شبح الحمى النزيفية يخيم على العراق

البلاد تسجل سادس وفاة في اقل من شهر مع تصاعد عدد الاصابات بالمرض الفيروسي المنتشر بين مربي الماشية والعاملين في مجال الجزارة.

بغداد – فيما لا تزال البلاد ترزح تحت وطأة جائحة كورونا، يتجه العراق نحو بداية تفش للحمى النزفية مع تصاعد الاصابات وحتى الوفيات في البلاد منذ مطلع العام 2022.

والجمعة سجلت محافظة كركوك في شمال العراق الجمعة حالة وفاة بالحمى النزفية، كما أعلن مسؤولون في المدينة، غداة تسجيل محافظة نينوى أولى حالات الإصابة بهذا المرض الذي ارتفعت الإصابات به مؤخراً في البلاد.

وتعد هذه الوفاة السادسة على الأقل خلال شهر، إذ سجلت قبلها حالة وفاة في محافظة بابل نهاية شهر أبريل/نيسان.

ووفق الاحصاء الأخير الذي أعلنه المتحدّث باسم وزارة الصحة العراقية الجمعة، سجّلت البلاد منذ بداية العام 40 إصابة بالمرض الفيروسي الذي يعرف كذلك باسم حمى الكونغو، غالبيتها في الجنوب، بينها 8 وفيات.

وظهر الفيروس في الأيام الأخيرة في محافظات شمالية أيضاً. مع ذلك، فإنّ المرض لا يعد متفشيًا.

وقال المتحدّث باسم وزارة الصحة سيف البدر في تصريح تلفزيوني "آخر إحصائية سجلت على الأقل 8 حالات وفاة. سجلت اليوم حالة وفاة في كركوك. فضلاً عن 5 وفيات في ذي قار، وفاة في المثنى وأخرى في بابل".

وقال معاون مدير صحة كركوك زياد خلف الجمعة إن المريض الذي سُجلت إصابته "يوم الاحد الماضي توفي بعد ظهر الجمعة"، مضيفاً أنه "شخص كان يمارس الذبح العشوائي".

في الأثناء، اتخذت المحافظة إجراءات مشدّدة لتلافي وقوع إصابات جديدة، كما أعلن محافظ كركوك راكان الجبوري.

وأضاف أنه اتخذ قراراً "بمنع دخول وخروج الثروة الحيوانية من كركوك، الى جانب اجراء اعمال تعقيم ومتابعة للمنطقة التي ظهرت فيها الاصابة قبل ايام".

كذلك، تمّ "منع الذبح العشوائي بشكل تام في كركوك وتنفيذ سبع حملات تعقيم على مناطق الثروة الحيوانية في الاقضية والنواحي"، كما أوضح، مضيفاً أنه لم تسجل أي إصابات جديدة في المحافظة.

مع ذلك، أوضح المتحدّث باسم وزارة الصحة سيف البدر أن البلاد لا تشهد "حالة تفشٍ. حتى الآن الإصابات محدودة، كل سنة نسجّل إصابات ووفيات، كانت ولا تزال محدودة". لكنه أضاف "كمعدّل، هذا العام أعلى من السنة الماضية ولذلك كثفنا" تدابير الوقاية.

وكانت وزارة الصحة قد قالت إن الأكثر عرضة للإصابة بالمرض هم مربو الماشية والعاملون في مجال الجزارة.

وسجّلت أكثر من نصف هذه الإصابات في محافظة ذي قار في الجنوب أي 23 إصابة، وفق سيف البدر، وهي محافظة فقيرة تربى في كثير من مناطقها الماشية كالابقار والأغنام والماعز والجاموس التي تعتبر وسيطا ناقلا لمرض الحمى النزفية.

والحمى النزفية مرض معد معروف له عدة أنواع، وينتشر عادة في المناطق الاستوائية والبيئية التي تكثر فيها تربية المواشي والحيوانات، إذ تزداد فيها نواقل الأمراض مثل البعوض والقراد والقوارض.

وتمثل الحمى النزفية سلسلة أمراض معدية يمكن أن تتسبب في علة شديدة تهدد الحياة من خلال تلف جدران الأوعية الدموية الصغيرة، وهو ما يجعلها تنزف وتعيق قدرة الدم على التجلط، وهي عدة أنواع، منها حمى الضنك والإيبولا والحمى الصفراء.

وتنتشر الحمى عبر لدغات الحشرات المصابة بالعدوى كالبعوض والقراد، أو من خلال مخالطة الحيوانات المصابة أثناء ذبحها من دون استخدام الملابس الواقية والنظارات، وكذلك عبر تعرض الجروح لدم مصاب أو سوائل الجسم الأخرى كاللعاب وغيرها.

البلاد لا تشهد حالة تفشٍ. حتى الآن

وتنتشر بعض الأنواع بطريقة العدوى من أشخاص مصابين.

ومن العوامل الأخرى للإصابة بالحمى النزفية هي العيش في المناطق الموبوءة بالفيروس أو السفر إليها، والعمل مع أشخاص مصابين، والتواجد في الأماكن الموبوءة بالفئران، ومشاركة الإبر الوريدية المستخدمة في حقن الأدوية؛ كلها عوامل تزيد من احتمالية الإصابة.

وفي عام 2018، سجل العراق ثلاث وفيات فقط نتيجة للحمى النزفية في محافظتي واسط ونينوى بعد غياب لأكثر من 8 سنوات.

ولا لقاح لهذا المرض عند الإنسان أو الحيوان، أما أعراضه الأولية فهي الحمى وآلام العضلات وآلام البطن، لكن عند تطوره، يؤدي إلى نزف من العين والأذن والأنف، وصولاً إلى فشل في أعضاء الجسم ما يؤدي الى الوفاة، بحسب وزارة الصحة العراقية.

وتؤدي الإصابة بفيروس الحمى النزفية إلى الوفاة بمعدل يراوح بين 10 إلى 40 بالمئة من المصابين.

ومن الممكن أن تزول جميع أعراض الطور الأول من المرض بعد الإصابة ببضعة أيام والتعافي التام بعدها، كما يمكن استخدام أدوية وعلاجات مساندة وداعمة للمناعة.

ويحذر الخبراء من أن الاستمرار بتجاهل تعليمات الرقابة الصحية بما يتعلق بتربية وذبح الأضاحي وعدم الالتزام بالوقاية وإهمال النظافة الشخصية، من شأنها أن تسرع وتيرة انتشار المرض.