إنفانتينو يندد بـ'نفاق' منتقدي قطر ويدافع عن مشاركة إيران

رئيس فيفا يقول إنه ليس من السهل تقبل الانتقادات لقرار جرى اتخاذه قبل 12 عاما، مضيفا أن الدوحة جاهزة وستكون أفضل بطولة لكأس العالم على الإطلاق.
تعيينات في اللحظة الأخيرة تشيع مخاوف من معالجات أمنية مربكة
مدافعين عن حقوق الإنسان يهاجمون رئيس 'فيفا'
حراس أمن أجانب بعضهم لا خبرة أمنية له لمراقبة سلوك الجماهير في الملاعب   

الدوحة - دافع جياني إنفانتينو رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) اليوم السبت عن قطر وعن إيران أيضا، موجها انتقادات حادة للجهات الأوروبية التي هاجمت الدوحة واتهمها بالنفاق، مؤكدا في مؤتمر صحفي يسبق انطلاق أول مباراة في بطولة كأس العالم لكرة القدم، أن التعاون هو السبيل الوحيد لتحسين حقوق الإنسان.

وفي ملاحظات مطولة غاضبة أحيانا، جاءت في مستهل مؤتمر صحفي في اليوم السابق على انطلاق بطولة كأس العالم لكرة القدم في الدولة الخليجية، هاجم إنفانتينو المنتقدين الأوروبيين للدولة المضيفة في ما يتعلق بقضايا العمال الوافدين وحقوق المثليين.

وقال "أنا أوروبي. وبسبب ما فعلناه على مدى 3000 عام في جميع أنحاء العالم، يجب أن نعتذر لمدة 3000 سنة مقبلة قبل إعطاء دروس أخلاقية"، مضيفا "أجد صعوبة في فهم الانتقادات. علينا أن نستثمر في مساعدة هؤلاء الناس في التعليم ومنحهم مستقبلا أفضل والمزيد من الأمل. يجب علينا جميعا أن نثقف أنفسنا، فالكثير من الأشياء ليست مثالية ولكن الإصلاح والتغيير يستغرقان وقتا"، مضيفا "هذا الدرس الأخلاقي الأحادي الجانب نفاق محض".

وتابع "ليس من السهل تقبل الانتقادات لقرار جرى اتخاذه قبل 12 عاما. الدوحة جاهزة وقطر جاهزة وبالطبع ستكون أفضل بطولة لكأس العالم على الإطلاق".

وتحدث إنفانتينو عن تجربته الشخصية كطفل لعمال مهاجرين نشأ في سويسرا، قائلا إنه تعرض للتنمر لكونه إيطاليا ولأن شعره أحمر ويظهر على وجهه النمش، مضيفا "أعرف كيف يشعر من يتعرض للتمييز، أعرف ما يعنيه التعرض للتنمر".

وقال "ما ستفعل؟ تبدأ في المشاركة، هذا ما يجب أن نفعله... الطريقة الوحيدة للحصول على النتائج هي من خلال المشاركة"، مضيفا "أعتقد أن التغييرات التي حدثت في قطر ربما لم تكن لتحدث، أو على الأقل ليس بهذه السرعة (بدون كأس العالم). بالطبع نحتاج لمواصلة الضغط وبالطبع نحتاج لمحاولة جعل الأمور أفضل".

وأثارت تصريحات إنفانتينو انتقادات من المدافعين عن حقوق الإنسان، فقال ستيف كوكبيرن من منظمة العفو الدولية "برفض الانتقادات المشروعة بشأن حقوق الإنسان، يكون جياني إنفانتينو بذلك متجاهلا الثمن الباهظ الذي دفعه العمال الوافدون لجعل إقامة هذه البطولة ممكنة وكذلك مسؤولية الفيفا عنها".

وتابع أن الطلبات بتعويض عادل لا يجب أن "تعتبر نوعا من الحرب الثقافية". كما وصف نيك ماكجيهان من مجموعة فير سكوير المدافعة عن حقوق العمال الوافدين تصريحات إنفانتينو بأنها "حمقاء" و"طائشة".

وقالت قطر إنها دولة مضيافة لا تميز بين الناس ونفت الاتهامات بإساءة معاملة العمال. ودافع إنفانتينو أيضا عن حضور إيران في البطولة على الرغم من الموجة الحالية من الاحتجاجات الدامية هناك والتي أشعلتها وفاة امرأة احتجزتها الشرطة في سبتمبر/أيلول.

وقال "ليست مباراة بين نظامين وبين أيديولوجيتين، بل بين فريقي كرة قدم"، مضيفا "إذا لم تجمع بيننا كرة القدم... في أي عالم سنعيش؟ يوجد في إيران 80 مليون شخص، هل كلهم سيئون؟ هل كلهم وحوش؟"

وعن قرار أمس الجمعة حظر بيع الجعة في الملاعب خلال البطولة، قال إنفانتينو إن الفيفا فشل في إقناع الحكومة القطرية بالالتزام بالقرار الأصلي بالسماح بذلك، موضحا أنه تلقى تأكيدات من أعلى مستوى في الحكومة القطرية بأنه سيتم الترحيب بمجتمع الميم في البلاد للمشاركة في كأس العالم.

والعلاقات المثلية غير قانونية ويعاقب عليها بالسجن لمدة تصل إلى ثلاث سنوات في قطر. وأثار بعض نجوم كرة القدم مخاوف بشأن حقوق المشجعين الذين سيسافرون لحضور الحدث، لا سيما المثليين والنساء، الذين تقول جماعات حقوقية إن القوانين القطرية تنطوي على تمييز ضدهم.

وفي نهاية غير عادية للمؤتمر الصحفي، التقط برايان سوانسون مدير العلاقات الإعلامية في الفيفا، الميكروفون للدفاع عن إنفانتينو. وقال "لقد رأيت الكثير من الانتقادات لجياني إنفانتينو منذ أن انضممت إلى الفيفا، ولا سيما من مجتمع الميم".

وأضاف "أنا أجلس هنا في موقع متميز على منصة عالمية كرجل مثلي الجنس هنا في قطر. لقد تلقى إنفانتينو تأكيدات بأن الجميع سيكونون موضع ترحيب... كون جياني إنفانتينو ليس مثليا لا يعني أنه لا يهتم. إنه يهتم".

وعلى وقع الجدل والانتقادات وما تصف الإمارة الخليجية بحملة ضدها تهدف لتشويه صورتها وما أنجزته طلية الـ12 عاما الماضية منذ فوزه بتنظيم المونديال، تشيع قرارات اللحظات الأخيرة مخاوف من الوقوع في معالجات أمنية مربكة مع تعدد الجماهير عرقيا ودينيا ومع توظيف الدوحة المئات من العمال من دول مثل الهند وباكستان وبنجلادش والسودان وإندونيسيا كحراس أمن مكلفين بمراقبة الجماهير داخل الملاعب وبعض من هؤلاء لا يمتلك خبرة.  

وعينت اللجنة الأمنية لكأس العالم لكرة القدم في قطر مئات من حراس الأمن من دول مثل الهند وباكستان وبنغلادش والسودان وإندونيسيا قبل أقل من ثلاثة أسابيع على انطلاق البطولة، وفق ما قال اثنان من هؤلاء المُعينين لرويترز.

وحضر الرجال تدريبا نظريا في كلية الشرطة القطرية في أوائل نوفمبر واستلموا الزي الرسمي وشاركوا في دورات تدريبية بالملاعب لأول مرة قبل أيام فقط من أحد أكبر الفعاليات الرياضية في العالم.

وقال أحد المعينين إن البعض لديه خلفيات أمنية، لكن هناك أيضا عمال يتقاضون أجرا يوميا وسائقون وعاملون بالمكاتب.

وتسلط استعدادات اللحظة الأخيرة الضوء على التحديات اللوجستية التي تواجهها قطر قبل انطلاق البطولة غدا الأحد. ودربت الدولة الخليجية الصغيرة أكثر من 50 ألف شخص على توفير الأمن لحوالي 1.2 مليون زائر من جميع أنحاء العالم.

ووفقا لأحد حراس الأمن، تلقى المعينون تدريبا لمدة كانت تصل إلى عشر ساعات يوميا على التعامل مع المشاكل المحتملة خلال السيطرة على الحشود ومن بينها سبل التعامل مع الثملين.

وقال الحارس المكلف بمراقبة ما بين 50 و100 شخص في جزء من المدرجات ليس قريبا من الملعب "نتحدث معهم لنعرف حالتهم الصحية. إذا كان الشخص يستطيع السير، سندعه يمضي في طريقه. وإذا لم يكن كذلك، ستتدخل فرق الإسعاف".

ويُقدر الحارس أنه تم توظيف أكثر من 1200 شخص في مجموعته جميعهم مقيمون في قطر.

وتواجه الدوحة التي يبلغ عدد سكانها ثلاثة ملايين نسمة يمثل المواطنون منهم حوالي 12 بالمئة، نقصا في عدد الموظفين مع استعدادها للبطولة التي تستمر شهرا.

وقطر هي أول دولة في الشرق الأوسط وأصغر دولة على الإطلاق تستضيف كأس العالم لكرة القدم. ورغم أنها أنفقت مليارات الدولارات على البنية التحتية، فإنها لم تنظم أبدا حدثا بهذا الحجم، كما أن البطولة ستُقام في مدينة واحدة أو حولها، وهو أمر غير معتاد في البطولة.

واستدعت قطر مئات المدنيين من بينهم دبلوماسيون بالخارج، لأداء الخدمة العسكرية الإلزامية في إدارة نقاط تفتيش أمنية في مواقع كأس العالم.

وتستضيف الإمارة الخليجية بالفعل عشرات الآلاف من الأفراد المعينين كحراس أمن خارج المباني الحكومية والجامعات والمجمعات التجارية. وفي الفترة التي تسبق انطلاق المباريات، قالت منظمة العفو الدولية إن حراس الأمن عملوا لساعات طويلة لشهور متتالية دون الحصول على يوم عطلة.

وأدخلت قطر إصلاحات عمالية على مدى العقد الماضي، من بينها قيود لعدد ساعات العمل، لا سيما أثناء الطقس الحار، لكنها تقول إن هناك المزيد من الإجراءات اللازمة.

وقال المعينان اللذان تحدثا شريطة عدم الكشف عن هويتيهما، إنهما فوجئا بتوظيفهما قبل أسابيع فقط من انطلاق المنافسات. وهناك سبعة من الملاعب الثمانية التي تقام فيها المباريات جديدة تماما ولم تشهد تقريبا حضور حشود كبيرة من قبل.

وسيستضيف استاد لوسيل الذي تبلغ سعته 80 ألف مشجع، المباراة النهائية في 18 ديسمبر. وشهد فعالية واحدة كبيرة على سبيل التجربة بحضور حشد ضم نحو 78 ألف شخص.

وسيراقب الحراس الذين سمعوا عن الوظائف من خلال معلومات تم تناقلها شفهيا وأجريت لهم مقابلات في أواخر أكتوبر، أقساما داخل الملاعب ويبلغون المشرفين عند حدوث أي مشكلة. وستجري إحالة أي مشاكل خطيرة إلى "قوة خاصة".

وقال متحدث باسم الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) "فيما يتعلق بالاستعدادات، كانت سلطات الأمن والشرطة القطرية حاضرة منذ عام 2010 في جميع فعاليات كرة القدم الكبرى والألعاب الأولمبية".

وأضاف "تم تنفيذ برامج تدريبية مكثفة ومعتمدة دوليا في ما يتعلق بالأمور الرئيسية مثل سلامة الحشود والسيطرة عليها والأمن وإدارة المخاطر وتدابير الطوارئ لمواجهة الحوادث الخطيرة".

وقال الحارس الثاني إن هؤلاء المعينين لا يمكنهم التدخل في حالة وقوع اشتباك جسدي، وليس لديهم سلطة اعتقال أحد، مضيفا "لن نتدخل في أي نوع من حالات الطوارئ. هناك بالفعل قوى أخرى لذلك. مهمتنا هي فقط المراقبة والإبلاغ".