الرد العسكري على إسرائيل يقسم مواقف الإيرانيين
طهران – خلف الهجوم الإيراني على إسرائيل مساء الثلاثاء ردود فعل متباينة لدى الايرانيين تراوحت بين التأييد والخوف من اندلاع حرب، في ظل تصاعد وتيرة المواجهات العسكرية بين الجيش الاسرائيلي وجماعة حزب الله في جنوب لبنان.
ففي ميدان ولي عصر بوسط طهران، نصبت لوحة كبيرة بصورة رسمت باللون الأخضر على خلفية صفراء للأمين العام الراحل لحزب الله حسن نصرالله وعليها الآية القرآنية "ألا إن نصر الله قريب". وتقول لافتة تأبين أخرى "الطريق هو الجهاد نصر أو استشهاد".
وتحمل لافتات قريبة وعناوين رئيسية في الصحف عبارات التهديد والوعيد بالثأر من إسرائيل بسبب هجماتها على المصالح الإيرانية في أنحاء المنطقة، كما يظهر صاروخ بطول 30 قدما أمام صورة الزعيم الأعلى الإيراني علي خامنئي متجها إلى السماء.
وقتل الجيش الاسرائيلي حسن نصرالله الحليف الأهم لإيران في منطقة الشام في غارة جوية الأسبوع الماضي دمرت أحد أحياء بيروت.
وأطلقت طهران وابلا من الصواريخ الباليستية على اسرائيل أمس الثلاثاء فيما قالت إنه رد على استهداف تل أبيب المتكرر للمصالح الإيرانية في المنطقة. ويخشى زعماء الغرب أن يقود الهجوم الصاروخي الإيراني إلى حرب مباشرة بين الجانبين.
وفي وقت يعلو فيه صوت طبول الحرب، ينقسم الإيرانيون المرهقون من الأزمات بين من يرجون سوء المآل لإسرائيل، ومن يأملون أن تؤدي الحرب إلى الإطاحة بالنظام الذي يسيطر عليه رجال الدين، ومن استسلموا ببساطة لفصل مظلم آخر في حياتهم.
وقال سعيد (43 عاما) وهو مدرس للغة الإنكليزية من مدينة أصفهان بوسط البلاد "هل فكروا في تداعيات هذا الهجوم؟" في إشارة إلى إطلاق الصواريخ نحو تل أبيب أمس الثلاثاء، مضيفا "شئنا أم أبينا، الغرب يدعم الحكومة الاسرائيلية وإذا ردت الأخيرة، فإن الشعب الإيراني هو الذي سيعاني".
ومضي يقول "النظام يفتقر إلى الموارد المالية والدعم الشعبي لتحمل الضغوط أو ضربة محتملة" من إسرائيل.
ويعتقد بعض الإيرانيين أن حكومتهم لم يكن أمامها خيار سوى إمطار تل أبيب بعشرات الصواريخ أمس الثلاثاء في هجوم تمخض عن أضرار قليلة نسبيا، لكنهم يخشون ما قد تحمله الأيام القادمة.
وقالت أم إيرانية أثناء توجهها إلى عملها بالقرب من استعراض التحدي الرسمي في ميدان ولي عصر "إذا اندلعت حرب فأنا قلقة على أبنائي فحسب"، متابعة "لو لم نرد على إسرائيل، لربما استمرت في أعمالها التدميرية. لست خائفة سوى على أطفالي".
وبدافع من الخوف مبدئيا، خزن بعض الإيرانيين عملات صعبة استعدادا للحرب وتوجهوا إلى مكاتب الصرافة بعد إطلاق الصواريخ الإيرانية نحو تل أبيب.
وقال محمد رضا (52 عاما) وهو يعمل في مكتب صرافة "مع ذلك لا يحدث هذا على نطاق واسع. لا توجد طوابير أمام مكاتب الصرافة. الحياة تسير بشكل طبيعي في الغالب".
واعتاد الإيرانيون على الأزمات، فقد عانت البلاد بشدة في حملة قمع لاحتجاجات مناهضة للحكومة سقط فيها قتلى قبل عامين، كما عانت الجمهورية الإسلامية لسنوات من البؤس الاقتصادي في ظل العقوبات الغربية، وتورطت بشدة في اشتباكات بالوكالة مع إسرائيل والولايات المتحدة عبر شبكة من الجماعات المسلحة التي تسيطر عليها في العراق وسوريا ولبنان والأراضي الفلسطينية.
وأدت الحرب التي تدور رحاها منذ عام بين الجيش الاسرائيلي وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية حماس المدعومة من إيران في قطاع غزة إلى تكثيف المواجهة بين طهران ووكلائها في جانب وتل أبيب المدعومة من أميركا ودول غرب أوروبا في الجانب الآخر.
وأدى الغزو الإسرائيلي لجنوب لبنان هذا الأسبوع واغتيالها لنصرالله إلى دفع المنطقة إلى دوامة جديدة من عدم الاستقرار. وحتى الآن، كانت ردود إيران على الهجمات الإسرائيلية ضعيفة التأثير إلى حد كبير. وتضمنت الهجمات الإسرائيلية اغتيال قادة في الحرس الثوري الإيراني في سوريا ولبنان ومقتل رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية على الأراضي الإيرانية.
ويرى بعض الإيرانيين أن هذا علامة على الضعف. ويأملون أن تؤدي الحرب إلى إضعاف الحكومة الدينية التي أصبح كثيرون ناقمين عليها بسبب قمع حقوق المرأة وإرسال الموارد إلى الوكلاء من الجماعات المسلحة في الدول العربية في الوقت الذي يعاني فيه اقتصاد البلاد.
وقالت سميرة وهي موظفة حكومية في طهران "أنا سعيدة جدا لأن هذا يشير إلى ضعف الحكام الدينيين. إنهم حمقى لاعتقادهم أن إيران تستطيع مهاجمة إسرائيل وتنجو من العواقب".
وعبر كثيرون من الإيرانيين الآخرين الذين أجريت معهم مقابلات وسط الجمهور عن شعور التحدي والدعم لحكومتهم.
وقالت امرأة "شعرت بالسعادة، وشعرت بالقوة" حين شاهدت الصواريخ الباليستية الإيرانية تضرب تل أبيب، مضيفة "أظهر ذلك أننا قادرون على الرد".
وقالت امرأة أخرى إنها تعتقد أن إسرائيل والولايات المتحدة لن تواتيهم الجرأة على مهاجمة إيران مباشرة"، متابعة "نحن أقوياء، وأميركا لن تجرؤ على التدخل".
لكن الحرب الجديدة في الشرق الأوسط وصلت ببطء إلى نقطة الغليان، وفي العلن على الأقل، تقول الحكومة الإيرانية إنها مستعدة للقتال.