منطق الرصاص أكبر من أن تخمده هدنة بيوم واحد في السودان

السعودية والولايات المتحدة تؤكدان مشاركتهما مع الشعب السوداني حالة الإحباط من عدم الالتزام بالهدن السابقة.
نائب البرهان يقول إن "البلاد تعيش غزوا أجنبيا"، متّهما "المتمردين" ببث الإشاعات
قوات الدعم السريع تؤكد استمرار معركتها ضد "الانقلابيين"

 الخرطوم - اتفق الجيش السوداني وقوات الدعم السريع اليوم الجمعة على وقف لإطلاق النار في كافة أنحاء البلاد لمدة 24 ساعة يبدأ السبت، بحسب ما أعلنته الرياض وواشنطن اللتان ترعيان محادثات مباشرة بينهما في جدة منذ الشهر الماضي، بينما تأتي هذه الهدنة بعد أن احتدمت المواجهات بين الطرفين المتازعين خلال الأيام الأخيرة، في وقت يشير فيه الوضع الميداني إلى أن منطق الرصاص أكبر من أن تخمده هدنة بيوم واحد، فيما فشلت هدنات سابقة بشهر في دفع طرفي الحرب لوقف القتال.

وأشار بيان لوزارة الخارجية السعودية إلى أن الهدنة "تبدأ اعتبارا من الساعة السادسة من صباح يوم 10 يونيو/حزيران الجاري بتوقيت الخرطوم".
وسيلتزم الطرفان بموجب هذا الاتفاق بوقف الهجمات والقصف المدفعي والجوي وعدم استخدام الطائرات المسيرة وتحريك القوات وإعادة تمركزها وامدادها وعدم السعي للحصول على ميزة عسكرية أثناء فترة وقف إطلاق النار، بالإضافة إلى السماح بحرية الحركة للمساعدات الإنسانية ووصولها إلى جميع أنحاء البلاد.
وأكدت السعودية والولايات المتحدة "مشاركتهما مع الشعب السوداني حالة الإحباط من عدم الالتزام بالهدن السابقة".
وأضاف الجانبان أنه "تم اقتراح هذه الهدنة لتيسير وصول المساعدات الإنسانية وكسر حالة العنف والمساهمة في تعزيز تدابير بناء الثقة بين الطرفين مما يسمح باستئناف مباحثات جدة"، وتابع أنه في حال عدم التزام الطرفين بهذه الهدنة فسيتم تأجيل المحادثات.
وقبل أسبوع أعلنت السعودية والولايات المتحدة تعليق محادثات جدة بين طرفي الصراع في السودان نتيجة الانتهاكات الجسيمة والمتكررة لوقف إطلاق النار المعلن بين الجانبين.
وانطلقت محادثات جدة السعودية في 6 مايو/أيار وأسفرت في 11 من الشهر ذاته عن أول اتفاق في جدة بين الجانبين للالتزام بحماية المدنيين، وإعلان أكثر من هدنة وقعت خلالها خروقات وتبادل للاتهامات بين المتصارعين.

وقال مكتب الشؤون الأفريقية التابع لوزارة الخارجية الأميركية على تويتر "قدمنا للطرفين فرصا عديدة لإنهاء تلك الحرب العبثية... ندعو الطرفين لاحترام الالتزام الذي قطعاه اليوم بوقف إطلاق النار لمدة 24 ساعة بما سيسمح للشعب السوداني بتلقي مساعدات إنسانية ضرورية".

ويأتي إعلان الهدنة بعد زيارة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى الرياض، حيث أقر نظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان بأن مساعي وقف النزاع لم تحقق نجاحًا كاملًا. لكنه أكد استمرار التعاون مع واشنطن في الملف.

وفي سياق متصل نشر الجيش السوداني اليوم الجمعة فيديو على صفحته بموقع فيسبوك يظهر تفقد عضو مجلس السيادة الانتقالي نائب القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن شمس الدين كباشي القوات ببعض المواقع.

وقال كباشي إن"الجيش السوداني يخوض بكرامة ملحمة" ضد من وصفهم بـ"الخونة" ومن يقف وراءهم، متّهما ما أسماها "ميليشيا" الدعم بأنها أداة من أدواتهم، مضيفا أن "البلاد تواجه غزوا أجنبيا ومرتزقة أتى بهم المتمردون من خارج البلاد".

وتابع  متوجها إلى الشعب السودني أن "القوات المسلحة ستظل متماسكة وموحدة خلف قائدها العام الذي يدير المعارك مع بقية أعضاء هيئة القيادة"، داعيا إلى عدم الالتفات إلى ما أسماها "الأكاذيب" و"الشائعات" التي يبثها من وصفهم بـ"المتمردين" في الإعلام، متهما إياهم بالسرقة والنهب وتخريب المرافق واحتلال المستشفيات.

وحذّر من أن "المتمردين أصبحوا الآن يتجولون بالزي المدني وعلى متن الدراجات والعربات الخاصة المنهوبة"

وأعلنت قوات الدعم السريع بالسودان موافقتها على مبادرة الوساطة السعودية الأمريكية بهدنة إنسانية لمدة 24 ساعة، مؤكدة التزامها التام بوقف إطلاق النار.
وأكدت في بيان نشرته على صفحتها بموقع فيسبوك "التزامها التام بوقف إطلاق النار في هذا اليوم بما يخدم أغراض الهدنة وفي مقدمتها إيصال المساعدات الإنسانية للمواطنين"، معربة عن "أملها في أن يلتزم الجيش بالهدنةوعدم عرقلة جهود المساعدات الإنسانية لرفع معاناة المواطنين".

وأفادت بأنها تأمل في أن "تفي ميليشيات البرهان الانقلابية وفلول النظام البائد المتطرفة بالهدنة وعدم عرقلة جهود المساعدات الإنسانية لرفع معاناة المواطنين".

وأفاد شهود اليوم الجمعة بسماع أصوات اشتباكات قرب مصنع اليرموك للصناعات الدفاعية الذي كانت قوات الدعم السريع أعلنت الأربعاء سيطرتها عليه. 

ويعدّ المجمع الواقع في جنوب العاصمة، أبرز منشآت التصنيع العسكري في السودان، أما في شرق الخرطوم، فقد أكد سكان وقوع قصف جوي من الطيران التابع للجيش وسماع أصوات رشاشات ثقيلة مضادة للطيران.

وتشهد الخرطوم ومدن أخرى منذ 15 أبريل/نيسان اشتباكات بين الجيش بقيادة عبدالفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، إثر خلافات بينهما، خلَّفت أكثر من 1800 شخص، حسب مشروع بيانات الأحداث وموقع النزاع المسلح (أكليد). إلا أن الأعداد الفعلية للضحايا قد تكون أعلى بكثير، بحسب وكالات إغاثة ومنظمات دولية.

ووفق المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة تسبّب النزاع بنزوح حوالى مليوني شخص، بينهم أكثر من 476 ألفا عبروا الى دول مجاورة.