الأوضاع الاقتصادية تجبر آلاف السودانيين على العودة من مصر

سودانيون يؤكدون أن عودتهم ليست مرتبطة بسير العمليات العسكرية والسيطرة على المدن، لكنها مرتبطة بالظروف المعيشية التي يمرون بها.

الخرطوم – ذكرت تقارير إخبارية سودانية محلية أن حركة العودة من مصر إلى السودان، تشهد ازديادا ملحوظا مؤخرا بعد هروب الكثيرين جراء اندلاع الحرب، إذ أن الضغوط الاقتصادية باتت تشكل عائقا كبيرا أمام بقائهم فيها خصوصا مع استقبال مصر لأعداد كبيرة من اللاجئين من عدة دول.

ولا يزال السودانيون يصلون يوميا إلى معبر "اشكيت" البري الحدودي قادمين من مصر، حيث قدر عددهم بأكثر من 20 ألفا.

وقال أحد السودانيين بمصر، في مقابلة مع "راديو دبنقا" المحلي، أن هذه الحركة العكسية تعود إلى الظروف الاقتصادية، على الرغم من استمرار الحرب. وأضاف أن قيمة الإيجارات وتكاليف المعيشة صارت غالية في مصر.

وتابع قائلا إن الظروف أصبحت طاردة خاصة مع ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الجنيه المصري. وأوضح أن معظم السودانيين الذين استأجروا شققا في أحياء مثل مدينة الفيصل وغاردن ستي والمعادي وغيرها انتهت مدخراتهم وأصبحوا لا يستطيعون دفع الإيجارات.

وأضاف أن الكثير منهم اضطروا إلى مغادرة هذه الاحياء والبحث عن أماكن أخري أرخص سعراً، وذهب بعضهم نحو مدينة بدر والعاشر من رمضان وغيرها، والكثيرون عادوا إلى السودان.

وأكد أن عودة معظم السودانيين من مصر ليست مرتبطة في المقام الأول بسير العمليات العسكرية والسيطرة على المدن، لكنها مرتبطة بالظروف المعيشية التي يمرون بها. وأشار إلى فشل الكثيرين في دفع نفقات تعليم ابنائهم، لذلك عادوا إلى السودان، بينما اتخذ آخرون القرار لكنهم لم ينفذوه بعد.

والحضور السوداني الكثيف في أحياء مصرية، عكسته أرقام رسمية أشارت إلى وصول أكثر من نصف مليون نازح سوداني إلى الأراضي المصرية منذ اندلاع الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع العام الماضي، بينما أكد سوادنيون تحدثوا أن لأعداد الحقيقية تفوق هذا الرقم بكثير، لا سيما بعد عبور أعداد كبيرة منهم بشكل غير نظامي عبر الصحراء على مدار الأشهر الماضية.

ونقلت وكالة السودان للأنباء سونا، على لسان مصدر مسؤول بمعبر اشكيت الحدودي بوادي حلفا بالولاية الشمالية، أن المعبر استقبل في شهر أغسطس/آب بلغ 7890 شخص وفي شهر سبتمبر/أيلول 12539 غالبيتهم من الأسر .

وأضاف المصدر أنه من المتوقع ان تشهد المعابر الأيام القادمة في حلفا حركة العودة الطوعية في أوساط كثير من الأسر السودانية الي حضن الوطن.

وتشكل الجالية السودانية في مصر من المقيمين والنازحين الجدد أكثر من نصف عدد المهاجرين بها، والذين يصفهم الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بأنهم ضيوف مصر، وتقدر حكومته عددهم بنحو 9 ملايين شخص بينهم أكثر من 5 ملايين سوداني.

وكانت الحكومة المصرية أمهلت الأجانب والمقيمين في البلاد بشكل غير قانوني، حتى نهاية سبتمبر/أيلول الماضي لتقنين أوضاعهم. ويُلزم كل من يقيم بشكل غير قانوني بتصويب أوضاعه عبر إيجاد مضيف مصري، ودفع مبلغ يقدر بألف دولار.

وسبّب القرار حالة من الارتباك خاصة بين آلاف السودانيين الذين جاؤوا إلى مصر عقب اندلاع الحرب في السودان. وتقدر الحكومة المصرية عدد الأجانب المقيمين في البلاد بنحو 9 ملايين شخص، وتقول إن القرار يهدف لتنظيم وحصر وجود الأجانب في البلاد.

وبينما يلجأ السودانيون الذين دخلوا البلاد بشكل نظامي إلى توثيق عقود إيجار شققهم السكنية بمكاتب الشهر العقاري إلى جانب تسجيل أبنائهم في المدارس للحصول على إقامات قانونية في مصر، فإنه لا يوجد أمام النازحين غير النظاميين سوى "التصالح مع وزارة الداخلية المصرية" عبر إنجاز استمارة "تقنين وضع" ودفع رسوم تبلغ ألف دولار، أو التقدم إلى مفوضية اللاجئين والحصول على بطاقة "طالب لجوء".

وبسبب الأزمة الاقتصادية، طالبت مصر المجتمع الدولي بدعمها في تحمل أعباء اللاجئين. ورأى وزير الخارجية المصري السابق سامح شكري، عقب لقائه مدير عام المنظمة الدولية للهجرة إيمي بوب، أن الدعم الذي تتلقاه مصر من المجتمع الدولي "لا يتناسب مع ما تتحمله من أعباء، في ظل ما يعانيه الاقتصاد المصري من تبعات الأزمات العالمية.

وأطلقت الحكومة المصرية أخيراً عملية لحصر أعداد اللاجئين المقيمين على أراضيها، بهدف احتساب تكلفة استضافتهم، والوقوف على الأعباء المالية، في ظل أزمة اقتصادية تعانيها البلاد.

وطالبت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بمصر، في بيان في شهر أبريل/نيسان الماضي، بالحصول على 175.1 مليون دولار لتلبية الاحتياجات الأكثر إلحاحاً للاجئين السودانيين الذين فروا إلى مصر منذ منتصف أبريل 2023.