جهود إحياء الاتفاق النووي الإيراني تدخل منعطفا حاسما
مدريد - باتت الجهود الرامية لإحياء الاتفاق النووي الإيراني المبرم في 2015 بين القوى الكبرى وطهران للجم طموحات إيران النووية عند منعطف حاسم، فيما يرجح الاتحاد الأوروبي عقد اجتماع في فيينا هذا الأسبوع بعد أن وصف الرد الإيراني على مقترح التسوية الذي قدمه الاتحاد بأنه "معقول"، بينما لم تقدم الولايات المتحدة بعد ردّها الرسمي على المقترح، وفق تقديرات جوزيب بوريل كبير المسؤولين عن السياسة الخارجية في التكتل الأوروبي.
وخلال مؤتمر صحافي في سانتاندر الإسبانية، قال بوريل إنه جرى الترتيب لعقد "اجتماع في فيينا في أواخر الأسبوع الماضي، لكن لم يتسن ذلك. ومن المحتمل أن يُعقد هذا الأسبوع".
وفي فترة سابقة من الشهر وبعد أكثر من سنة من المحادثات التي تولّى بوريل وفريقه تنسيقها، قدّم الاتحاد الأوروبي ما سمّاه النصّ "النهائي" للاتفاق الجديد، مؤكدا أنه غير قابل لإعادة التفاوض.
ويرمي هذا المستند إلى تفعيل الاتفاق النووي بالكامل من خلال إعادة الولايات المتحدة إليه بعد انسحابها منه في عهد الرئيس دونالد ترامب في مايو/ايار 2018.
وإثر الانسحاب الأميركي، خفّضت إيران من الالتزامات التي قطعتها بموجب الاتفاق المعروف رسميا باسم خطّة العمل الشاملة المشتركة وراحت تثري مخزونها من اليورانيوم بنسبة ناهزت تلك اللازمة لإنتاج قنبلة.
وأكّد بوريل أن المفاوضات ذهبت إلى أبعد مدى ممكن وباتت "عند نقطة انعطاف"، مضيفا "جاء الردّ الإيراني معقولا في تقديري لتقديمه إلى الولايات المتحدة".
وكشف أن "الولايات المتحدة لم تقدّم بعد ردّها الرسمي، لكننا بانتظار ردّها الذي آمل أن يسمح لنا بإكمال المفاوضات. وهذا ما آمله لكن ليس في مقدوري أن أؤكّده لكم".
وبالإضافة إلى الولايات المتحدة، وقّعت على الاتفاق بريطانيا والصين وفرنسا وألمانيا وروسيا.
وانتقدت إيران الاثنين على لسان المتحدث باسم وزارة خارجيتها ما وصفته بـ"التسويف" الأميركي في الرد على مقترحات إحياء الاتفاق النووي، بعد مرور زهاء أسبوع على رد طهران.
وأعلنت الجمهورية الإسلامية مطلع الأسبوع الماضي أنها ردت على "النص النهائي" المقترح من الاتحاد الأوروبي، منسّق المباحثات الهادفة لإحياء اتفاق العام 2015 الذي انسحبت منه الولايات المتحدة في 2018. وأكدت بروكسل وواشنطن في 16 أغسطس/اب أنهما تقومان بدراسة الرد.
وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني في مؤتمر صحافي "إن ردنا على المقترح الأوروبي في ما يتعلق بإحياء الاتفاق النووي جرى في وقته وبشكل جدي"، مضيفا "لم نحصل على الرد الأميركي حتى الآن".
وشدد على أن "التسويف الأميركي والصمت الأوروبي" جعلا المباحثات "استنزافية"، مؤكدا أن ذلك لن يدفع طهران "للتراجع عن خطوطنا الحمراء ولن نقبل بالمفاوضات الاستنزافية".
وأتاح الاتفاق المبرم بين طهران وست قوى دولية كبرى رفع عقوبات عن الجمهورية الإسلامية لقاء خفض أنشطتها النووية وضمان سلمية برنامجها، إلا أن الولايات المتحدة انسحبت أحاديا منه خلال عهد رئيسها السابق دونالد ترامب، معيدة فرض عقوبات على إيران التي ردت ببدء التراجع تدريجا عن معظم التزاماتها.
وبدأت إيران والقوى التي لا تزال منضوية في الاتفاق مباحثات لإحيائه في أبريل/نيسان 2021، تم تعليقها مرة أولى في يونيو/حزيران من العام ذاته. وبعد استئنافها في نوفمبر/تشرين الثاني، علّقت مجددا منذ منتصف مارس/اذار مع تبقي نقاط تباين بين واشنطن وطهران، رغم تحقيق تقدم كبير في سبيل انجاز التفاهم.
وأجرى الطرفان بتنسيق من الاتحاد الأوروبي مباحثات غير مباشرة ليومين في الدوحة أواخر يونيو/حزيران لم تفضِ إلى تحقيق تقدم يذكر. وفي الرابع من أغسطس/اب، استؤنفت المباحثات في فيينا بمشاركة من الولايات المتحدة بشكل غير مباشر.
واعتبر كنعاني في مؤتمره الاثنين أنه "يمكن الانتقال للمرحلة المقبلة من المفاوضات إذا تصرفت واشنطن بمسؤولية واتخذت قرارها".
وشكلت مباحثات إحياء الاتفاق النووي، أحد محاور اتصال جرى ليل الأحد بين كل من الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيسي الوزراء البريطاني بوريس جونسون والألماني أولاف شولتس.
وأفاد البيت الأبيض في بيان بأن الزعماء "بحثوا المفاوضات الجارية بشأن برنامج إيران النووي، والحاجة إلى تعزيز الدعم للشركاء في منطقة الشرق الأوسط، والجهود المشتركة من أجل ردع واحتواء النشاطات الإيرانية المزعزعة للاستقرار إقليميا".