ممثلو البرهان وحميدتي في جدة لبحث مسائل إنسانية
الخرطوم – تتجه الأنظار اليوم السبت إلى مدينة جدة السعودية المطلة على البحر الأحمر التي يُنتظر أن تحتضن مباحثات بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع بمبادرة سعودية أميركية، في الوقت الذي يضغط فيه الوسطاء الدوليون من أجل إنهاء الصراع الذي أودى بحياة المئات ودفع عشرات الآلاف من اللاجئين للفرار إلى الخارج.
وأرسل الجيش وقوات الدعم السريع، وفدان منفصلان، إلى المملكة العربية بالسعودية، للتفاوض حول الوصول إلى هُدنة تُوقف القتال.
ويجري التفاوض غير المباشر بين الطرفين بوساطة أميركية سعودية لمناقشة وقف إطلاق النار وإنهاء الوجود العسكري في الأحياء السكنية وفتح ممرات إنسانية للوصول إلى الرعاية الصحية وتوزيع الإغاثة.
ورحبت الولايات المتحدة والسعودية في البيان بـ"بدء المحادثات الأولية" في جدة بين ممثلي القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع. وحضّ البلدان طرفَي النزاع السوداني على "الانخراط الجاد" في هذه المحادثات توصلا إلى "وقف لإطلاق النار وإنهاء النزاع".
ومن الجانب السوداني رحب قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو في تغريدة على حسابه بتويتر وفايسبوك بالبيان المشترك للمملكة العربية السعودية والولايات المتحدة بشأن بدء المحادثات.
وأشاد "بالجهود الاقليمية والدولية المبذولة للوصول الى وقف إطلاق نار يسهل فتح ممرات إنسانية تمكن المواطنين من الحصول على الخدمات الأساسية".
كما رحب تحالف قوى الحرية والتغيير السوداني، وهو تجمع سياسي يقود خطة مدعومة دوليا للانتقال إلى الحكم المدني، أيضا بمحادثات جدة اليوم السبت، وأعربت عن أملها في أن تقود لوقف للقتال ومعالجة الأوضاع الإنسانية بما يمهد الطريق لحل سلمي سياسي مستدام.
واعتبرت، في بيان، أن هذه المباحثات تشكل خطوةً أولى لوقف الانهيار المتسارع الذي شهده السودان منذ اندلاع الحرب منتصف أبريل الماضي، مشيرةً إلى أنها تأمل من قيادة القوات المسلحة والدعم السريع قراراتٍ شجاعة تنتصر لصوت الحكمة، وتوقِف القتال، وتنهي المعاناة التي يعيشها الشعبُ جراء الحرب.
كما تقدمت القوى المدنية بالشكر لحكومتي المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية على جهودهما من أجل الترتيب لهذه المباحثات والوصول لصيغة تنهي الحرب وتحل السلام.
ويضم وفد الجيش السوداني الجنرال أبوبكر فقيري والسفير عمر صديق، فيما يضم وفد الدعم السريع العميد عمر حمدان وشقيق قائد قوات الدعم السريع الرائد قوني حمدان دقلو وفارس النور وهو مستشار لقائد الدعم السريع وصاحب خبرة في القضايا الإنسانية. وفق تلفزيون الشرق.
ومبادرة جدة هي أول محاولة جادة لإنهاء القتال الذي أصاب الحكومة السودانية بالشلل وعرّض الانتقال السياسي في البلاد للخطر بعد سنوات من الاضطرابات والانتفاضات.
وعلى الرغم من صدور أكثر من إعلان لوقف إطلاق النار، لم تظهر في الأفق أي بوادر لإنهاء القتال.
و ما زالت المعارك محتدمة في الخرطوم حيث شنت قوات البرهان السبت ضربات جوية في حي الرياض بالخرطوم ما يؤكد نوايا جهات في الجيش على صلة بفلول النظام السابق في عدم احترام جهود التهدئة كون أي تقارب في هذا الصدد لن يخدم مصالحها.
وفي مشهد عن حجم التوتر الميداني تعرضت سيارة السفير التركي لدى الخرطوم إسماعيل تشوبان أوغلو لإطلاق نار، ولم يسفر الحادث عن وقوع إصابات أو قتلى.
وأفادت مصادر دبلوماسية تركية السبت، أن سيارة السفير تشوبان أوغلو تعرضت لإطلاق نار في السودان، التي تشهد اشتباكات متواصلة بين الجيش و"قوات الدعم السريع".
ولفتت المصادر إلى أن الحادث لم يسفر عن إصابات أو قتلى، وأنه لم تعرف بعد هوية من قاموا بإطلاق النار على سيارة السفير.ونددت قوات الدعم السريع في بيان بالهجوم متهمة عناصر الجيش بالتورط في العملية.
وقالت القوات "في خطوة جبانة تمثل انتهاكًا صارخًا لكافة الاعراف والاتفاقيات الدولية لحماية البعثات الدبلوماسية قامت قوات الانقلابيين بإطلاق نار على سيارة السفير التركي بالخرطوم اسماعيل جوبان أوغلو بعدما تم التنسيق المسبق بين الطرفين حول الاجلاء علما بان مباني السفارة تقع تحت سيطرة القوات الانقلابية".
واكدت انها تمكنت من اجلاء السفير ووفده الي مكان امن مشددة على التزامها الكامل بحماية البعثات الدبلوماسية التزاما باتفاقية جنيف وكافة الاتفاقيات الدولية.
قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو اليوم السبت إن تركيا ستنقل سفارتها من الخرطوم إلى بورتسودان بعد عملية إطلاق النار.
وقال لصحفيين في مدينة أنطاليا جنوب البلاد "مع توصية من الحكومة الانتقالية والجيش السوداني، قررنا نقل سفارتنا مؤقتا إلى بورتسودان لأسباب أمنية".
وترتبط السعودية بعلاقات وثيقة مع قائد الجيش الفريق الأول عبدالفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع ، وكلاهما أرسل قوات لمساعدة التحالف الذي تقوده المملكة في حربه ضد جماعة الحوثي في اليمن.
وقالت السعودية إن وزير خارجيتها الأمير فيصل بن فرحان ونظيره الأميركي أنتوني بلينكن ناقشا في اتصال هاتفي مساء الجمعة مستجدات مبادرة مشتركة لاستضافة طرفي الصراع السوداني في مدينة جدة بالمملكة في محاولة للحد من التوتر.
واستعرض الوزيران مستجدات المبادرة السعودية الأميركية الخاصة باستضافة ممثلين عن الطرفين في مدينة جدة، والتي تهدف لتهيئة الأرضية اللازمة للحوار لخفض مستوى التوترات هناك، بما يضمن أمن واستقرار السودان وشعبه الشقيق.
وأظهرت وثيقة الجمعة أن مجموعة دول بقيادة بريطانيا والولايات المتحدة وألمانيا والنرويج من المقرر أن تطلب عقد اجتماع عاجل لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بشأن أزمة السودان الأسبوع المقبل.
يأتي ذلك، فيما عبّر برنامج الأغذية العالمي عن خشيته من أن يعاني 19 مليون شخص الجوع، وسوء التغذية خلال الأشهر المقبلة في السودان بسبب النزاع العسكري المستمر.
من جانبها، أطلقت الأمم المتحدة من جانبها جرس إنذار بشأن الوضع الإنساني. ونقل نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة فرحان حق أن برنامج الأغذية "يتوقع أن عدد الأشخاص الذين يعانون فقدانا حادا في الأمن الغذائي في السودان سيرتفع ما بين مليونين و2.5 مليون شخص. هذا سيرفع العدد الإجمالي (لهؤلاء الأشخاص) الى 19 مليونا في الفترة بين الأشهر الثلاثة والستة المقبلة في حال استمر النزاع الحالي".
وأعلن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة عقد اجتماع طارئ حول الوضع في السودان في 11 مايو/ايار. وقال المجلس في بيان إن هذا الاجتماع يعقد بناء على طلب رسمي مشترك تقدمت به المملكة المتحدة والنروج والولايات المتحدة وألمانيا مساء الجمعة وحظي بتأييد 52 دولة حتى الآن.
ومنذ 15 أبريل/نيسان، أسفر القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع عن سقوط نحو 700 قتيل وآلاف الجرحى، بحسب مجموعة بيانات مواقع النزاع المسلّح وأحداثه (إيه سي إل إي دي).
ومن بين القتلى أطفال "بأعداد كبيرة"، حسب الأمم المتحدة، في بلد يقلّ فيه عمر 49 بالمئة من السكّان عن 18 عاماً.
وأشارت منظّمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف " الجمعة إلى تقارير تفيد بسقوط سبعة أطفال كلّ ساعة بين قتيل وجريح.
وأضافت المنظمة الأممية أنّها تلّقت تقارير من شريك موثوق - لم تتحقّق منها الأمم المتحدة بشكل مستقلّ بعد - تفيد بأنّ 190 طفلاً قُتلوا و1700 آخرين أصيبوا بجروح خلال الأيام الأحد عشر الاولى فقط من القتال.
والخميس، أكّد الرئيس الأميركي جو بايدن أنّ "المأساة... يجب أن تنتهي"، ملوّحاً بفرض عقوبات على "الأفراد الذين يهدّدون السلام"، لكن من دون أن يسمّي أحداً.
والسودان الدولة البالغ عدد سكّانها 45 مليون نسمة، خرج في العام 2020 من عقدين من العقوبات الأميركية التي فُرضت على الدكتاتورية العسكرية الإسلامية للجنرال عمر البشير الذي أطاحه الجيش تحت ضغط الشارع عام 2019، بعد بقائه ثلاثين عاماً في السلطة.
وتوقعت رئيسة الاستخبارات الأميركية أفريل هاينز معارك "طويلة الأمد" لأنّ "الطرفين يعتقدان أنّ بإمكان كلّ منهما الانتصار عسكرياً وليست لديهما دوافع تُذكر للجلوس إلى طاولة المفاوضات".
وأسفر القتال عن إصابة أكثر من خمسة آلاف شخص بجروح وتشريد ما لا يقلّ عن 335 ألف شخص وإجبار 115 ألفاً آخرين على النزوح، وفقاً للأمم المتحدة التي تطلب 402 مليون يورو لمساعدة السودان الذي يعدّ واحدا من أفقر دول العالم.
وأوضحت الأمم المتحدة أنّ "أكثر من 56 ألف شخص عبروا في الثالث من مايو" إلى مصر، مضيفة أنّ "أكثر من 12 ألف شخص" عبروا إلى إثيوبيا و"30 ألف شخص إلى تشاد".
وفي إقليم دارفور غرباً على الحدود مع تشاد، الذي شهد حرباً دامية بدأت عام 2003 بين نظام البشير ومتمرّدين ينتمون الى أقليّات إتنية، لفت المجلس النروجي للاجئين إلى سقوط "191 قتيلاً على الأقلّ واحتراق عشرات المنازل ونزوح الآلاف" فضلاً عن تعرّض مكاتبه للنهب.
ووصلت 30 طنّاً إضافية من المساعدات الجمعة إلى مدينة بورتسودان الساحلية التي ظلّت نسبياً في منأى من أعمال العنف.
وتسعى الأمم المتحدة ومنظّمات غير حكومية أخرى إلى التفاوض بشأن ايصال هذه الشحنات إلى الخرطوم ودارفور، حيث تعرّضت المستشفيات والمخزونات الإنسانية للنهب والقصف.
وتعقد الجامعة العربية في القاهرة الأحد اجتماعين غير عاديين على مستوى وزراء الخارجية ستخصّص أحدهما لبحث الحرب في السودان، حسبما قال دبلوماسي رفيع.