إيران تحيي قضية اغتيال فخري زاده في غمرة الاحتجاجات

السلطات الإيرانية توجه اتهامات لتسعة أشخاص قالت إنهم متورطون في عملية اغتيال عالم نووي بارز في 2020.
إيران تعتقل 12 شخصا بتهمة الارتباط بعملاء في الخارج
طهران تحتجز نائب مدير الوكالة فارس بتهمة نشر أخبار مضللة

طهران - أعادت إيران اليوم الثلاثاء قضية اغتيال العالم النووي محسن فخري زاده في نوفمبر/تشرين الثاني 2020 إلى الواجهة في غمرة الاحتجاجات التي لم تهدأ منذ سبتمبر/ايلول الماضي وفي خضم حملة قمع واعتقالات واسعة وضعت الجمهورية الإيرانية تحت مقصلة الضغوط الغربية.

ووجّهت السلطة القضائية الإيرانية اتهامات لتسعة أشخاص بالتورّط في اغتيال العالِم نووي البارز، وفق ما أعلن المتحدث باسم السلطة مسعود ستايشي الثلاثاء، مضيفا أنه "تم توجيه اتهامات أخرى إلى ستة متهمين آخرين" دون أن يكشف هويتهم.

وأوضح المتحدث أن المتهمين بـ"التواطؤ في الإفساد على الأرض" و"التعاون مع إسرائيل"، وهما جريمتان يعاقب عليهما بالإعدام، في قضية اغتيال محسن فخري زاده الذي لا تزال عملية اغتياله غامضة إلى الآن.

وقُتل محسن فخري زاده الذي فرضت عليه الولايات عقوبات لدوره في برنامج إيران النووي، قرب طهران في هجوم استهدف موكبه.

قال المدعي العام في طهران علي صالحي إنه تم توجيه اتهامات إلى "15 شخصا" في هذه القضية، بحسب وكالة أنباء تسنيم، دون تحديد هويتهم.

واتهمت السلطات الإيرانية إسرائيل بأنها أمرت بالهجوم الذي نُفِّذ، على حد قول طهران، برشاش يتحكم فيه قمر اصطناعي.

ولم ترد إسرائيل على هذه الاتهامات، لكن رئيس حكومتها في العام 2018 بنيامين نتنياهو قال إن فخري زاده كان يقود برنامجا سريا للأسلحة النووية، الأمر الذي تنفيه إيران.

ويأتي استحضار قضية اغتيال فخري زاده في هذا الظرف، بينما تعلن إيران من حين إلى آخر اعتقال أجانب أو عملاء تقول إنهم يعملون لصالح إسرائيل.

وفي أحدث حلقة من فصول الاعتقال التي لا تهدأ، ذكرت وسائل إعلام رسمية أن الحرس الثوري الإيراني قال في بيان إنه اعتقل اليوم الثلاثاء 12 شخصا بتهمة الارتباط بعملاء في الخارج والتخطيط للقيام "بأعمال تخريبية".

وقال البيان "كان أعضاء هذه الشبكة وبتوجيه من عملاء مناوئين للثورة يعيشون في ألمانيا وهولندا، يعتزمون القيام بأعمال تخريبية من خلال شراء أسلحة حربية والعمل ضد الأمن القومي"، لكن البيان لم يحدد جنسيات المقبوض عليهم أو يذكر أي تفاصيل أخرى.

وتشهد إيران احتجاجات على مستوى البلاد منذ وفاة الشابة الإيرانية الكردية مهسا أميني في 16 سبتمبر/أيلول أثناء احتجازها لدى شرطة الأخلاق التي أعلنت السلطات هذا الأسبوع حلها. وتمثل التظاهرات أحد أكبر التحديات التي تواجهها الجمهورية الإسلامية منذ تأسيسها في 1979.

وتتهم طهران أجهزة المخابرات الغربية بتأجيج الاحتجاجات والسعي لإثارة حرب أهلية في إيران. ولم يسلم نائب مدير وكالة أنباء فارس المقربة من السلطة من موجة الاعتقالات.

وأوقف نائب مدير الوكالة عباس درويش تافانجر بتهمة تزوير أنباء، وفق ما أعلنت هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية مساء الاثنين، مضيفة "لا يزال رهن الاحتجاز حتى نتمكن من معرفة أسباب تزويره للأخبار ووضع نشرات إخبارية مضللة". ويتعلق الأمر بنشرات سرية يتم توزيعها على بعض المشتركين.

في 26 نوفمبر/تشرين الثاني أشارت وكالة فارس في بيان نشرته على قناتها على 'تلغرام' إلى أنّ دخول المستخدمين إلى موقعها الإلكتروني تعطّل بعد "عملية قرصنة وهجوم إلكتروني معقّدَين".

وأعلنت مجموعة تطلق على نفسها اسم "بلاك ريوورد" أنّها تمكّنت من الحصول على عشرات الوثائق السرية.

وقضت السلطات الإيرانية كذلك بإعدام خمسة أشخاص بعدما أدينوا بالتورط في مقتل عنصر من الباسيج خلال الاحتجاجات التي تجتاح البلاد، وفق ما أعلنت السلطة القضائية الثلاثاء.

وقال المتحدث باسم السلطة القضائية مسعود ستايشي في مؤتمر صحافي إنّ أحكاما بالسجن لفترات طويلة صدرت بحق 11 شخصا آخرين، بينهم ثلاثة قاصرين، على خلفية مقتل روح الله عجميان، مضيفا أنّ الأحكام قابلة للاستئناف.

وتابع أنّ عجميان (27 عاما) جُرد من ملابسه وقُتل على يد مجموعة من المشيّعين الذين كانوا يحيون أربعينية المتظاهرة حديث النجفي التي قُتلت خلال الاحتجاجات التي تشهدها إيران منذ وفاة مهسا أميني.

وفي خطوة مفاجئة، نُقل عن المدعي العام الإيراني محمد جعفر منتظري الأحد قوله إنّه تم تعليق عمل وحدات شرطة الأخلاق، لكن تصريحه لم يتبعه إعلان رسمي بهذا الشأن، كما أثار شكوكا واسعة النطاق بشأن مدى صحّته.

وتوفّي عجميان في الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني في كرج الواقعة في غرب طهران، بعدما تعرّض للضرب بـ"السكاكين والحجارة والقبضات والركلات" كما جرى سحبه في الشارع، وفقا للمتحدث باسم السلطة القضائية.

وكان عجميان ينتمي إلى الباسيج وهي قوة تضمّ متطوّعين مدعومة من الدولة ومرتبطة بالحرس الثوري الإسلامي.

وأُدين الأشخاص الخمسة المحكوم عليهم بالإعدام بتهمة "الفساد في الأرض"، وهي واحدة من أخطر الجرائم بموجب قانون الشريعة الإسلامية في إيران.

أما الأشخاص الـ11 الآخرون ومن بينهم امرأة، فقد أدينوا لـ"دورهم في أعمال الشغب" وحُكم عليهم بالسجن لفترات طويلة، حسب ما ستايشي.

وترفع الأحكام الأخيرة الصادرة عن المحكمة عدد المحكوم عليهم بالإعدام في إيران بسبب أعمال العنف التي اندلعت بعد وفاة أميني إلى 11 شخصا.

وندّدت منظمة حقوق الإنسان في إيران التي تتخذ من النرويج مقرّا بهذه الأحكام. وقال مدير المنظمة محمود أميري مقدم "حُكم على هؤلاء الأشخاص بعد إجراءات غير عادلة ومن دون إتباع الإجراءات القانونية الواجبة"، مضيفا أنّ "الهدف هو نشر الخوف وجعل الناس يتوقّفون عن الاحتجاج".

ورغم حملة القمع التي قتلت المئات، إلّا أنّ الصور المنشورة على الإنترنت أظهرت محالا تجارية مقفلة في مدن في مختلف أنحاء البلاد الثلاثاء، في اليوم الثاني من الإضراب الذي سيتوافق الأربعاء مع يوم الطالب.

وقُتل مئات الأشخاص معظمهم من المتظاهرين وأفراد من قوات الأمن، منذ بدء الاحتجاجات. كما تم اعتقال آلاف الأشخاص بينهم صحافيون وممثلون ومحامون في التظاهرات التي وصفت السلطات الكثير منها بأنها "أعمال شغب".