الجيش الأميركي ينفذ ضربات جديدة في اليمن

الحوثيون يؤكدون أن القصف الأميركي الجديد استهدف قاعدة الديلمي الجوية شمال صنعاء.
الحوثيون يهددون بردّ قوي
أميركا وبريطانيا تدافعان عن الضربات على الحوثيين باعتبارها قانونية
روسيا والصين تتهمان الولايات المتحدة وبريطانيا بإثارة التوتر في الشرق الأوسط

صنعاء - استهدفت ضربات أميركية جديدة فجر اليوم السبت قاعدة للمتمردين اليمنيين في صنعاء غداة ضربات شنّتها واشنطن ولندن على مواقع عسكرية للحوثيين ردًا على هجماتهم في البحر الأحمر.
وذكرت القيادة العسكرية المركزية الأميركية (سنتكوم) في بيان أن "القوات الأميركية نفذت ضربة ضد موقع رادار في اليمن" نحو الساعة  3.45صباحا بالتوقيت المحلي السبت.
ونقلت قناة "المسيرة" التابعة للحوثيين عن مراسلها في صنعاء قوله إن "العدو الأميركي البريطاني يستهدف العاصمة صنعاء بعدد من الغارات".
ولاحقًا أوضحت القناة أن الضربات استهدفت قاعدة الديلمي الجوية شمال العاصمة الخاضعة لسيطرة الحوثيين المدعومين من إيران منذ عام 2014.

واستهدفت ضربة جديدة بعد ظهر السبت موقعًا عسكريًا في الحديدة بغرب اليمن، كان قد أطلق منه الحوثيون صاروخًا باتجاه البحر الأحمر، وفق ما أفاد مصدران في صفوف المتمردين.

ومن جانبه قال نصرالدين عامر المسؤول في جماعة الحوثي اليمنية اليوم السبت إنه لم تقع إصابات في الضربة الأميركية الأخيرة. وقال لقناة الجزيرة القطرية "هذه الضربة الجديدة سيكون لها رد حازم وقوي وفعال"، مضيفا أنه لم تقع "خسائر مادية ولا بشرية".

وحث مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى اليمن هانس غروندبرغ جميع الأطراف المعنية بالتطورات في البلاد على التحلي بأقصى درجات ضبط النفس، محذرا من تزايد عدم استقرار الوضع في المنطقة.

وقال الرئيس الأميركي جو بايدن اليوم السبت إن بلاده سلمت رسالة بشكل خاص إلى إيران بشأن حركة الحوثي المتحالفة معها.

ودافعت الولايات المتحدة وبريطانيا عن الضربات العسكرية على الحوثيين في اليمن باعتبارها قانونية وتتفق مع القانون الدولي، في حين اتهمت روسيا والصين الجانبين الأميركي والبريطاني بإثارة التوتر في منطقة الشرق الأوسط. ووصفت موسكو العملية بأنها غير متناسبة وغير قانونية.

وعبّرت دول أخرى عن مخاوفها من أن تؤدي الضربات الأميركية والبريطانية إلى تأجيج التوتر المتزايد بالفعل في المنطقة بسبب حرب إسرائيل على حركة حماس في غزة.

وتأتي هذه التصريحات خلال نقاش في مجلس الأمن الدولي بشأن العملية التي نُفذت ردا على الهجمات التي يشنها الحوثيون بطائرات مسيرة وصواريخ على سفن في البحر الأحمر وخليج عدن منذ أشهر.

وقالت سفيرة واشنطن لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد لمجلس الأمن إن الضربات التي نفذتها الولايات المتحدة وبريطانيا وهما جزء من تحالف بحري متعدد الجنسيات بقيادة أميركا تتفق مع القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة.

وأضافت أن العملية استهدفت "تعطيل قدرة الحوثيين على مواصلة الهجمات المتهورة على السفن والسفن التجارية وإضعاف تلك القدرة" وقالت إن الولايات المتحدة ستواصل المساعي الدبلوماسية بينما تسعى في الوقت نفسه للدفاع عن السفن التجارية.

وقالت السفيرة البريطانية لدى الأمم المتحدة باربرا وودوارد "لقد اتخذنا إجراءات محدودة وضرورية ومتناسبة للدفاع عن النفس إلى جانب الولايات المتحدة بدعم غير عملياتي من هولندا وكندا والبحرين وأستراليا".

وقال السفير الروسي فاسيلي نيبينزيا إن الضربات الأميركية والبريطانية تنتهك القانون الدولي وتثير التوترات الإقليمية، مضيفا أن "الدفاع عن الشحن التجاري، الذي تُعتبر الهجمات عليه غير مقبولة، شيء ولكن عندما تقصف دولة أخرى بشكل غير متناسب وغير قانوني فهذا شيء آخر".

وقال مبعوث الصين لدى الأمم المتحدة تشانغ جون إن مجلس الأمن لم يفوض باستخدام القوة ضد اليمن وأضاف أن العملية الأميركية والبريطانية "لم تتسبب فحسب في تدمير البنية التحتية وسقوط ضحايا من المدنيين بل أدت أيضا إلى زيادة المخاطر الأمنية في البحر الأحمر".

وتأتي هذه الضربات في أعقاب أسابيع استهدف خلالها الحوثيّون سفنًا تجاريّة يشتبهون في أنّها مرتبطة بإسرائيل أو متّجهة إلى موانئ إسرائيلية، قرب مضيق باب المندب الاستراتيجي عند الطرف الجنوبي للبحر الأحمر، تضامنًا مع قطاع غزة الذي يشهد حربًا مع إسرائيل منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر.
ونشرت دول غربية على رأسها الولايات المتحدة وبريطانيا بوارج في البحر الأحمر وشكلت واشنطن تحالفًا بحريًا دوليًا لحماية الملاحة في المنطقة التي تمرّ عبرها 12 في المئة من التجارة العالمية.
ووجّهت واشنطن ولندن تحذيرات متكررة للحوثيين من "عواقب" ما لم يوقفوا هجماتهم على السفن، قبل شنّهما فجر الجمعة ضربات على مواقع عسكرية تابعة للحوثيين في مناطق عدة في اليمن تخضع لسيطرتهم.
وحذّر بايدن الجمعة من "إجراءات مباشرة" أخرى لضمان حرية الحركة للتجارة الدولية "عند الحاجة".
وردًا على ضربات الجمعة، توعّد الحوثيون بالردّ مؤكدين أن المصالح الأميركية والبريطانية باتت "أهدافًا مشروعة".
وليل الجمعة السبت، أكد جنرال أميركي أن الحوثيين أطلقوا صاروخًا بالستيًا مضادًا للسفن في ما اعتبره "ردا انتقاميا"، لكنّه لم يُصب أي سفينة.

الحوثيون يهددون بالرد على الضربات الأميركية
الحوثيون يهددون بالرد على الضربات الأميركية

وأعلن الحوثيون الجمعة أن "73 غارة" استهدفت مواقع عسكرية في العاصمة صنعاء، ومحافظات الحديدة وتعز وحجة وصعدة، مؤكدين سقوط خمسة قتلى في صفوف عناصرهم. إلا أنّ الجيش الأميركي تحدث عن استهداف 30 موقعًا عسكريًا في 150 ضربة.
وتحدث بايدن عن "ضربات ناجحة ضدّ عدد من الأهداف في اليمن التي يستخدمها المتمرّدون الحوثيّون لتعريض حرّية الملاحة للخطر" في "ردّ مباشر" على هجمات الحوثيين على السفن.
وأكد رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك أن الضربات كانت "ضروريّة" و"متناسبة" و"دفاعًا عن النفس" فيما قال حلف شمال الأطلسي إنها ضربات "دفاعية وتهدف للمحافظة على حرية الملاحة".
;في بيان مشترك، أعلنت الولايات المتحدة وأستراليا والبحرين وكندا والدنمارك وألمانيا وهولندا ونيوزيلندا وكوريا الجنوبيّة والمملكة المتّحدة، أنّ "هدفنا يبقى متمثّلا في تهدئة التوتّر واستعادة الاستقرار في البحر الأحمر".
وعقب ضربات الجمعة، دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى "عدم تصعيد الوضع بشكل أكبر، من أجل السلام والاستقرار في البحر الأحمر والمنطقة". وتثير الضربات على اليمن مخاوف من توسّع رقعة النزاع في قطاع غزة.
لكنّ البيت الأبيض أكد الجمعة أن واشنطن "لا تسعى إلى نزاع مع إيران" التي تقود "محور المقاومة" ويُعتبر الحوثيون جزءًا منه إلى جانب حزب الله اللبناني وفصائل عراقية وحركتَي حماس والجهاد الإسلامي الفلسطينيتين.
وتقدّم الجمهورية الإسلامية الدعم السياسي للحوثيين لكنّها تنفي تقديمها دعمًا عسكريًا لهم.
ودانت طهران الضربات الأميركية البريطانية الجمعة معتبرة أنها "عمل تعسفي" و"انتهاك" للقانون الدولي فيما استنكرت موسكو الضربات معتبرةً أنها "غير مشروعة بموجب القانون الدولي" وتفضي "إلى التصعيد".
من جانبها، نددت أنقرة بالرد الأميركي البريطاني "غير المتناسب" ضد الحوثيين معتبرةً أن "أميركا وإسرائيل تستخدمان القوة غير المتناسبة نفسها ضد الفلسطينيين".
وبعد ضربات الجمعة، قال دبلوماسيون إن الاتحاد الأوروبي سيبحث الأسبوع المقبل في إرسال قوة بحرية أوروبية للمساعدة على حماية السفن في البحر الأحمر من هجمات الحوثيين.
كما أعلنت واشنطن فرض عقوبات جديدة على شركتي نقل بحري في هونغ كونغ والإمارات العربية المتحدة، بتهمة دعم الحوثيين.
وتعيق هجمات الحوثيين حركة الملاحة في البحر الأحمر الذي تمرّ عبره 12% من التجارة العالمية. وقد تسبّبت بمضاعفة كلفة النقل، نتيجة تغيير شركات الشحن مسار سفنها حول جنوب إفريقيا.
وتظاهر مئات آلاف اليمنيين الجمعة في العاصمة صنعاء تنديدًا بالضربات وتضامنًا مع الفلسطينيين، تحت مظلة الأعلام اليمنية والفلسطينية.