سلمى فنيرة تجد في الفن اكتشافا للذات

التشكيلية التونسية تسعى لإقامة معرض شخصي ضمن الموسم الثقافي الجديد.

الشغف بالفن والهيام بتلويناته وتفاصيل دروبه ضرب من الترحال والسفر في معان شتى بين الأمكنة والينابيع حيث القول بالإبداع والذهاب وفق وجهته لأجل رغبات عميقة البدايات من طفولة ما تزال مقيمة في أرض الذات... هذه الذات التي تشربت من بيئة ثقافية وأدبية وفنية حاضنة هذا الوجد والحكايات والحنين وهنا نعني تجربة فنانة تخيرت هذا النهج من الفن والتراث والتلوين والرسم لرصد حيز مهم من ذاتها المثقلة بالتواريخ والفنون والإبداع..

هكذا مضت فنانتنا في هذا الغرام بالرسم والفن منذ طفولتها التي تعددت مصادر النهل فيها وضمنها ما جعلها تتحسس طريق الفن الطويلة برسومات فيها مجالات تلوين بروح طفولة بين عفوية تجريدية فكأننا ونحن نشاهد هذه المرسومات الطافحة بالتلوين لبنت السنوات الثلاث.. كأننا أمام بستان من تلوين يحيل إلى البراءة وعوالم البهجة والأمل والفرح.. إنها أعمال دالة منذ البدايات على موهبة عملت فيما بعد سنوات وأزمنة على صقلها وصونها وتعهدها لتكبر الفكرة والحلم.. فكرة الرسم والتشكيل.. والحلم بما هو جدير بالجمال والإبداع في محاورة القماشة واللوحة..

من هنا بدأت حكاية الفنانة التشكيلية والباحثة في التراث والأستاذة بالتعليم العالي سلمى فنيرة التي تخيرت لها طريقا في الفن قولا بالرغبة في الإبداع والإمتاع وسعيا لنحت التجربة التي تمضي بها إلى أقاصي الحلم وحكاياته الممكنة التي بدأت معها في سنوات الطفولة الأولى..

"لها بين الرسم والكلمات والشعر فسحة وتأملات حيث الكلام جمال.. وللشعر فيه مجال.. اللون والحلم والأمنيات.. ترى في الفن أحلى الصور.. تجيء الفكرة لديها لترسمها فيخضر غصن وتزهو الحدائق.. وكل الذي هو طير سيشدو.. بألوانها الزاهية وبالأغنيات.. قماشتها حكاية فن وحلم وسفر.. تقول للوحات قلب.. تمهل هو اللون عشق قديم.. أنا طفلة الوقت والأمنيات.. ولي لون الصباح وشدو المساء وحب الأساطير.. وكل ما للشجر من الاخضرار والمجد... وعشق السفر.. والمواويل.. وأحلى الشجن...".

الفنانة سلمى درست الفنون الجميلة بالمعهد العالي ولها ماجستير في التراث ضمن حفظ وترميم الممتلكات التراثية وتدرس بالجامعة الرسم والتراث وحفظه وتسعى للترسيم لنيل شهادة الدكتوراه..

في لوحات الفنانة التشكيلية والباحثة سلمى فنيرة سفر ملون نحو الجمال المبثوث في المدينة والمشاهد حيث الأبواب والأقواس والأزقة وبهاء المعمار وهدوء الإيقاع هي مفتونة بالتراث والمعمار وبما يمنحها جمال الرسم والتلوين وكذلك ما هو بين من جمال العناصر في تجريدية متناسقة المشهدية والتلوين، فضلا عن المزهريات وما بها من تشكيلات الزهور والورود وكذلك الطبيعة الميتة.. فنانة بحساسية خاصة ترى في الرسم مجالا للقول بالذات في تعدد أحوالها وشواسعها وفق عنوان الفن الذي هو حلمها المفتوح تجاه مكامن الدهشة والألق بين العناصر والأشياء والأمكنة.. 

من تلك اللوحات البسيطة بروح الطفولة والتي أنجزت في سنوات الذات الأولى (عمري بين 2 و3 سنوات) حيث الدراسة بحضانة الراهبات بخزندار.. بدأ المشوار حيث الجذور العائلية العائدة للموريسكيين والأتراك وفي بيئة الأدب والثقافة للجدود والقرابة بالأديب علي الدوعاجي وتطورت العلاقة في هذا الحب للفن والرسم مع الموهبة وصولا إلى الدراسة في معهد الفنون الجميلة وكانت اللوحات التي شهدت مشاركات في معارض فنية جماعية والحصول على عضوية اتحاد الفنانين التشكيليين التونسيين والمشاركة ضمن معارضه وأنشطته المختلفة..

عن هذه التجربة التي خاضتها في عوالم الفن التشكيلي تقول الفنانة التشكيلية سلمى فنيرة "الفن غذاء للروح وهو عالمي الذي أحبذه وأشعر فيه بحريتي وذاتي التي يغمرها الحلم والتحدي والشجن.. منذ الطفولة كانت لي أعمال فنية فأمي كانت ترسم وأبي كانت له مهارات يدوية وفي هذه الأجواء نشأت وتكونت ملامح غرامي بالفن.. أعمل بتناسق بين ثنائية النظر للواقع والتخييل وهذا موجود في لوحاتي التي تشمل المشاهد والتراث والمدينة والحب والسلام والطبيعة ويظل طموحي قويا للمواصلة في الفن بين التشخيص والتجريد وحلمي الجارف هو إقامة معرضي الشخصي عند بداية الموسم الثقافي والفني الجديد لأبرز جانبا مهما من تجربتي الفنية التي أتمنى أن أضيف لها".

وتضيف "شهدت مشاركات عديدة لي في تونس وخارجها... الرسم يعبر عن وجداني كما الشعر أيضا وفي لوحاتي أسعى لأستلهم من كل شيء.. المكان له دلالته الوجدانية والجمالية وقد زرت كلا من إسبانيا وتركيا وفرنسا وإيطاليا وتعلمت من كل ذلك قيمة الفن عند الإنسان وفي الحياة والوجدان.. في لحظة العناق مع اللوحة وعند العمل الفني أشعر بإحساس خاص وكأنني قد تجردت من كل شيء لأسبح في عوالم الجمال والسحر والحب والإبداع ويا لها من متعة لا تضاهى..".

وتتابع "الفن يعطينا الكثير ويمنحنا أبعادا أخرى لذواتنا المتعبة والمرهقة من اليومي.. في هذه الفسحة من التعاطي مع الرسم تصحبني الموسيقى الرائعة والتي أحبها مع الأغاني لمحمد عبدالوهاب وأم كلثوم وماجدة الرومي والفن العالي عموما.. التراث مهم ولا بد من الإبداع ضمنه بتجديد النظر والمواءمة الحداثية لمكوناته..".

وتشير "درست الفنون الجميلة بالمعهد العالي ولي ماجستير في التراث ضمن حفظ وترميم الممتلكات التراثية وأدرس بالجامعة الرسم والتراث وحفظه وأسعى للترسيم لنيل شهادة الدكتوراه.. تأثرت في تجربتي بعدد من الفنانين العالميين على غرار سالفادور دالي وبيكاسو والمنحى التكعيبي... وفي تونس أذكر حاتم المكي وعبدالعزيز القرجي والزبير التركي...".

هكذا تمضي الفنانة والباحثة سلمى فنيرة في مجال تخيرته لغرامها القديم منذ خربشاتها ورسوماتها المفعمة بروح الطفولة لتواصل هذا اللعب الفني الجمالي في كثير من الرغبات والأحلام والدأب والتحدي وأيضا النزوع نحو ما هو وجداني فالفن عندها كشف واكتشاف للذات التي ترى في الرسم والتلوين وتثمين التراث وتعهده عالما من السحر والإبداع والإمتاع.. تجربة مفتوحة على أعمال قادمة إعدادا للمعرض الفني الشخصي بداية موسم ثقافي مقبل وجديد..