على المشرق العربي التقارب مع ثقافة بلاد المغرب
الصويرة (المغرب) - يتعين على دول المشرق العربي التقارب مع ثقافة بلاد المغرب العربي، وفق الموسيقي والملحن الفلسطيني وسام جبران أحد أعضاء فريق الأخوة المعروف باسم "الثلاثي جبران".
وأشار على هامش مشاركته في مهرجان كناوة وموسيقى العالم في مدينة الصويرة المغربية إلى أن "المغاربة مطلعون جدا على الثقافة المشرقية"، مضيفا "عندما أزور المغرب أشعر كأنني طالب يسعى إلى تعلم هذه الثقافة العريقة".
وتابع "نحن كمشارقة ملقاة على عاتقنا مسؤولية أن نتقرب من ثقافة المغاربة كما تقربوا من ثقافتنا".
وشارك الإخوة جبران، السبت، في حفل أقيم في برج مراكش التاريخي وسط مدينة الصويرة العتيقة وكان بمثابة أمسية جمعت بين عبق الكلمة للشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش وأنغام أوتار العود التي عزفها الأخوة الثلاثة وسام وعدنان وسمير.
ويهدف مهرجان كناوة وموسيقى العالم الذي اختتم فعاليات دورته الرابعة والعشرين، السبت، إلى الاحتفاء بموسيقى كناوة التراثية التي لها في الأصل ارتباطات روحية وعقائدية في بعض الأوساط المغربية التقليدية.
وتحولت أنظار الموسيقيين والمهتمين إلى هذا النمط الموسيقي بعد اكتشاف جذور مشتركة لفن كناوة مع موسيقى الجاز والبلوز.
وأبدى وسام إعجابه واندهاشه بموسيقى كناوة وبآلاتها التراثية على رأسها "الكمبري" وهي آلة وترية كما العود.
وقال وسام "هذه للمرة الثانية التي نشارك فيها في مهرجان كناوة، أجد هذه الموسيقى ثرية جدا، وعازفيها وآلاتها ترقى إلى مستوى العالمية، ونحن سعداء جدا بالتواجد في هذا المهرجان"، متابعا "للأسف آلة الكمبري غير معروفة في الشرق، كما قلت المشرق غير مطلع على الثقافة المغربية، حان الوقت لنكتشف ثقافتكم".
وقدم الثلاثي جبران حفلات وعروض كبيرة في الغرب، ونالوا إعجاب الجماهير الغربية خاصة في فرنسا.
ولفت وسام "نحن نجحنا في الغرب لسبب مهم، هو أننا قدمنا الهوية التي تمثلنا، وهي الهوية العربية الفلسطينية"، مضيفا "نعزف العود وهو آلة عربية، والألحان من تأليف الثلاثي جبران، اللذين قدموا من خلفية طبيعية بسيطة، ألهمتنا إياها البلد الذي قدمنا منه"، متابعا "نقدم شيئا بسيطا، وهو الهوية العربية الفلسطينية، والهوية الموسيقية التي ابتكرناها أيضا بثلاث عيدان من الموسيقى العربية… كما أننا ثلاث ملحنين وإخوة من نفس الأم ونفس الأب. وهذا جديد في التجربة الموسيقية العربية".
واختتم المهرجان فعالياته بعروض موسيقية صاخبة ومتنوعة هزت شوارع وأزقة المدينة التاريخية المطلة على المحيط الأطلسي.
وامتلأت أغلب منصات العروض عن آخرها بالجمهور، السبت، في آخر أيام المهرجان، ففي برج مراكش الأثري أقام فريق "الثلاثي جبران" الفلسطيني حفلا غنى للحب والثورة والأرض، تلاه حفل للفنان عبدالسلام عليكان أحد "معلمي" موسيقى الكناوة التراثية والذي مزج موسيقاه مع موسيقى الفنان الألماني تورستين دو وينكل وفنان الكناوة المغربي حكيم زهير أمكاس.
وشهدت منصة مولاي الحسن وسط المدينة العتيقة التي تقع على بعد 450 كيلومتر جنوبي العاصمة الرباط، عروضا متنوعة أبرزها عرض مزج فيه الفنان مجيد بقاس نغماته الكناوية مع نغمات الموسيقي الأرجنتيني مينينو جاراي والفرنسي دفيد باتروا والمغربي السنغالي مختار صامبا والفرنسي من أصل مغربي أكسيل كميل.
وقدمت العازفة أسماء الحمزاوي وفرقتها "بنات تمبكتو" للجمهور نغمات آلة الكمبري، كما مزجت العازفة وفرقتها أنغامها مع موسيقى وإيقاعات فرقة "أمازونيات أفريقية" التي تضم فنانات منحدرات من بلدان أفريقية مختلفة ويتغنين بالحب والحرية ويدعمن نضالات المرأة الأفريقية.
ومزج "المعلم" حميد القصري نغمات فرقته الكناوية مع موسيقى الأميركي جليل شاو والألماني تورسين دو وينكل الذي كان حاضرا على منصتين.
وشهدت دار الصويري بوسط المدينة أيضا حفلا مرتجلا بين فناني موسيقى الكناوة مصطفى باقبو وسعيد بولحيماس.
كما توزعت فرق شعبية وفلكلورية مغربية وفرق أفريقية وأجنبية مشاركة في المهرجان على بعض منصات المدينة وكذلك على شاطئ الصويرة.
وتحولت أنظار الموسيقيين والمهتمين إلى فن موسيقى كناوة التراثية التي لها في الأصل ارتباطات روحية وعقائدية في بعض الأوساط المغربية التقليدية، وذلك بعد اكتشاف جذور مشتركة لفن كناوة مع موسيقى الجاز والبلوز.
ويرجع الباحثون السبب في أن هذه التلوينات الموسيقية أصلها من أفريقيا ولها ارتباطات بتجارة الرقيق في القرون الماضية، وبالتالي نقل هؤلاء الأفارقة موسيقاهم التي تتغنى بآلامهم وآمالهم في الانعتاق والحرية إلى بلدان شمال أفريقيا التي شكلت مرافئ للتوجه نحو بلدان أوروبية وأميركا الشمالية بعد اكتشافها.
وضم برنامج الدورة 24 للمهرجان نحو 40 حفلا موسيقيا، وبالإضافة إلى الحفلات الموسيقية شمل المهرجان ندوات فكرية شارك فيها مثقفون ومفكرون من داخل المغرب وخارجه، وشمل كذلك ورشا موسيقية شارك فيها شباب مهتمون بهذا اللون الموسيقي.
ويعد المهرجان الذي تأسس في 1998 واحدا من أهم المهرجانات الموسيقية المغربية، إلى جانب مهرجان موازين إيقاعات العام ومهرجان فاس للموسيقى الروحية.