مقتدى الصدر.. الغائب الحاضر

زعيم التيار الصدري لا يرى ضرورة للاستعجال في النزول إلى الشارع.

على الأرجح الزعيم السياسي الذي يمتلك أكبر قاعدة جماهيرية في العراق سيعود إلى أضواء السياسة وربما مارثون الإنتخابات القادم الذي تسعى الكتل والأحزاب إلى تغيير قوانينه التي تسببت بخسائر فادحة لها وإرجاعها إلى نظام سانت ليغو الذي يرفضه مقتدى الصدر وتياره بالتوازي مع ثوار تشرين.

عودة مقتدى الصدر وإن كانت غير معلنة بالمباشر إلا أن التغريدات التي تتوالى كل فترة مع تلك الرسائل والرفض المبطّن وإصرار وتحدي من قبل أنصاره لرفض قانون سانت ليغو ربما يُشعل الشارع العراقي بمظاهرات عارمة، ينتظر أتباع الصدر تغريدة أو قصقوصة من زعيمهم للنزول إلى الشارع بثورة عند أسوار المنطقة الخضراء.

الرسالة الأولى لزعيم التيار الصدري كانت من خلال صلاة الجمعة الموحدة التي دعا أتباعه إلى المواظبة عليها، وهي في حد ذاتها خطوة سياسية وإن كانت بشعائر وطقوس دينية إلا أنها تحمل بُعداً وتذكيراً للآخرين بقوة مقتدى الصدر في الشارع العراقي، في حين يعتبر الكثير من المراقبين أن دعوات الصدر لصلاة الجمعة الموحدة تحمل في ثناياها مخاطبة وجدان أتباعه.

"الهدوء الذي يسبق العاصفة". هكذا يمكن توصيف العلاقة بين التيار الصدري ورئيس الحكومة السوداني، حيث لا يمكن التكهن بالخطوة القادمة للصدر، وربما هي إحدى ركائز قوته في عدم توقع القادم منه.

"أما حكومة أغلبية أو لن أُشارك بالعملية السياسية". هكذا كان الصدر يردد في بدايات تشكيل الحكومة بعد أن تحالف مع محمد الحلبوسي رئيس البرلمان ومسعود بارزاني رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني لتشكيل تحالف "إنقاذ وطن" تم إحباطه من قبل الإطار التنسيقي الذي كان يرغب بحكومة توافقية، إضطر بعدها الصدر إلى الإنسحاب والاعتكاف عن العملية السياسية.

سبعة أشهر مرت على إعتزال زعيم التيار الصدري ويبدو أن لا ضرورة للاستعجال في النزول إلى الشارع، خصوصاً وإن الصدر يُدرك حجم الثقل السياسي الذي يمثله التيار وباستطاعته التغيير متى اختار الزمان والمكان المناسبين، لذلك يعتمد إسلوب الترقب وإنتظار ما ستؤول إليه أحداث القادم من الايام.

قانون سانت ليغو الذي ناقشه أعضاء مجلس النواب حتى فجر الإثنين 20/مارس لتمريره حين تمكن بعدة جلسات مارثونية إستمرت نحو 17 ساعة من التصويت على سبع مواد من قانون الإنتخابات ما تبقى من 15 مادة لم يتم الإتفاق عليها، في سابقة أو مسرحية أشبعت العراقيين إستهزاء وسخرية من قدرة البرلمان للسهر حتى الفجر من أجل قوانين تخدم مصالحه ومنافعه، في حين يغفل هذا البرلمان عن القوانين التي تخدم الشعب وتنصفه.

كان أهم خطوة إتفق عليها البرلمان هو تحديد شهر تشرين الثاني القادم موعداً لإجراء إنتخابات مجالس المحافظات.

خطوة مقتدى الصدر بالإعتكاف السياسي جاءت لتبيان الحقيقة للشارع العراقي مَن هم الذين لا يعملون لصالح الشعب بعد أن أعطى فرصة للإطار التنسيقي بتشكيل الحكومة وإنتظار نتائجها.

هل سيعود مقتدى الصدر؟ سؤال ربما من الصعب الإجابة عليه خصوصاً مع عدم توقع خطوة الصدر القادمة.

الترقب وإنتظار خطوة زعيمهم الذي رفع شعار "لا شرقية ولا غربية" هو ما يتطلع إليه الأتباع في إنتظار تغريدة، ويبدو أن توقيت التغريدة قد إقترب موعدها خصوصاً مع ذلك الرفض الجماهيري لقانون الإنتخابات القديم (سانت ليغو) الذي رسخ هيمنة القوى السياسية التقليدية وحرم الأحزاب الناشئة من الصعود إلى قبة البرلمان لولا إنتفاضة تشرين والرفض الذي شارك فيه مقتدى الصدر في تغيير قوانين الإنتخابات وتغيير أساسيات اللعبة لصالحهم.

ماذا يخطط مقتدى الصدر للقادم من المشهد السياسي في العراق؟ لا يمكن التكهن بالخطوة القادمة إلا من خلال إستنتاج ورسم الأحداث الخارجية التي تترابط مع بعضها في متوالية تقود إلى النتيجة ومن ثم يمكن ربطها مع خطوة الصدر القادمة.