احتواء الاضطرابات في كركوك لا يعني نهاية الأزمة
بغداد - عاد الهدوء اليوم الأحد إلى كركوك بعد اضطرابات خلفت 4 قتلى و14 جريحا على اثر تدخل من رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني وقراره بتأجيل تسليم مقر قيادة العمليات المشتركة في المدينة إلى الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود برزاني، وإنهاء المتظاهرين الرافضين لتسليم المقر للحزب الكردي غلق الطريق المؤدي إلى أربيل، إلا أن احتواء الأزمة لا يعني بالضرورة نهايتها فالهدوء في المدينة يبدو أشبه بنار تحت الرماد طالما بقيت مسببات الأزمة قائمة ومنها الصراع العرقي الكامن الذي تغذيه أطراف محلية وإقليمية كل حسب مصالحه وأجندته.
وتذهب أزمة كركوك أبعد من حدودها المحلية بحكم موقعها الجغرافي وتشابك وتداخل مصالح أطراف إقليمية ودولية فيها تقف على طرف نقيض من الوضع في المدينة وتعمل على تأجيج الصراع بين مكونات النسيج الاجتماعي أو تهدئته حسب ما تقتضي الضرورة، ما يبقي المدينة في حالة توتر رغم أن التاريخ يشهد على التعايش السلمي بين مكونها الكردي والعربي والتركماني.
وبعيدا عن الخلافات القائمة بين بغداد وأربيل حول الثروة النفطية، تبقى كركوك مصدر قلق بسبب وضعها المتشابك وعدة عقد يصعب تفكيكها.
وأجرى السوداني الليلة الماضية سلسلة اتصالات مع القيادات الكردية والعسكرية والأمنية لضبط الأمن العام في محافظة كركوك فيما طالبت القوى السياسية جميع الأطراف في المحافظة بضبط النفس وعدم الانزلاق في الصراعات التي لا تخدم الأهالي في كركوك.
وأعلن محافظ المدينة راكان الجبوري تأجيل تنفيذ قرار تسليم المبنى للحزب الديمقراطي الكردستاني كما تقرر رفع حظر التجول الليلي الذي اتخذه رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني ضمن إجراءات أخرى لاحتواء التوتر.
وقال الجبوري في بيان نشره عبر حسابه الشخصي بفيسبوك مساء السبت، إن تأجيل القرار جاء عقب مكالمة هاتفية أجراها مع رئيس مجلس الوزراء، مضيفا أنه التقى بالمتظاهرين أمام المبنى وأخبرهم بقرار التأجيل الذي أصدره السوداني، معلنا أن المتظاهرين بدؤوا حينها بإزالة الخيام وإنهاء احتجاجاتهم وفتح الطريق المسدود.
وكان أنصار الحزب الديمقراطي الكردستاني قد نظموا مظاهرة لفتح طريق كركوك-أربيل الذي أغلق خلال الأحداث في المدينة. وقال أمير نوري المسؤول الصحفي في مديرية شرطة كركوك، إن عدد القتلى في الاحتجاجات التي دارت بالمدينة ارتفع إلى 3، والجرحى إلى 9 قبل أن ترتفع الحصيلة إلى أربعة قتلى و14 جريحا.
وطالب المتظاهرون من أنصار الحزب الكردي بفتح طريق أربيل ـ كركوك الذي أغلقه المعارضون لتسليم مبنى قيادة العمليات المشتركة للحزب الذي كان استخدمه من 2014 إلى 2017. وتجمعوا في منطقة رحيماوة ذات الغالبية الكردية في كركوك وقطعوا طرقا بالمنطقة وأشعلوا إطارات سيارات للتعبير عن احتجاجهم لقطع طريق المؤدي لعاصمة إقليم كردستان العراق..
وأرسلت القوات العراقية تعزيزات أمنية إلى المنطقة بعد اقتراب المتظاهرين من موقع مبنى قيادة العمليات المشتركة، حيث أطلقت النيران في الهواء لتفريقهم قبل أن تفصل الموقع خشية مصادمات لا تحمد عقباها بين أنصار الحزب من جهة، والمعتصمين أمام المبنى من المكونين العربي والتركماني من جهة ثانية.
واحتجاجا على قرار الحكومة الاتحادية في بغداد بتسليم مبنى قيادة العمليات في كركوك للحزب الديمقراطي الكردستاني، قطع متظاهرون في وقت سابق طريق أربيل ـ كركوك السريع.
وكانت القوات العراقية في عهد رئيس الوزراء العراقي الأسبق حيدر العبادي قد أعادت في 2017 بسط سيطرتها على عدة مناطق في محافظة كركوك انتشرت فيها قوات البيشمرغة الكردية خلال الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في العام 2014 حيث تولت القوات الكردية إدارة سلطة الأمن في المحافظة لنحو ثلاث سنوات.
وجاءت خطوة العبادي حينها بعد تنظيم سلطات أربيل بقيادة مسعود برزاني استفتاء في 25 سبتمبر/أيلول 2017 لضم كركوك إلى الإقليم. وبعد دخول القوات العراقية إلى المدينة، أخلى الجيش العراقي مبنى الحزب الديمقراطي الكردستاني وحوله إلى مقر قيادة عمليات كركوك، بينما يطالب الحزب الديمقراطي الكردستاني بالمبنى بدعوى أنه استخدمه سابقا وتمسك بأحقيته في المبنى.
ومنذ 25 أغسطس/آب الماضي، تستمر الاحتجاجات ضد الاستعدادات لإخلاء المبنى بأمر من رئيس الوزراء العراقي وتسليمه إلى الحزب الديمقراطي الكردستاني. وتحظى التظاهرات أمام المقر بدعم العشائر العربية السنّية في كركوك والتركمان وبعض أنصار حركة عصائب أهل الحق بزعامة قيس الخزعلي.