إيران تلتقط الحياد السعودي لتعزيز نفوذها في لبنان

عبداللهيان يلتقي خلال زيارته إلى لبنان حسن نصرالله، فيما أعلن رفض طهران لأي تدخل خارجي يؤثر على اتخاذ القرارات السياسية.

بيروت - قال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان اليوم الجمعة إن عودة العلاقات الإيرانية السعودية إلى طبيعتها ستؤثر إيجابا على الملفات الإقليمية ومنها لبنان، فيما يعكس هذا التصريح مساعي طهران لاستثمار مسار المصالحة الخليجية لتعزيز نفوذها على الساحة اللبنانية.
وأكد عبداللهيان خلال مؤتمر صحفي عقده في سفارة طهران ببيروت أن "طهران تجري مفاوضات سرية وعلنية لعودة علاقات بلاده مع دول أخرى''.
وفيما لم يذكر الوزير الإيراني دولا بعينها تحدثت تقارير إعلامية مؤخرا عن مساع لتطبيع إيران علاقاتها مع دول عربية من بينها مصر وليبيا والبحرين، في سياق مسار المصالحة الذي انطلق بعد عودة العلاقات بين طهران والرياض في مارس/آذار الماضي.

وكثفت الدبلوماسية الإيرانية خلال الآونة الأخيرة من جهودها لتحسين علاقاتها مع العديد من الدول العربية بهدف التخفيف من عزلتها الدولية الناجمة عن سياساتها العدائية، فيما تتطلع الجمهورية الإسلامية إلى الدخول في شراكات اقتصادية جديدة لإيجاد منافذ لأزمتها الاقتصادية المتفاقمة جراء العقوبات الغربية.
ولفت عبداللهيان إلى أن "استمرار التدخلات الخارجية في الشؤن اللبنانية الداخلية من شأنه أن يزيد الأمور تعقيدا".
وعلى صعيد آخر قال إن "أي تطبيع للعلاقات مع إسرائيل خطأ استراتيجي والقادة اللبنانيون أثبتوا أنهم لا يركنون إلى الإملاءات الخارجية".
وأضاف "خلال لقاءاتي مع المسؤولين السعوديين سمعت مقترحات تتعلق بالشؤون الإقليمية ومنها اللبنانية"، مشددا على أن "بلاده مستمرة في دعمها القوي لبيروت".

وتسعى إيران إلى تعزيز نفوذها في لبنان، معوّلة على الحياد الذي تلتزم به السعودية حيال أزمة الشغور الرئاسي في لبنان ووقوفها على نفس المسافة من جميع المترشحين بعدم تزكيتها أو اعتراضها على أي منهم، خاصة وأن المملكة سعت سابقا إلى إنهاء الأزمة اللبنانية عبر بوابة المساعدات الاقتصادية، لكن الصراعات بين القوى السياسية حالت دون تحقيق أي انفراج.

وشدد عبداللهيان على "استمرار بلاده في دعم محور المقاومة لمصلحة لبنان في مواجهة الأطماع الإسرائيلية"، معلنا رفض طهران لأي "تدخل خارجي يؤثر على اتخاذ القرارات السياسية في لبنان".

وأكد استعداد بلاده لحلّ أزمة الكهرباء التي يعاني منها لبنان عبر إنشاء معامل للطاقة في حال قبل البلد الأخير ذلك.
وقال إن "موضوع قبول الهبات الإيرانية بحاجة إلى قرار من السلطات اللبنانية"، مضيفا "فور قبول المنحة، إيران مستعدة لإرسال الفرق الفنية والتجهيزات لإنشاء معامل للطاقة بقوة 2000 ميغاوات".
ويعاني اللبنانيون منذ عام 2019 أزمة اقتصادية غير مسبوقة أدّت إلى انهيار قياسي في قيمة العملة المحلية مقابل الدولار، فضلا عن شح في الوقود والأدوية وانهيار قدرتهم الشرائية.
وأشار عبداللهيان إلى أن "الولايات المتحدة قدمت وعودا فضفاضة للبنان في مسألة الطاقة لكن مسألة استجرار الغاز لم تصل إلى نتيجة".
وفيما يخص اليمن أكد الوزير الإيراني أن بلاده "دعت دائما إلى الحوار لوقف الحرب على اليمن ونأمل أن يتوصل الحوار القائم إلى إنهاء الحرب".

كما دعا عبداللهيان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى "التركيز على مشاكل فرنسا الداخلية بدلًا من انتقاد إيران والاهتمام بمسائل التدخّل في دول أخرى".

وكان ماكرون قد تطرّق الاثنين أمام سفراء فرنسا المجتمعين في قصر الإليزيه إلى "أنشطة زعزعة الاستقرار الإقليمية التي قامت بها إيران في السنوات الأخيرة".

واعتبر يومها أن "أحد العناصر الأساسية من أجل حلّ سياسي في لبنان سيمرّ بتوضيح التدخلات الإقليمية بما فيها التدخل الإيراني"، مشيدا بعمل مبعوثه الخاص إلى لبنان جان إيف لودريان.

ويتوقّع أن يزور لودريان لبنان أواسط أيلول/سبتمبر لمحاولة إقناع الأطراف السياسيين بالتوصل إلى توافق حول انتخاب رئيس للجمهورية في بلد يعاني شغورًا رئاسيًا منذ عشرة أشهر.

كما بحث عبد اللهيان اليوم الجمعة مع الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله المستجدات والتطورات السياسية في لبنان والمنطقة، وفق بيان للجماعة اللبنانية المدعومة من إيران.
وأفاد البيان بأن "نصرالله التقى عبداللهيان والوفد المرافق له بحضور السفير الايراني لدى بيروت مجتبى أماني".
ولم يكشف البيان عن تفاصيل أخرى حول اللقاء، لكن عبداللهيان قال الخميس لدى وصوله بيروت إنه "سيحث مختلف الأطراف في لبنان على التوصل إلى تفاهمات تؤدي إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية اللبنانية".

ويأتي لقاء عبداللهيان وحسن نصرالله في غمرة توتر بين الحزب المدعوم من إيران وإسرائيل التي تستعد لتنفيذ عملية عسكرية في لبنان ردّا على تصعيد حزب الله على الحدود، وفق ما أكده مندوب تل أبيب لدى الأمم المتحدة جلعاد أردان الأربعاء.

ويتخوف اللبنانيون من اندلاع حرب في بلدهم الذي يئن تحت وطأة أزمة مالية خانقة عمّقتها متاهة الشغور الرئاسي، فيما يحمّلون حزب الله مسؤولية جرّ البلاد إلى الهاوية، مجددين طلبهم بنزع سلاح الجماعة اللبنانية وتطبيق القرارات الدولية.

وكان عبد اللهيان قد زار السعودية في 17 أغسطس/آب الماضي وذلك للمرة الأولى منذ استئناف العلاقات الدبلوماسية بين الرياض وطهران بموجب اتفاق بوساطة الصين أنهى قطيعة استمرت 7 سنوات.
وعرفت العلاقة بين السعودية وحزب الله منحى متوترا وصل إلى حد القطيعة مع بدء الأزمة السورية وما تلاها من تطورات في اليمن.