جنبلاط في انعطافة مواقف يدعو لحوار مع حزب الله لإنهاء شغور الرئاسة
بيروت - تتقلب أزمة الشغور الرئاسي في لبنان بين متاهة وأخرى من بينها مبادرة خارجية تقودها فرنسا ضمن ما يسمى اللقاء الخماسي أو لقاء باريس، لكن يبدو أنها لم تنضج بعد لإنهاء الشغور ودفع الفرقاء إلى التوافق على شخصية مقبولة وكسر جمود الأزمة السياسية المثقلة بأخرى اقتصادية هي الأشد وطأة.
وبينما تستمر الخلافات بين قوى المعارضة والقوى المهيمنة في البرلمان يتقدمها حزب الله وحلفاؤه، خرج الزعيم الدرزي وليد جنبلاط الذي أورث قيادة الحزب التقدمي الاشتراكي وقيادة الطائفة السياسية لابنه تيمور، عن صمته مقترحا وداعيا لحوار لا مفر منه مع الثنائي الشيعي وضرورة الجلوس مع أمين عام حزب الله حسن نصرالله لتفكيك أزمة الشغور الرئاسي.
وأبدى جنبلاط على ضوء التوترات الأخيرة من بينها مواجهات الكحالة ومخيم عين الحلوة، عن قله من "المجهول الذي تساق إليه انتخابات الرئاسة"، موضحا أنه "لا أحد في الخارج جاهز لأن يفرض الحل كما حدث في الماضي حيث لا وجود لسوريا كي تفرض الحل بمفردها كعام 1990 أو بمؤازرة العرب كعام 1976"، متسائلا أنه "لا يفهم سبب تخلي العرب عن لبنان وانكفائهم عنه".
وبحسب صحيفة 'الأخبار' اللبنانية قال النائب والوزير الدرزي الأسبق إن "أحدا لا يريد اليوم التسوية في لبنان، لكنها أكثر ما نحتاج إليه وهي تسوية لمصلحة البلد وليس لمصلحة أي من الأطراف في هذا الفريق أو ذاك"، معتبرا أنه "يُفترض أن يعرف هؤلاء أن المعادلات الخارجية لا تنفع ونحن نعول على الدعم الخارجي لا على انتظار القرار من الخارج".
وتابع "التباين واضح لدى الدول الخمس (اللقاء الخماسي) التي تتولى الاهتمام بالانتخابات الرئاسية لكن الواضح أنهم الآن غير مستعجلين"، مضيفا "الأسئلة التي وجهها الموفد الفرنسي إلى لبنان جان إيف لودريان إلى النواب جاءت لأنه متيقن من أن تفاهمات الدول الخمس لم تنضج بعد".
وقبل أن يتسلم نجله تيمور قيادة الطائفة الدرزية ورئاسة الحزب التقدمي الاشتراكي، لم يكن موقف جنبلاط واضحا ومستقرا في خضم حالة الشدّ والجذب بين الثنائي الشيعي (حزب الله وحركة أمل) ومعارضيه بقيادة حزب القوات اللبنانية بزعامة سمير جعجع في ما يتعلق بمن تم ترشيحهم من الطرفين للرئاسة وبينهم سليمان فرنجية مرشح أمل وحزب الله وجهاد أزعور مرشح المعارضة الذي فشلت الجلسة 12 للبرلمان اللبناني في تزكيته بعد عدم اكتمال النصاب القانوني.
وقال جنبلاط في انعطافة مواقف "لا أريد أن أستنتج أن من المتعذر انتخاب الرئيس على البارد، إذ ليس ضروريا من أجل الوصول إليه اندلاع حرب أو إهدار دم"، مضيفا "لا نحتاج إلى أمر عمليات دموي لانتخاب الرئيس، يمكن أن يحصل سلميا. بعض الأفرقاء في الداخل لا يريدون استيعاب هذه الحقيقة أو تصديقها. لا أفهم مبررات بعض الأفرقاء المسيحيين في رفض الحوار، لكن لا بديل من الجلوس إلى طاولة الحوار".
وقدم رؤية تقوم على عدم غلق الأبواب أمام الحوار مع حزب الله قائلا "صحيح أن حزب الله رشح سليمان فرنجية وتمسك به، لكن في الإمكان الوصول معه إلى حل وسط إذا جلسنا وتحاورنا، ويمكن محاورته على اسم آخر. يجب أن نجلس مع الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله ليس من أجل انتخاب الرئيس فقط، بل أيضا من أجل مستقبل لبنان".
ويبدو أن الرئيس السابق للحزب الاشتراكي التقدمي أراد بهذا الرأي إرسال رسالة للثنائي الشيعي أيضا مفادها أنه يمكن الحوار لكن لا تتمسكوا بسليمان فرنجية واختاروا غيره، في محاولة لكسر حلقة الاعتراض بين القوى المسيحية المتضادة سياسيا حول فرنجية رئيس تبار المردة.
ويأتي موقف جنبلاط بينما تقود فرنسا مبادرة لدفع الفرقاء اللبنانيين على تجاوز الخلافات والاتفاق على شخصية تنهي الشغور الرئاسي الذي يعيشه لبنان منذ أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي تاريخ انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون.