'يا شيخ سلامة' تعالج تردي الذائقة الفنية المعاصرة بروح الماضي

مسرحية مصرية تستدعي الشيخ سلامة حجازي ومعاصريه ليستفيد الجيل الجديد من الفنانين من خبراتهم وتجاربهم.
انتشار ظاهرة 'أغاني المهرجانات' خط موازي ومتداخل مع سيرة الشيخ سلامة حجازي

القاهرة - استمتع جمهور مسرح البالون بقاعة صلاح جاهين في القاهرة الأحد بعرض مسرحية 'يا شيخ سلامة' للكاتب المصري يسري حسان وإنتاج البيت الفني للفنون الشعبية والاستعراضية.

وتناقش المسرحية سيرة المسرحي المصري وأحد أعلام النهضة العربية الحديثة الشيخ سلامة حجازي وذلك وفق طرح يلتقي فيه الغناء بالأداء الجسدي عبر عرض لعلاقة الفنان بمعاصريه من كبار المطربين أمثال عبده الحامولي ومنيرة المهدية.

ويقول مؤلف المسرحية "العرض يأتي بعد عدد من العروض التي تناولت سيرة الفنانين الملهمين والمؤثرين سواء في الموسيقى والغناء أو المسرح الغنائي المصري بشكل عام".

وينشغل حسان بظاهرة 'أغاني المهرجانات' التي ألف عنها كتابا قبل ثلاث سنوات لدرجة أنه عندما شرع في تقديم عمل مسرحي جديد عن عمالقة الغناء المصري اختارها مدخلا لعرض 'يا شيخ سلامة'.

وأوضح "من المهم جدا أن تكون هناك عروض تتناول سيرة الفنانين المؤثرين في مسيرة الفن المصري، لكننا عندما فكرنا في هذا العرض تحديدا كان السؤال الملح هو لماذا نستدعي الشيخ سلامة حجازي الآن؟، هل هناك قضية يمكن الاشتباك معها من خلاله؟ فوجدنا أن انتشار ظاهرة أغاني المهرجانات من الممكن أن تكون خطا موازيا ومتداخلا مع سيرة الشيخ سلامة حجازي".

وتابع "أردنا من خلال هذا الاشتباك أن نوضح نقطة مهمة وهي ضرورة الاهتمام بالكلمة واللحن، أهمية أن يكون لكل مهنة 'أسطى' يمكن الرجوع إليه لنستفيد من خبراته وتجاربه، هنا كان الغرض من تقديم الشيخ سلامة حجازي كنموذج لفنان عصامي بدأ من الصفر وعمل بمهن متواضعة لكنه علم نفسه وتعلم على أيدي شيوخ وموسيقيين وفنانين حتى كان له ما أراد وأصبح رائدا للمسرح الغنائي المصري، فهو أول من قدم المسرح الغنائي في مصر".

والمسرحية أخرجها محمد الدسوقي وهي ثمرة مجهود فريق عمل مكون من نحو ثمانية فنانين وقام بتشخيص أدوارها كل من علي الهلباوي ومراد فكري وسلمى عادل وحسني حسان ونهلة خليل وأحمد شومان وحسام يس وزهرة إبراهيم.

وينطلق العرض من الوقت الراهن في منطقة رأس التين بمدينة الإسكندرية حيث يعيش شاب وفتاة متحابان ويتطلعان إلى الشهرة عن طريق الغناء في ذات البيت الذي كان يسكنه الشيخ سلامة حجازي في منتصف القرن التاسع عشر ويلتقيان مع باحثة متخصصة في الموسيقى تحاول تصحيح مسارهما وتذكيرهما بقواعد وأصول الغناء وأهم رموزه.

بعدها يعتمد العرض أسلوب الفلاش باك أو الذهاب والعودة بين الماضي والحاضر حيث تبدأ الباحثة الموسيقية في سرد سيرة الشيخ سلامة حجازي منذ مولده عام 1852 وحتى وفاته في العام 1917 ورحلته الفنية التي شملت الإنشاد والتلحين والغناء والتمثيل المسرحي.

ويمرر المؤلف من خلال المزج بين الحوار والغناء مع استعراضات جماعية راقصة إلى الجمهور وكذلك للجيل الجديد من المغنين أصول الطرب والمقامات الموسيقية بشكل عملي على المسرح بأداء متميز للمطرب علي الهلباوي الذي يؤدي دور الشيخ سلامة حجازي في العرض.

ولا يقتصر العمل على سرد سيرة الشيخ سلامة حجازي فحسب بل يعرض لأحوال الفن المصري نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين والعلاقات المتبادلة بين بطل العمل وكبار المطربين في ذلك الوقت أمثال عبده الحامولي ومنيرة المهدية.

ويعتبر الشيخ سلامة حجازي رائد فن الأوبريت فكان صوته يناسب هذا اللون الفني وهو أول من لحن المارشات والسلامات الخديوية التي كان يغنيها بصوته في مطلع الروايات وهو نوع من الغناء الحماسي الذي يحث على المبادئ والأخلاق والولاء للوطن. وتغنى بألحانه العديد من أشهر المطربين في مصر أمثال منيرة المهدية ومحمد عبدالوهاب وقام بتشجيع سيد درويش وقدمه على المسرح.

وقال مؤلف المسرحية "لا نطلب من الشباب أن يقدموا ما كان يقدمه الشيخ سلامة في عصره لكن أن يقدموا صوت عصرهم وفق أسس فنية تؤدي بهم إلى البقاء والتأثير مثلما بقي وأثر هو".

وكان حسان قد أصدر عام 2020 كتاب 'هتاف المنسيين.. أغاني المهرجانات من العشوائيات إلى أولاد الذوات' عن دار بتانة للنشر تضمن كلمات عدد من هذه الأغاني مع تحليل لمضمونها وبحث في أسباب انتشارها وسط الطبقات الاجتماعية المختلفة.