بغداد تعرض على اربيل تسوية مشروطة لأزمة الرواتب

أزمة الرواتب في إقليم كردستان تسببت باحتجاجات وإضرابات متكررة، فيما يعتبر قطاع التعليم الأكثر تأثرا وتأثيرا بهذه الإضرابات وتحاول حكومة بارزاني إقناع المعلمين باستئناف التدريس.

بغداد - أعلن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، عن تسوية مالية مشروطة مع إقليم كردستان بشأن أزمة الرواتب، لافتا إلى وجود "ملاحظات" على أعداد موظفي الإقليم، وهو النقطة الأساسية في الخلاف مع حكومة الإقليم التي تلقي باللوم على بغداد في الأزمة التي تسببت بإضراب المعلمين.

وقال السوداني في مؤتمر صحفي عقب جلسة مجلس الوزراء إن "هناك تسوية في شهر يناير كانون الاول المقبل، بين الإقليم والحكومة وهذه التسوية ستكون مشروطة بتدقيق أعداد الموظفين في إقليم كردستان بشكل حقيقي"، مشيراً الى أن "ديوان الرقابة المالية قدم تقريراً إلى الحكومة تضمن ملاحظات على اعداد الموظفين". وشدد على "معالجة هذه الملاحظات قبل أن تتم التسوية وارسال الأموال المخصصة للإقليم".

وفي سبتمبر الماضي توصّلت حكومة الإقليم إلى اتفاق مع الحكومة الاتحادية العراقية بشأن قضية رواتب موظفي الإقليم يقضي أن تدفع بغداد ثلاث دفعات مقدار كل واحدة منها 700 مليار دينار (حوالي 530 مليون دولار) لإقليم كردستان اعتبارا من شهر سبتمبر، لينتهي بذلك فصل من أزمة كبيرة وضعت القيادة الكردية أمام تحدّ خطير قد يكون دفعها إلى الاستعانة بالإدارة الأميركية لمساعدتها على تجاوزه.

وسبق أن طلبت حكومة إقليم كردستان العراق دعم المجتمع الدولي “للحصول على حقوق الإقليم الدستورية”، ودفع المستحقات المالية، وتنفيذ الاتفاقيات وعدم انتهاك حقوق شعبه.

وفيما يتعلق باستئناف تصدير نفط إقليم كردستان، قال السوداني، إن "العراق وتركيا أعلنا استعدادهما من أجل استئناف تصدير النفط ولكن الشركات المنتجة في الإقليم لديها اشكالية فيما يخصص لها من تكاليف الإنتاج وهي ترى أن هذه المخصصات لا تتناسب مع تكاليف الإنتاج الحقيقية وبالتالي هي لا تصدر النفط اذا لم يتم حسم هذا الموضوع". وأوضح أن "الشركات أبلغت الحكومة بقدرتها على التصدير بعد 30 يوماً من حسم الاشكالات".

وتشدد حكومة كردستان على أن موظفي الإقليم كان يجب أن يتسلموا مرتباتهم مثل باقي المناطق في العراق، مبينة أن قيام بغداد بإثارة موضوعات أخرى غير الميزانية لا يعدو كونه "قتلا للوقت".
لكن أصوات أخرى في بغداد ترفض هذا الاتهام، وتقول أن حكومة أربيل تستمر بالامتناع عن أداء واجباتها من خلال التنصل عن تسليم رواتب موظفي الإقليم بذريعة عدم إرسالها من الحكومة المركزية، في حين أنها مازالت مستمرة بالاستحواذ على أموال تصدير النفط بطرق غير شرعية، فضلا عن إيرادات المنافذ الحدودية.

وبشأن سلّم الرواتب، كشف رئيس الوزراء أن توحيدها يتطلب "إلغاء 34 نوعاً من المخصصات أقرت بموجب قوانين"، مشيراً إلى أن هناك 199 ألف موظف في الدرجات الثامنة والتاسعة والعاشرة، و1.4 مليون متقاعد وورثة متقاعدين يشملهم قرار زيادة رواتب المتقاعدين.

وكان مجلس الوزراء قد أقر "زيادة مقطوعة قدرها مئة ألف دينار عراقي على رواتب المتقاعدين، ممّن يتقاضون رواتب مليون دينار فما دون"، بحسب بيان للمكتب الإعلامي لرئاسة الوزراء، كما أقر "منح مخصصات مقطوعة قدرها 50 بالمئة من رواتب الدرجات (الثامنة– التاسعة- العاشرة) من سلم الرواتب، الملحق بالقانون المذكور ممن لا يتقاضون أية مخصصات عدا الشهادة أو الحرفة".

ولفت السوداني إلى أنه قدم طلباً للحضور إلى مجلس النواب بعد مرور عام على تشكيل الحكومة التي "قطعت شوطاً كبيراً في عامها الأول"، مشيراً إلى أن "المشاريع التي وضعنا حجرها الأساس وباشرنا بها سوف ترى النور العام القادم".
وتسبب توقف دفع رواتب الموظفين في كردستان باحتجاجات وإضرابات متكررة، فيما يعتبر قطاع التعليم الأكثر تأثرا وتأثيرا بهذه الإضرابات، وتحاول حكومة مسرور بارزاني إقناع المعلمين باستئناف التدريس.

ودعا بارزاني التدريسيين والمعلمين المضربين عن الدوام في بعض مناطق الإقليم للعودة إلى صفوفهم والمباشرة في منح الدروس والحيلولة دون ذهب العالم الدراسي هدراً.

وجاء ذلك في كلمة ألقاها خلال مراسم حفل افتتاح مدرسة ورياض للأطفال في مدينة "هيوا ستي" بمدينة أربيل عاصمة الإقليم الأربعاء. وقال "أعلم جيدا أن وضعهم المعيشي صعب وليس سهلا، وخاصة في الفترة الماضية حيث بات موضوع المرتبات الموضع الأبرز خاصة لأولئك الذين لا يمتلكون دخلاً سوى المرتبات لتمشية حياتهم المعيشية"، مستدركا "لكن الأستاذة لتسامحهم باشروا بإعطاء المحاضرات، وأنا اشكرهم جميعا".

وأضاف أن "أولئك الأستاذة الذين لم يتمكنوا من مواصلة التدريس ويطالبون بحقوقهم، أعرب عن تأييدي لهم، وأضم صوتي إلى أصواتهم، وينبغي تأمين جميع حقوقهم ومستحقاتهم المالية".
وجدد إلقاء اللوم على بغداد في هذه الأزمة قائلا "لكن نوجه انتقاداتنا إلى تلك الجهة التي هي السبب في تأخير صرف المرتبات"، مشيرا إلى أن "حكومة إقليم كردستان ليست السبب في ذلك، وهي حريصة أشدُّ الحرص على تأمين مرتباتهم في أسرع وقت ممكن، وسنواصل معاً المطالبة بتأمين المرتبات للأستاذة والموظفين كافة في كردستان".

وأعرب عن أسفه بشأن ما أسماه ركوب بعض الجهات السياسية الموجة، وقيامهم باللعب في مشاعر التدريسيين والمعلمين، مردفا بالقول إن "أولئك الذين يشجعون التدريسيين على عدم مباشرتهم في الصفوف التدريسية والمدارس يريدون الانتقام من الطلبة والتلاميذ، وهذا غير ملائم بأي شكل من الأشكال".

ودعا رئيس حكومة الاقليم الأطراف السياسية كافة إلى التضامن لتأمين المستحقات للتدريسيين والمعلمين، ولكل شعب اقليم كردستان في تلك الأماكن التي انتهكت فيها حقوقهم، مخاطباً تلك الأطراف قائلا: إن حكومة الإقليم هي حكومتكم بلا تمييز وهي بخدمتكم، وستستمر على هذا المنوال.