إيران تواجه المحتجين بالرصاص الحي
طهران/باريس - انتقلت قوات الأمن الإيرانية إلى مرحلة جديدة من تصعيد حملة القمع في مواجهة احتجاجات لا تهدأ بعد أربعة أسابيع تقريبا من اندلاعها احتجاجات على مقتل مهسا اميني، مستخدمة الرصاص الحي في محاولة لإخماد انتفاضة آخذة في الاتساع.
وحتى الآن سقط 108 قتيلا في أسوأ احتجاجات تشهدها إيران بعد الحركة الخضراء في 2009 والتي قادتها شخصيات إصلاحية بينها مهدي كروبي ومير حسين موسوي وكلاهما قيد الإقامة الجبرية منذ أكثر من عشر سنوات.
وتفرق المتظاهرون بعد إطلاق النار في مدينتي أصفهان وكرج وفي سقز مسقط رأس أميني، وفق ما أظهرت مقاطع فيديو نشرتها منظمتان لحقوق الإنسان مقرهما النرويج.
وهتفت طالبات خلعن الحجاب الإلزامي خلال مسيرة في أحد شوارع طهران "الموت للديكتاتور"، وفق مقطع فيديو انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي.
وقالت منظمة 'حقوق الإنسان في إيران' في منشور على تويتر أرفقته بفيديو إن أصوات طلقات نارية سمعت في أصفهان وسط "احتجاجات وإضرابات عمت البلاد"، وكذلك في سقز بحسب منظمة "هنكاو" الكردية الحقوقية التي أفادت في وقت لاحق أن "قوات الأمن هربت".
وتوفيت أميني (22 عاما) في 16 سبتمبر/ايلول اثر دخولها في غيبوبة بعد توقيفها في طهران على أيدي شرطة الأخلاق السيئة الصيت لخرقها المزعوم لقواعد لباس المرأة الصارمة في الجمهورية الإسلامية.
وخلال الاحتجاجات التي عمت البلاد اثر وفاة أميني، عمدت شابات وطالبات جامعات وتلميذات مدارس إلى خلع حجابهن ومواجهة قوات الأمن في الشارع.
وقُتل ما لا يقل عن 28 طفلا في حملة قمع الاحتجاجات ويحتجز كثيرون في سجون للبالغين، وفقا لمدافعين عن حقوق الإنسان في البلاد والخارج.
واندلعت مواجهات عنيفة في سنندج بمسقط رأس أميني في كردستان وكذلك في زاهدان بجنوب شرق البلاد حيث اندلعت احتجاجات في 30 سبتمبر/ايلول بسبب أنباء عن اغتصاب أحد قادة الشرطة لفتاة.
واتهم المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي في كلمة متلفزة الأربعاء مرة أخرى "أعداء" إيران بتأجيج "أعمال الشغب". وقال إن "أعمال الشغب الأخيرة ليست أمرا عفويا داخليا، فالقصف الدعائي والتأثير الفكري وإثارة الحماسة وأعمال مثل تعليم كيف تُصنع زجاجات المولوتوف... أفعال تجري بوضوح على يد العدو".
ودعا ناشطون في طهران المتظاهرين إلى النزول إلى الشارع "تضامنا مع أهالي سنندج وسكان زاهدان الأبطال".
ورددت مجموعة ضمت شابات بشكل رئيسي أثناء التصفيق عند طريق دائري في جامعة آزاد بطهران في مقطع آخر نشرته على تويتر منظمة حقوق الإنسان الإيرانية "لا نريد جمهورا. تعالوا وانضموا إلينا".
وكتب شعار الاحتجاجات بالطلاء على جدار المقر السابق للسفارة الأميركية - المهجور منذ قيام الثورة الإسلامية عام 1979 وأزمة الرهائن التي أعقبتها.
وقال رجل لشبكة "بي بي سي" طالبا عدم كشف هويته "الجو متوتر للغاية ومع ذلك فهو حماسي. الناس متفائلون هذه المرة ونأمل أن يكون التغيير الحقيقي قاب قوسين أو أدنى. لا أعتقد أن الناس مستعدون للتراجع هذه المرة"، مضيفا "يمكنك رؤية شكل من أشكال الاحتجاج في كل مكان، كل ليلة تقريبا. هذا شعور جيد، إنه شعور جيد حقا".
وقالت منظمة 'حقوق الإنسان في إيران' إن حملة القمع أسفرت عن مقتل 108 أشخاص على الأقل وأن 93 شخصًا آخرين على الأقل قضوا في زاهدان.
وذكرت أن تحقيقاتها في مدى "القمع" في كردستان أعيقت بسبب القيود المفروضة على الإنترنت وحذرت من "حملة دموية وشيكة" ضد المتظاهرين في المحافظة الواقعة غرب البلاد.
وأكدت المنظمة أن العمال انضموا إلى إضرابات احتجاجية في مصنع عسلويه للبتروكيماويات في جنوب غرب البلاد وآبدان في الغرب وبوشهر في الجنوب.
ويقول محللون إن طبيعة الاحتجاجات متعددة الأوجه عقَّدت محاولات النظام لقمع التحرك، ما قد يشكل تحديا أكبر للسلطات من احتجاجات نوفمبر/تشرين الثاني 2019.
وفي حملة القمع الآخذة في الاتساع، منعت إيران الوصول إلى شبكات التواصل الاجتماعي بما في ذلك انستغرام وواتساب وشنت حملة اعتقالات جماعية.
وكتب موقع نيت بلوكس على تويتر عن اضطرابات كبيرة في حركة الإنترنت في #إيران الأربعاء ومن المرجح أن يحد ذلك من التدفق الحر للمعلومات وسط الاحتجاجات على وفاة # مهسا_أميني.
ووافقت دول الاتحاد الأوروبي الأربعاء على فرض عقوبات على إيران في أعقاب حملة قمع الاحتجاج، بعد أن قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين إن الوقت قد حان لمعاقبة المسؤولين الإيرانيين عن قمع النساء.
وأشارت الجمعية الإيرانية لحماية حقوق الطفل ومقرها طهران إلى مقتل ما لا يقل عن 28 طفلا وأدانت استخدام قوات الأمن للعنف ضد الأطفال. وتحدثت أيضا عن "عدم إبلاغ العائلات بمكان تواجد أطفالها وإدارة ملفاتهم في غياب محامين وعدم وجود شرطة وقضاة متخصصين بملفات الأطفال"، داعية إلى تحميل الحكومة الإيرانية مسؤولية ذلك.
وقال نائب القائد العام للحرس الثوري علي فدوي لوسائل إعلام إيرانية في 5 أكتوبر/تشرين الأول إن "متوسط عمر المعتقلين في العديد من الاحتجاجات الأخيرة كان 15 سنة".
وقال المحامي المتخصص في حقوق الإنسان حسن رئيسي الأربعاء إن "نحو 300 شخص تراوح أعمارهم بين 12-13 سنة و18-19 سنة محتجزون لدى الشرطة" وقد وُضع بعضهم في مراكز اعتقال خاصة بالبالغين المحكومين في قضايا مخدرات.
وبالإضافة إلى ذلك أعلن القضاء الإيراني أن أكثر من 100 شخص وجهت إليهم التهم في إطار الاحتجاجات على وفاة أميني في محافظتي طهران وهرمزغان وحدهما.