بيت الشعر بالقيروان يستذكر محمد الغزي في أمسية أدبية
بمناسبة أربعينية الشاعر الراحل مؤخرا وابن القيروان محمد الغزي نظم بيت الشعر بالقيروان مساء الأحد 25 فبراير/شباط الجاري أمسية أدبية كبرى حضرها جمهور غصت به أرجاء فضاءات البيت، حيث ضم البرنامج عددا من الفقرات التي شهدت مداخلات نقدية ودراسية غلب عليها الجانب الاستذكاري والحميمي والنقدي أيضا تجاه تجربة شاعر أحب القيروان وتفاصيلها وأشياءها مبديا كل ذلك وغيره في مختلف قصائده ودواوينه الشعرية وكتاباته المتعددة في الأدب والمجالات الكتابية المختلفة التي منها المقالة وأدب الطفل والدراسات والتناولات النقدية للشعر ولعدد من الإصدارات الأدبية في تونس وخارجها.
وتميزت المداخلات المعدة والمقدمة لهذا الاحتفاء الاستذكاري لمناسبة أربعينية الفقيد بتنوع زوايا النظر والتعاطي تجاه الشاعر محمد الغزي والإنسان الذي جمعته أحوال وذكريات وشؤون وشجون شتى مع زملاء وأصدقاء عديدين لعل أبرزهم وبالخصوص المنصف الوهايبي وجميلة الماجري والراحل صلاح الدين بوجاه.
الشاعرة جميلة الماجري مديرة البيت افتتحت اللقاء الممتاز بكلمة رحبت خلالها بالضيوف وجمهور الشعر وأحبائه، مشيرة إلى قيمة الفقيد محمد الغزي الشاعر الإنسان وتميز تجربته بالثراء والتنوع وما طبع كتاباته من جمال وطفولة وألق متحدثة عن بعض الذكريات الشعرية مع الغزي في القيروان وخارجها حيث ملتقيات الشعر والمهرجانات الأدبية منذ سبعينيات القرن الماضي ضمن المشاركات التونسية والعربية في الفعاليات المتصلة بالشعر بين المشرق والمغرب.
المداخلات التي قدمها كل من الدكاترة محمد محجوب والمنصف الوهايبي وحاتم الفطناسي والباحث محمد المي فتحت الحاضرين على جوانب من شعر وتجربة وحياة الفقيد محمد الغزي، من ذلك ما جاء في مداخلة المنصف الوهايبي بشأن صلته الشعرية والحياتية بالفقيد وخصائص شعره الذي أجاد فيه اللعبة الإبداعية بين الوزن وقصيدة البيت والقصيدة النثرية، مشيرا إلى جماليات كتاباته للطفل، محيلا إلى كونه يزمع إصدار كتاب قريبا بشأن كل ذلك في صلة بتجربة الغزي.
الباحث محمد المي تحدث عن بداية تعرفه إلى الشاعر الراحل محمد الغزي حين جاء إلى القيروان لفعالية ثقافية كمشارك، مبرزا بعض التفاصيل في علاقته اثر ذلك بالغزي الذي كرمه حيا ضمن منتدى الفكر التنويري التونسي الذي يشرف عليه بأن خصه بلقاء متعدد المداخلات وكتاب، وهذا قبل حوالي سنة وتناول بالمناسبة شيئا من شعر الغزي بالحديث عن خصائصه وينابيعه وجماله.
الدكتور محمد المحجوب اهتم بالشاعر محمد الغزي في مداخلة جاء فيها وأتى على عدد من المميزات والخصائص وفق الأسلوب الأدبي للشاعر، متحدثا عن عدد من المناسبات التي جمعتهما وكذلك الفعاليات والأحداث الثقافية.
واهتم مقدم اللقاء الدكتور حاتم الفطناسي في مداخلته بجوانب مهمة من تجربة الشاعر الفقيد محمد الغزي بشيء من الحميمية، مبرزا الجانب الإبداعي في مسيرة الشاعر ما جعله مميزا في مسيرته التي جمعت بين الكتابة والتدريس. وذكر الفطناسي في مداخلته القيمة عددا من العناصر التي توفر عليها شعر الغزي خلال خمسة عقود الأمر الذي شكل للمشهد الشعري التونسي والعربي تجربة عميقة ورائقة.
هذا وكان للجمهور والحضور في هذا المجال الاحتفائي بالغزي مجال للاطلاع على مسيرة الفقيد من خلال معرض وثائقي بمدخل بيت الشعر تضمن صورا ودواوين صادرة للغزي، كما تم عرض شريط فيديو حول تجربته ونشاطه الشعري والأدبي والثقافي ومناسبات حضوره ببيت الشعر عبر دعوات متعددة لقراءة الشعر أو تقديم مداخلة، وفسح المجال لقراءات شعرية لعدد من الشعراء وقد مضت القصائد في رثاء الفقيد، وذلك بمشاركة حسين الجبيلي وجهاد المثناني وناجي العجبوني. كما تم توزيع كتاب من إصدار بيت الشعر حول تجربة الشاعر محمد الغزي، وتابع الحضور قراءات شعرية لبراعم نادي الشعر والعروض ببيت الشعر بالقيروان لقصائد الفقيد.. احتفالية بمثابة أربعينية رائقة وفيها الكثير من حميمية الشعر والوجد والفقد وكل ما يشبه ابتسامة محمد التي نعرفها.. رحمه الله..
ها هي المدينة التي أحبها ليمنحها شيئا من شعره تمنحه هذا التذكر بل البوح وعلى عادتها القيروانية.. وهي القيروان حاضنة الشعر وهي فضاؤه الباذخ منذ القدم.. القيروان خاطبت من بيتها الشاعر الراحل محمد الغزي في كلمات عنه وعن سيرته الشعرية وعن الهيام المتبادل..
محمد الغزي شاعر ترك عددا من الدواوين الشعرية والدراسات الأدبية المتصلة بالشعر ونقده، ونال عددا من الجوائز في تونس وخارجها، وفي سياق هذا اللقاء كان المجال شاسعا للحديث عنه، ومن ذلك ما دونه الأستاذ والكاتب عبدالمجيد فرحات المنشط ببيت الشعر كتعبيرية ضمن صفحته حين سرى خبر وفاة محمد الغزي.. "حين بكت الشاعرة جميلة الماجري الشاعر الراحل المرحوم محمد الغزي. على منبر بيت الشعر بالقيروان مساء السبت 26 يناير/كانون الثاني 2024 في كلمة افتتاح الأمسية لم تتماسك الشاعرة جميلة الماجري عن البوح بعميق مشاعر الحزن لرحيل الشاعر محمد الغزي. كانت في البداية كعادتها باسمة لكن بسمتها هذه المرة لم تصدر من أعماقها. فما إن ذكرت اسم المرحوم حتى نطقت باكية فخالط الدمع الكلام وانساب تذكر الفقيد.. شبابهما وترحالهما وقصة الشعر الناشئ حين الخطى الأولى. ذكرت ما وصلهما من مودة وبعض ما تراشحا فيه في عالم الإبداع الشعري، وعرجت على سنوات الفقيد الأخيرة وما كانت تشعر به نحوه من قلق سليل ما كان باديا عليه من علامات تغير الحال، ونحن أهل البيت نذكر جيدا انتباهنا لذاك التبدل. آخر أمسية قرأ فيها الشاعر الراحل محمد الغزي كانت في دورة مهرجان القيروان للشعر العربي الثامنة.. رحل الشاعر محمد الغزي واحتفظ بيت الشعر بالقيروان بوقع خطاه ونبراته وسجل حظا وفيرا من قراءاته الشعرية ومداخلاته النقدية. ونشر البيت للراحل ما جاد به ابن البيت.. وستبقى ذكرى محمد الغزي راسخة وصورته ماثله وقصائده ذائعة.. رحم الله شاعر السحر والجمال !...".
وهكذا كانت الفسحة الباذخة من استذكار بيت الشعر بالقيروان الفقيد وسيرته وآثاره الشعرية والأدبية بحضور جمع هام من القيروانيين وأهل الثقافة ورواد البيت وأحباء شعر الغزي.. هكذا كان البيت في لقاء شيق لأحبة الشاعر وفق حديث عن جوانب من المسار الشعري للغزي الشاعر والإنسان... نعم ها هي المدينة التي أحبها ليمنحها شيئا من شعره تمنحه هذا التذكر بل البوح وعلى عادتها القيروانية.. وهي القيروان حاضنة الشعر وهي فضاؤه الباذخ منذ القدم.. القيروان تخاطب الشاعر الراحل محمد الغزي في كلمات عنه وعن سيرته الشعرية وعن الهيام المتبادل..