مظاهرات حاشدة في فرنسا احتجاجا على قانون التقاعد الجديد

رحلات القطارات تتعطل والقمامة تتراكم في الشوارع، فيما أغلقت بعض المدارس مع تصعيد النقابات للضغط على الحكومة لسحب القانون.
إيمانويل ماكرون يمضي إلى الأمام مؤكدا أن القانون سينفذ هذ العام

باريس ـ تشهد فرنسا اليوم الخميس مظاهرات حاشدة في خضم الغضب الشعبي المتصاعد منذ تمرير الحكومة مشروع تعديل نظام التقاعد من دون تصويت في البرلمان، فيما أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأربعاء أن القانون المثير للجدل سيدخل حيز التنفيذ بحلول نهاية العام، موصدا بذلك الباب في وجه أي محاولات لدفعه إلى التراجع.

وذكر موقع "فرانس24" أن "نقابات عمالية في فرنسا نظمت لليوم التاسع على التوالي مظاهرات واسعة في البلاد، احتجاجا على قرار الحكومة تعديل نظام التقاعد"، بينما قالت شركة السكك الحديدية الوطنية (SNCF) إن "نصف رحلات القطار السريع ألغيت" بسبب الاحتجاجات، بينها رحلات إلى العاصمة باريس، وفق الموقع.

وأغلق عمال فرنسيون غاضبون من رفع سن التقاعد، الطريق إلى إحدى صالات مطار شارل ديغول في باريس اليوم الخميس، في إطار احتجاجات على مستوى البلاد، مما أجبر بعض المسافرين على التوجه إلى هناك سيرا على الأقدام.

وتعطلت خدمات القطارات وأُغلقت بعض المدارس بينما تراكمت القمامة في الشوارع وتعطل توليد الكهرباء مع تصعيد النقابات الضغط على الحكومة لسحب القانون الذي يمد سن التقاعد عامين إلى 64 عاما.

وشوهدت أعمدة من الدخان تتصاعد من أكوام حطام محترقة أعاقت حركة المرور على طريق سريع بالقرب من تولوز في جنوب غرب فرنسا، كما تسببت الإضرابات في إغلاق طرق بمدن أخرى لفترة وجيزة.

وقال متحدث باسم شركة مطارات باريس إن الاحتجاج بالقرب من المبنى رقم 1 في مطار شارل ديغول لم يؤثر على الرحلات الجوية.

ومن المقرر تنظيم مسيرات احتجاجية في أنحاء البلاد في وقت لاحق من اليوم الخمييس، بينما استهدفت احتجاجات أخرى مستودعات للنفط وأغلقت محطة للغاز الطبيعي المسال في مدينة دنكيرك الشمالية.

وقال الرئيس إيمانويل ماكرون الأربعاء إن القانون، الذي مررته الحكومة في البرلمان دون تصويت الأسبوع الماضي، سيدخل حيز التنفيذ بنهاية العام على الرغم من تزايد الغضب في البلاد.

وقال فيليبي مارتينيز زعيم الكونفدرالية العامة للشغل "أفضل رد يمكن أن نقدمه للرئيس هو مشاركة الملايين في الإضرابات وخروجهم إلى الشوارع".

وتمثل أحدث موجة من الاحتجاجات أكبر تحد لسلطة الرئيس منذ احتجاجات "السترات الصفراء" قبل أربعة أعوام. وتظهر استطلاعات الرأي أن أغلبية الفرنسيين يعارضون قانون التقاعد وكذلك قرار الحكومة بتمريره في البرلمان دون تصويت.

وقال أوليفييه دوسوبت وزير العمل إن الحكومة لا تنكر حالة التوتر بالبلاد لكنها تريد المضي قدما في التغييرات.

وأقر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأربعاء بـ"عدم نجاحه في إقناع الشعب بضرورة هذا الإصلاح"، مكررًا الحجج التي قدّمها معسكره الرئاسي منذ تمرير الحكومة مشروع تعديل نظام التقاعد من دون تصويت في البرلمان.

وقال "هذا الإصلاح ليس متعة ولا ترفًا بل ضرورة"، مشيرًا إلى ضرورة الاستجابة إلى تدهور الصناديق التقاعدية وارتفاع عدد المسنّين في فرنسا التي تُعدّ إحدى الدول الأوروبية حيث أدنى سنّ تقاعدية.

وأضاف "أنا لا أسعى إلى إعادة انتخابي، لكن بين استطلاعات الرأي القصيرة المدى حول شعبيتي والمصلحة العامة للبلد، أختار المصلحة العامة للبلد". وتابع "إذا كان عليّ تحمّل عدم الشعبية، فسأتحملها".

وأثارت تصريحات ماكرون غضب المعارضة والاتحادات النقابية وندد زعيم حزب "فرنسا الأبية" اليساري الراديكالي جان لوك ميلانشون بـ"علامات الازدراء التقليدية" و"غطرسة" ماكرون الذي "يعيش بعيدًا من الواقع".

وقال رئيس الحزب الاشتراكي أوليفييه فور في الجمعية الوطنية "إن ماكرون في حالة إنكار مطلقة"، مضيفًا "أخشى أن يكون قد أجج نارا مشتعلة جدًا".

واعتبر الأمين العام لنقابة"CGT" فيليب مارتينيز أن تصريحات ماكرون "مشينة ومحقّرة لملايين الأشخاص الذين يتظاهرون. ما يقوله هو كل شيء على ما يرام، أنا أفعل كل شيء بشكل جيد، ولا شيء يحدث في الشارع".

واعتُمد القانون الاثنين استناداً إلى المادة 49.3 من الدستور التي تسمح بتمرير مشروع من دون تصويت في الجمعية الوطنية (البرلمان) ما لم يؤدِّ اقتراحٌ بحجب الثقة إلى الإطاحة بالحكومة. وينص القانون خصوصًا على رفع سن التقاعد من 62 إلى 64 عاماً، ما أثار غضب الرأي العام.