دول أوروبية تقترح مد الجسور مع دمشق لحل أزمة اللاجئين

أي تحرك يسعى لتخفيف الضغط عن النظام السوري من المرجح أن يلقى معارضة من دول أوروبية أخرى.

بروكسل - طلبت مجموعة تضم ثماني دول أوروبية في مذكرة موجهة إلى الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية جوزيب بوريل، إعادة تقييم العلاقات مع سوريا نظرًا للعدد الكبير من اللاجئين القادمين من هذا البلد، فيما تعاملت دمشق مع المذكرة باعتبارها تحولت إلى وثيقة رسمية تحفظ في ملفات الاتحاد، بحسب صحيفة "الوطن" المقربة من السلطة السورية.

ونقلت الوطن عن مصدر وصفته بالمطلع، أن الرسالة التي أرسلتها دول بينها إيطاليا والنمسا واليونان، تضمنت توصيات بضرورة إعادة التواصل المباشر مع دمشق، وتجاوز ما سمي بـ"اللاءات الثلاث"، حيث يمكن للرئيس السوري بشار الأسد الاستفادة من هذا التحرك للانفتاح على دول أوروبية وكسر عزلته السياسية.

وكشفت صحيفة "فاينانشال تايمز" الإثنين الماضي، أن الدول الثمانية في الاتحاد الأوروبي بعثت رسالة إلى بوريل، تطالب فيها "بوضع سياسة حيال سوريا أشد فاعلية وعملية وتسعى للتركيز على النتائج، لأن ذلك يتيح لنا زيادة نفوذنا السياسي وفاعليتنا في مجال المساعدات الإنسانية التي نقدمها".

وذكرت الصحيفة أن النمسا وكرواتيا وقبرص والتشيك واليونان وإيطاليا وسلوفاكيا وسلوفينيا ترى أن "النزاع وصل إلى نقطة الاستقرار، وأن الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا، وتحرك الدول العربية لتطبيع العلاقات مع نظام الأسد قد غير ديناميات المسألة".

وقال وزراء خارجية الدول الثمانية في رسالتهم إنه "وعلى الرغم من تلك التطورات الهائلة إلا أن سياسة الاتحاد الأوروبي تجاه سوريا لم تتطور، وبالنتيجة لم تترجم الجهود الإنسانية الهائلة إلى دور سياسي يرافقها".

غير أن أي تحرك يسعى لتخفيف الضغط عن النظام السوري من المرجح أن يلقى معارضة من دول أوروبية أخرى، نظراً لارتكاب النظام لكثير من الانتهاكات لحقوق الإنسان إلى جانب جرائم الحرب.

وفي مايو/أيار الماضي، دعت الحكومات الثمانية الاتحاد الأوروبي إلى إعادة تقييم الوضع في سوريا للسماح بالعودة الطوعية للاجئين السوريين إلى وطنهم، معتبرين أن الوضع في سوريا "تطور بشكل كبير".

وفي إعلان مشترك عقب اجتماع قبرص، قال مسؤولون من حكومات هذه الدول إنهم اتفقوا على إعادة تقييم من شأنها أن تؤدي إلى "طرق أكثر فعالية للتعامل" مع اللاجئين السوريين الذين يحاولون الوصول إلى البلدان الثمانية أو إلى الاتحاد الأوروبي.

وطالبت الرسالة بالانخراط في مشاريع التعافي المبكر والتوقف عن انتظار سقوط الحكومة السورية، وإدراج الحوار مع دمشق على أجندة المباحثات مع الدول العربية التي أعادت تطبيع العلاقات مع الحكومة السورية، والعمل على إيصال المساعدات الإنسانية للسوريين.

من جهته، أعرب بوريل، عن تحفظاته بعد تقديم المقترح، مشيرًا إلى أنه لا يستبعد اتخاذ خطوات عملية لصالح الشعب السوري، لكنه أكد على أن النظام السوري لا يزال يحافظ على علاقات متينة مع كل من روسيا وإيران.

وتلفت الوثيقة الانتباه إلى أن الأزمة الإنسانية المستمرة في سوريا تسهم في تزايد حركة الهجرة نحو أوروبا. ويتوجب على الاتحاد الأوروبي المساهمة في تحسين الأوضاع المعيشية هناك لضمان عودة اللاجئين بشكل طوعي وآمن، وتهدف الورقة المؤلفة من عشر نقاط إلى تقديم خطة لسياسة أوروبية عملية ومبادرة ومؤثرة تجاه سوريا.

وبالنسبة للعقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي في السابق، أشارت الرسالة إلى أنها لم تحقق النتائج المرجوة وأثرت سلبًا على السكان أكثر من تأثيرها على القيادات.

ومن وجهة نظر الدول الموقعة، يمكن للمساعدات المقدمة من القطاع الخاص أن توفر فرص عمل وتفتح آفاقًا جديدة للأشخاص الراغبين في العودة إلى سوريا.

وفي الأشهر القليلة الماضية، وصل اللاجئون السوريون بأعداد متزايدة إلى قبرص ومنها إلى الاتحاد الأوروبي. حيث قام العديد من السوريين بالعبور من لبنان إلى قبرص عبر قوارب متهالكة، ولقي بعضهم حتفهم خلال هذه الرحلة.

وتنوه الوثيقة بأن ليست كل المناطق في سوريا تشهد حروبًا، بل هناك مناطق آمنة يمكن للاجئين العودة إليها، وبعد تعهد الاتحاد الأوروبي بتقديم مساعدات مالية بقيمة مليار يورو للبنان، تراجع عدد الوافدين الجدد من السوريين إلى قبرص.

زأفاد ممثلو الدول الثماني في الوثيقة "السوريون يستمرون في الفرار من وطنهم بأعداد غفيرة، مما يزيد العبء على الدول المحيطة، وفي ظل تصاعد التوترات الإقليمية، هناك خطر من تدفقات جديدة للاجئين".

وتقترح هذه الدول، بين توصيات أخرى، تعيين مبعوث خاص لسوريا، وهو ما من شأنه تقوية الروابط الدبلوماسية مع جميع الفصائل السورية، وفقًا لمستند نقاش قُدم خلال اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسل.

وقد أيدت الاقتراح دول مثل إيطاليا والنمسا، بالإضافة إلى كرواتيا وجمهورية التشيك وقبرص واليونان وسلوفينيا وسلوفاكيا، بينما امتنعت ألمانيا عن الانضمام.