الجونة السينمائي.. تأجيل أم أجل محتوم؟
حجاج سلامة
القاهرة – فتح تأجيل مهرجان الجونة السينمائي الذي يقام سنويا في المدينة الساحلية المصرية المطلة على البحر الأحمر فعاليات الدورة السادسة التي كان مقررا إقامتها في أكتوبر/تشرين الأول إلى العام المقبل الباب على تكهنات ذهبت الى حد اعلان موت التظاهرة.
وقالت ادارة المهرجان في بيان الأحد إن القرار جاء بسبب "التحديات العالمية الحالية والتي قد تعوق إضفاء الصبغة العالمية والإقليمية التي تسعى إدارة المهرجان لتحقيقها".
وأضافت أن التأجيل "سيتيح مزيدا من الوقت لوضع استراتيجية متكاملة للدورة السادسة، ترتقي إلى التوقعات المتزايدة من المهرجان، لتسمح بالتركيز على الجانب الفني والسينمائي في الدورات المقبلة".
وكان الموعد المحدد للمهرجان الذي يرعاه رجلا الأعمال نجيب وسميح ساويرس في الفترة من 13 إلى 22 أكتوبر/تشرين الأول.
ويقام المهرجان في منتجع الجونة السياحي الذي أسسه الملياردير المصري سميح ساويرس، شقيق نجيب، على ساحل البحر الأحمر في شمال مدينة الغردقة الساحلية التي تبعد نحو 450 كيلومترا جنوب شرق القاهرة.
التحديات العالمية الحالية قد تعوق إضفاء الصبغة العالمية والإقليمية
ورغم أن البيان الرسمي اكتفى بالاعلان عن التأجيل، ذهبت توقعات كثيرة في اتجاه اعتبار الاعلان تمهيدا لتوقف المهرجان بشكل كامل، كما حدث قبل ذلك مع مهرجاني "دبي" و"أبوظبي"، خاصة بعد المشاكل الكثيرة التي عانى منها المهرجان في دورته الأخيرة.
وتأسس المهرجان في 2017 واكتسب خلال سنوات قليلة مكانة مرموقة وسط المهرجانات السينمائية العربية لكنه واجه انتقادات في الدورة الخامسة.
وشملت هذه الانتقادات البرنامج الفني الذي تضمن عرض فيلم "ريش" للمخرج المصري عمر الزهيري وهاجمه بعض الفنانين والنقاد بدعوى الإساءة لصورة مصر، وكذلك الفيلم الفلسطيني "أميرة" للمخرج المصري محمد دياب وقوبل بالرفض من أسر السجناء الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية.
وفور انتهاء الدورة الخامسة في 22 أكتوبر/تشرين الأول 2021 أعلن المدير الفني للمهرجان المخرج أمير رمسيس استقالته ثم أعلنت الممثلة والمنتجة بشرى رزة انسحابها من فريق تنظيم المهرجان في مارس/آذار حيث كانت تشغل منصب مدير العمليات.
كما شب حريق في منتجع الجونة في إحدى قاعات المؤتمرات، قبل 24 ساعة من افتتاح الدورة الأخيرة لمهرجان الجونة السينمائي، وقال رجل الأعمال سميح ساويرس، إن سبب الحريق ماس كهربائى.
ثم جاءت استقالة المخرج أمير رمسيس من منصبه في المهرجان قبل يوم واحد من الختام، حيث كتب على صفحته: “وداعا الجونة.. وأنا في طريق عودتي إلى القاهرة مليئة بالمشاعر من أجل برنامج سينمائي تم إعداده بكل شغف وعاطفة. الحب”.
وتبعت استقالة رمسيس استقالة بشرى أيضا، وهي من الأعمدة الرئيسية للمهرجان، مما أوحى بوجود تصدع كبير داخل إدارة المهرجان.
تساءل بعضهم عن تأثير القرار في صناعة السينما المصرية والعربية، إضافة إلى كون عدم استمراريته مؤشراً إلى عدم استمرار مهرجانات مصرية أخرى أقل حظاً في الدعم المادي الذي ينعم به مهرجان الجونة، كونه يستند إلى رجال أعمال وهم آل ساويرس وكبار الرعاة الرسميين من الصناعيين والمعلنين المصريين والعرب.
من جانبها، قالت المسؤول الإعلامي لمهرجان الجونة الناقدة الصحافية علا الشافعي، "لا أعلم تفاصيل الأزمة لكن هناك سبباً مفاجئاً وراء هذا التأجيل، ويحتمل أن يكون تمهيداً لإلغاء الدورات الجديدة، وكما نعرف فإن إمكان عودة مهرجان جرى تأجيل دورته أمر غير مضمون بنسبة كبيرة".
وأشارت علا إلى أنه حتى نهاية شهر مايو/أيار كانت الأمور "تسير على ما يرام، وسافر مدير الجونة انتشال التميمي لحضور فعاليات (مهرجان كان)، وكانت هناك مشاهدات لأفلام سيجري الاستعانة بها في فعاليات الدورة السادسة التي كانت ستنطلق بعد أربعة أشهر تقريباً".
وتابعت، "ربما تكون الأزمة الاقتصادية العالمية سبباً مباشراً في توقف المهرجان، فالجميع يترقب ما يحدث في العالم بسبب الحرب الروسية - الأوكرانية، وربما استند آل ساويرس إلى فكرة نهاية الحرب واستقرار الأمور مع الوقت، لهذا كانت هناك حماسة كبيرة لإقامة الدورة الجديدة، لكن الأمور ازدادت سوءاً بحسب مؤشرات الاقتصاد العالمي، ومهرجان الجونة يتكلف الملايين، وعلى الرغم من أنه يربح من الرعاة والمشاركين فيه لكنه حتماً يحتاج إلى مبالغ طائلة من عائلة ساويرس حتى يستمر، وفي ظل الأزمة العالمية قد يكون الدعم المادي مستحيلاً".
ونفت علا أن يكون إلغاء الجونة مقدمة لإلغاء مهرجانات مصرية، بخاصة أن معظمها تحت إشراف الدولة ويكتسب الدعم من وزارة الثقافة المصرية، بينما المهرجان الوحيد الخاص هو الجونة، وله ظروف مختلفة تماماً.
وقالت المصادر إن "هنالك سببا آخر قد يكون ساهم في القرار الذي اتخذه الأخوان بوقف مهرجان الجونة، وهو أن المهرجان حقق المراد منه، وذلك بعد خمس سنوات ساهم خلالها بشكل كبير في الترويج لمدينة الجونة السياحية وتسويقها".
وأوضحت أن "الترويج لمدينة الجونة، كان هدفاً رئيسياً للأخوين ساويرس عندما فكرا في تأسيس مهرجان الجونة السينمائي، وذلك ما حدث بالفعل".
وفي مطلق الاحوال، فان توقف المهرجان الذي كان في طريقه لنيل الصبغة الدولية ولو لدورة واحدة سينهي على الارجح هذا المسار بلا رجعة.