الشيخ محمد بن زايد في تركيا تأكيدا لسياسة إماراتية تغلّب الحوار

زيارة الشيخ محمد بن زايد إلى تركيا تطور مهم لتحسين العلاقات الإقليمية وتخفيف التوتر في المنطقة.
الزيارة تأتي تلبية لدعوة من الرئيس رجب طيب أردوغان
تغليب صوت الحوار مع صوت الفتن يؤشر لعهد جديد في المنطقة
العلاقات الثنائية والاستثمارات والتطورات الإقليمية أبرز ملفات الزيارة

أبوظبي - يقوم الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي الأربعاء بزيارة رسمية إلى تركيا وذلك تلبية لدعوة من الرئيس رجب طيب أردوغان، في خطوة تؤشر لبداية عهد جديد في المنطقة يخفت فيه صوت الفتن مقابل تقدم الأصوات التي نادت بها دول تؤسس علاقتها الإقليمية على مبدأ حسن الجوار.

وتعتبر زيارة الشيخ محمد بن زايد أحدث خطوة في مسار ترميم العلاقات والقطع مع سياسة إثارة الفتنة، وقد سبقها تواصل تركي إماراتي تجسد في لقاء جمع في أنقرة أردوغان بوفد إماراتي ترأسه مستشار الأمن القومي الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان في أغسطس الماضي، وبعدها بأيام أعلنت الإمارات وتركيا عن إجراء مباحثات هاتفية بين أردوغان والشيخ محمد بن زايد، في اتصال هو الأول من نوعه منذ سنوات.

وذكرت وكالة أنباء الإمارات أن الشيخ محمد بن زايد يبحث خلال الزيارة العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون والعمل المشترك بين البلدين في مختلف المجالات بما يحقق مصالحهما المتبادلة إضافة إلى مجمل القضايا والمستجدات الإقليمية والدولية. فيما علقت وكالة بلومبرغ للأنباء علقت على أنباء عن الزيارة بالقول إن الدولتين تعملان على تجاوز الخلافات والتركيز على تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية.

 لسنوات كانت دول مثل الإمارات والسعودية تدعو إلى تغليب الحوار والتعامل وفق مبدأ حسن الجوار خاصة في توجهها لإيران التي تبين أنها لا تتقن لغة الحوار لأنها لا تملك الحجة المقنعة لتفسير سياساتها في العراق واليمن وسوريا ولبنان وتهديداتها لدول المنطقة، وبالمثل سعت تركيا إلى الاصطياد في مياه المنطقة المضطربة من خلال مشروع دعم الإخوان ووهم بناء إمبراطورية عثمانية حديثة لكن كانت تكلفة ذلك غالية على الاقتصاد التركي.

بعد سنوات من الشد والجذب، خسرت فيهما تركيا الكثير خاصة بعد المقاطعة الخليجية للبضائع التركية وتراجع وخم الاستثمار في الاقتصاد التركي وتقلص عدد السياح الخليجيين، ظهر هدوء في حديث الرئيس التركي وخفتت لهجة المسؤولين الأتراك التصعيدية وعاد الحديث عن الحوار والتعاون. وإيمانا منها بمبدأ التحاور والتواصل مع الجميع وعلى رأسهم من تختلف معه في الرأي والتوجه، فتحت الإمارات أبوابها لتخفيف التوتر.

وقد لخّص أنور قرقاش المستشار الدبلوماسي لرئيس الإمارات هذا التوجه بقوله في تغريدة "الإمارات مستمرة في بناء الجسور وتعزيز العلاقات ووصل ما قُطع، وستحرص في ذلك كله على البُعد العربي وتجنيب المنطقة المزيد من الاحتقان والصراعات المستمرة.

وتسعى أنقرة لتخفيف التوتر مع العديد من القوى العربية وإعادة تحريك عجلة الاستثمار الخليجي في تركيا، وهي تعمل اليوم على دعم فكرة بناء العلاقات الاقتصادية وتخفيف حدة الخلاف الأيديولوجي الذي أفضى إلى حالة من الاستقطاب الشديد في الشرق الأوسط. وساعدت تسوية الخلاف الخليجي في تركيا على التقدم نحو تحسين علاقاتها مع الدول الخليجية بالإضافة إلى مصر.

وتعتبر مشاركة تركيا في إكسبو 2020 دبي مظهرا آخر من مظاهر التوجه الإماراتي التركي نحو علاقات واعدة تخدم استقرار المنطقة. واعتبر توجاى تونسير سفير تركيا لدى الإمارات أن هذه المشاركة تجسد حقبة جديدة من التعاون وتعزيز العلاقات مع دولة الإمارات.

ونقلت وكالة أنباء الإمارات عن تونشير قوله إن الحدث العالمي يمثل فرصة لعرض مقومات اقتصاد تركيا المتنوع و الذي يشمل قطاعات عديدة.. كما يساهم في تعزيز النمو التجاري خاصة مع تصدير المزيد من المواد الغذائية والأطعمة الجاهزة والفواكه والخضروات ومواد البناء التي تحتاجها المنطقة وتمتلكها تركيا.

وفي مطلع نوفمبر الجاري، قدمت دولة الإمارات مبلغ 36.7 مليون درهم (10 ملايين دولار أميركي) للمساهمة في دعم مراحل إعادة التأهيل لبعض المناطق التركية التي تضررت من حرائق الغابات والفيضانات التي اجتاحتها. وأعربت الإمارات عن تضامنها مع الشعب التركي في هذه الظروف الاستثنائية، مؤكدة حرصها على المساهمة في توفير الدعم المناسب للتخفيف من حدة التداعيات الإنسانية والأضرار الناجمة عن الفيضانات في شمال البلاد وحرائق الغابات في جنوب غرب تركيا.

وحسب تقرير لوزارة الاقتصاد الإماراتية، بلغ إجمالي التجارة الخارجية غير النفطية بين الإمارات وتركيا خلال العقد الماضي نحو 329 مليار درهم (89.6 مليار دولار)، ونمت التجارة غير النفطية بين البلدين بنسبة 21% خلال العام 2020 لتصل إلى 32.7 مليار درهم (8.9 مليار دولار)، مقارنة بما قيمته 26.8 مليار درهم (7.3 مليار دولار).  وتوزعت التجارة الخارجية غير النفطية بين التجارة المباشرة بنسبة 88.5 % بما قيمته 28.9 مليار درهم، والمناطق الحرة بنسبة 11.5 % بما قيمته 3.7 مليار درهم.