروت، إلى أن الحكومة ماضية في تحضير عملية التفاوض مع صندوق النقد الدولي على خطة النهوض الاقتصادي التي ستساعد في إعادة بناء الاقتصاد الوطني وفق أسس منتجة".

وفي تعليقه على تطورات أزمة قرداحي، قال عون إن "معالجة الخلاف الذي نشأ مع المملكة العربية السعودية وعدد من دول الخليج مستمر على مختلف المستويات على أمل الوصول إلى الحلول المناسبة".