القضاء البريطاني يخترق التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت
ألزمت محكمة العدل العليا في لندن شركة "سافارو" بالكشف عن هوية صاحب الحق الاقتصادي وأمهلتها فترة محددة لتنفيذ القرار في علاقة بانفجار مرفأ بيروت الذي جد في الـ4 من آب/ أغسطس 2020 وأودى بحياة أكثر من 215 شخصا وتسبب في جرح المئات وفاقم من أزمات لبنان الاقتصادية والسياسية.
وشركة سافارو هي الشركة المسؤولة عن نقل الشحنة إلى المرفأ والتي تمسكت في التحقيقات بإخفاء هوية صاحب الحق الاقتصادي للشركة.
ومن شأن القرار القضائي أن يعطي دفعاً للمحقق العدلي في بيروت، ولإثبات وجهة شحنة نيترات الأمونيوم المتسببة في الانفجار إنْ كانت موزمبيق أم لبنان، كما من شأن هذا القرار أن يكشف لصالح من أرسلت هذه الشحنة، ومن هي الجهات التي ساهمت في تخزينها بالمرفأ منذ سنة 2013.
وكان مكتب الادعاء في نقابة المحامين في بيروت أقام دعوى منذ حوالي عشرة أشهر أمام محكمة العدل العليا في بريطانيا بعد أن كان قد تصدى في كانون الثاني/ يناير 2021 لمحاولة تصفية هذه الشركة في سجل التجارة في لندن. وتراسل مع السجل التجاري ومع النائبين البريطانيين مارغريت هودج وجون مان.
وتبين أن ملف الشركة في سجل التجارة لم يتضمن هوية صاحب الحق الاقتصادي للشركة، مما يشكل مخالفة خطيرة للقانون ويحجب معلومات ضرورية.
وأكد المحاميان نصري دياب وكميل أبو سليمان في تصريحات إعلامية على أهمية هذا القرار الصادر في الـ16 من حزيران/ يونيو الجاري في الكشف عن الحقيقة وتحفيز التحقيقات في لبنان المتوقفة من شباط/ فبراير الماضي.
وكشف أبو سليمان عن أن هوية صاحب الشحنة وهو من الجنسية الأوكرانية ويعمل منذ سنوات في تجارة نيترات الأمونيوم، باتت مكشوفة لدى المحقق العدلي طارق بيطار.
تمسك فريق دفاع الشركة بعدم الكشف عن هوية صاحب الشحنة يثير الريبة حول ما يمكن أن تخفيه
وأضاف أن "تمسك فريق دفاع الشركة بعدم الكشف عنه يثير الريبة حول ما يمكن أن تخفيه الشركة"، مشيرا إلى ضرورة تحمّل الشركة للمسؤولية ومحاكمة كل من له علاقة بهذه الشحنة إن كان بشكل مباشر أو غير مباشر.
وأوضح أبو سليمان أن أمام لبنان خيارات كثيرة لإثبات حقه كتعيين حارس قضائي على الشركة.
وتعثر التحقيق في مناسبات عديدة إلى أن توقف بشكل كامل منذ مطلع السنة الجارية.
وطالب كل من رئيس الوزراء السابق سعد الحريري والزعيم الدرزي وليد جنبلاط ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع بضرورة تشكيل لجنة تحقيق دولية أو عربية للكشف عن الأسباب التي أدت الى وقوع كارثة المرفأ،. بينما طالب حزب الله بتحقيق من قِبل الجيش اللبناني.
ورفع سياسيون بارزون يسعى القاضي لاستجوابهم دعاوى قضائية. وقاد حزب الله حملة لإبعاد البيطار عن التحقيق، متهما إياه بالانحياز بعدما سعى لاستجواب بعض حلفائه السياسيين.
وقاطع حزب الله في وقت سابق من العام الماضي اجتماعات مجلس الوزراء للمطالبة بعزل بيطار الذي يتهم الحزب بـ"التحيز وتجاوز سلطاته"، بينما يثمّن آخرون مساعيه لمحاسبة كبار المسؤولين المتحصنين بثقافة الإفلات من العقاب السائدة في لبنان.
وحذر الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله من "تسييس القضية"، معلنا رفضه الاتهامات الموجهة للحزب بجلب المتفجرات وتخزينها في المرفأ.
وتعليقا على علاقة حزب الله بالانفجار قال أبو سليمان إنه غير قادر حاليا على تحديد حجم مسؤولية حزب الله في التفجير، مبديا في ذات الوقت استغرابه من "سعي حزب الله لعرقلة التحقيقات في لبنان".
ومن أهم العقبات الأخرى التي تعرقل تقدم التحقيق في القضية عدم صدور القرار الظني (لائحة الاتهام) الذي من شأنه حصر دائرة المتهمين بشكل أولي.
وزير المال المحسوب على حركة أمل يرفض التوقيع على مرسوم تشكيل هيئة محكمة التمييز
وتعطل التحقيق بشكل جدي بعد إصرار وزير المال يوسف خليل المحسوب على حركة أمل الاستمرار في سياسة سلفه ورفض التوقيع على مرسوم تشكيل هيئة محكمة التمييز. وذلك بعد أن قدم المدعى عليهما وزير المال السابق علي حسن خليل ووزير الأشغال السابق غازي زعيتر المنتميان لحركة أمل، مطلع العام الجاري دعوى رد بحق القاضي طارق بيطار، الأمر الذي ساهم في تجميد التحقيقات لفترة ناهزت الـ5 أشهر.
وقال رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وقتها ردا على سؤال يتعلق بأسباب رفض وزير المال التوقيع على المرسوم، إن "الوزير خليل أبلغه بأن الرئيس نبيه بري هو من طلب منه عدم التوقيع".
ويُجمع رجال قانون لبنانيون على أهمية هذا القرار في تحريك التحقيقات من جديد وكشف حقيقة المتورطين وإنصاف الضحايا نظرا لما يتمتع به القضاء البريطاني من مصداقية عالمية. كما سيسمح للقاضي بيطار باستكمال التحقيق بأكثر أريحية مستندا إلى مرجعية قضائية بريطانية.
ووقع الانفجار في العنبر 12 في مرفأ بيروت تلاه انفجار هائل هزت ارتداداته كامل بيروت وسُمعت أصداؤه في بلدان مجاورة من بينها سوريا قبرص.
.