رسائل لبنانية حادة إلى مفوضية اللاجئين بعدم التدخل في شؤونه

مفوضية شؤون اللاجئين تعلن سحب الرسالة التي كانت وجهتها إلى وزارة الداخلية اللبنانية تنتقد فيها الممارسات اللاانسانية بحق النازحين السوريين.

بيروت- استدعى وزير الخارجية عبدالله بوحبيب ممثل مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ايفو فرايسن وأبلغه أن لبنان ليس بلد لجوء وإنما بلد عبور، موجها له عددا من القرارات تحت طائلة اتخاذ إجراءات بحق المفوضية، بعد رسالة وجهتها المفوضية لوزير الداخلية والبلديات بسام مولوي وتعترض فيها على “الممارسات اللاانسانية” بحق النازحين السوريين.

وقال بو حبيب “استدعيت ممثل مفوضية الامم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان، السيد إيفو فريسون، وأبلغته بما يلي "سحب الرسالة التي وجهتها المفوضية لوزير الداخلية والبلديات، واعتبارها بحكم الملغاة، وضرورة احترام أصول التخاطب مع الوزارات والادارات اللبنانية المختصة، وعدم تجاوز الصلاحيات المنوطة قانوناً بوزارة الخارجية والمغتربين لجهة كونها الممر الالزامي لكافة مراسلات المفوضية وفقاً للاتفاقيات، والمعاهدات، والاعراف الدبلوماسية.

وأضاف "عدم التدخل في الصلاحيات السيادية للبنان، والالتزام بالقوانين اللبنانية لكافة المقيمين على الاراضي اللبنانية من أفراد ومنظمات، المتوافقة أصلاً مع كافة التشريعات الدولية. والالتزام بمذكرة التفاهم الموقعة مع المديرية العامة للأمن العام لعام 2003، والصادرة في الجريدة الرسمية، وتطبيقها نصاً وروحا".

كما طلب تسليم داتا (بيانات) النازحين كاملة ودون إبطاء، في مهلة أقصاها نهاية الشهر الحالي، الى المديرية العامة للأمن العام. والتأكيد على أن لبنان ليس بلد لجوء وإنما بلد عبور، واحترامه لروحية اتفاقية جنيف لعام 1951 الخاصة بوضع اللاجئين، بالرغم من أن لبنان ليس طرفاً موقعاً على هذه الاتفاقية.

وتابع أن لبنان يؤكد تمسكه بمبادئ الأمم المتحدة ومقاصدها كدولة مؤسسة لهذه المنظمة، ويشدد على رغبته في أفضل العلاقات مع الأمم المتحدة والمنظمات الدولية التابعة لها، واحترامه لكافة المواثيق والأعراف القانونية، ومنها القانون الدولي الإنساني.

وهدد الوزير أنه في حال عدم التقيد بما ورد أعلاه والتمادي في تجاوز حدود الاختصاص، ستكون الوزارة مضطرة إلى إعادة النظر بتعاملها مع المفوضية، أسوة بما اتخذته دول أخرى من اجراءات بحق المفوضية لدى قيامها بتجاوزات مماثلة”.

وجاء موقف الوزير اللبناني الغاضب إثر الرسالة التي وجهتها المفوضية إلى مولوي ذكرت فيها جملة من الممارسات التي اعتبرتها غير إنسانية بحق النازحين، من بينها "توقيف الدراجات النارية التي لا تحمل أوراقاً ثبوتية وإقفال المحال التي يديرها سوريون بطريقة غير شرعية غضب العديد من الاوساط اللبنانية بسبب خروجها عن المألوف في مخاطبة الوزارات اللبنانية".

وتزامن موقف وزير الخارجية مع دعوة وجهتها القوات اللبنانية إلى أنصارها والمواطنين لتنظيم اعتصام في بروكسل يوم انعقاد المؤتمر احتجاجاً على السياسات الاوروبية وبهدف الضغط من أجل اعادة النازحين السوريين إلى بلادهم تحت عنوان “مخاطر النزوح السوري في لبنان”.

وكان رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع انتقد بشدة الكتاب الذي وجهته المفوضية إلى وزير الداخلية، وقال “من المؤسف جداً الدرك الذي أوصلت الشرعية اللبنانية نفسها إليه، إلى حد مكّن رئيس مكتب المفوضية السامية للاجئين في لبنان، ومن دون أن يرف له جفن، من أن يوجِّه كتاباً إلى وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي يطلب فيه “وقف الممارسات اللاإنسانية” كما سماها، وان تتراجع الإدارات الرسمية اللبنانية عن التدابير التي اتخذتها بحق اللاجئين السوريين غير الشرعيين، وكأنه أصبح صاحب البيت وأصبحنا ضيوفا عنده”.

وأضاف “لن نقبل بما قام ويقوم به رئيس مكتب المفوضية السامية للاجئين، فالأرض أرضنا والبلاد بلادنا، والسيادة في هذه البلاد هي للشعب اللبناني والدولة اللبنانية، وليس في إمكانه التذرُّع بالاعتبارات الإنسانية، لأنه ليس من شعب في العالم تعاطف مع اللاجئين أكثر من الشعب اللبناني، ولا التذرُّع بالاعتبارات الدولية، لأن مذكرة التفاهم الموقعة بين الدولة اللبنانية والأمم المتحدة في عام 2003 واضحة ولا تحتمل التأويل”.

وطالب جعجع وزير الداخلية “وبصراحة ووضوح كلّيين، باتخاذ الإجراءات القانونية الممكنة كافة بحق رئيس مكتب المفوضية السامية للاجئين في لبنان بعدما تخطى حدوده قانونياً وفي المجالات كلها ”.

وبعد الضجة التي أثيرت أعلنت مفوضية شؤون اللاجئين سحب الرسالة، التي كانت وجهتها إلى وزارة الداخلية، وأوضحت “أن الكتاب الذي تم توجيهه إلى وزارة الداخلية والبلديات الأسبوع الماضي قد تم إرساله وفقاً للإجراءات المتّبعة مع النظراء الحكوميين المعنيين وبما يتماشى مع المسؤوليات المنوطة بالمفوضية عند بروز قضايا تتعلق بالفئات الضعيفة في لبنان، بما فيها اللاجئون”.

وأكدت المفوضية “التزامها بكونها شريكاً داعماً وشفافاً في لبنان، وأنها ستواصل دعوتها لزيادة المساعدات المقدَّمة إلى لبنان وتعبئة الموارد اللازمة لتلبية الاحتياجات الملحة للفئات الأكثر ضعفاً، كما تستمر المفوضية بالتأكيد على أهمية قيام المجتمع الدولي بإعطاء الأولوية للحلول الدائمة للاجئين للمساعدة على تخفيف الضغوط في لبنان، بما في ذلك من خلال تهيئة ظروف في سوريا أكثر مؤاتية للعودة”، وختمت بتأكيد “التعاون بشكل بناء مع الحكومة اللبنانية”.