فيلم الإرهاب والكباب بنسخة عراقية
يبدو أن السلطة التنفيذية في العراق إقتبست قرارها القاضي السماح للموظف الحكومي بإستقطاع جزء من ساعات عمله لأداء فريضة العبادة أثناء أوقات الدوام الرسمي من فيلم "الإرهاب والكباب" الذي قام ببطولته الممثل القدير عادل إمام، وتدور قصته حول مواطن يروم إكمال معاملته الرسمية في إحدى المؤسسات الحكومية ليصطدم بالروتين الوظيفي وإنشغال أحد الموظفين بالصلاة ومراسيم إعداد الطبخ عند إحدى الموظفات، وتكون شرارة غضب المراجع خروج الأزمة إلى نتائج غير متوقعة، وأحداث بدأت صغيرة وإنتهت كبيرة عندما تحوّل الموقف إلى إدعاء بالإرهاب لذلك المُراجع أوجبه تدخلاً حكومياً.
السلطة التنفيذية في العراق أصدرت قراراً ديوانياً يقضي بإعطاء مساحة زمنية من ساعات عمل الموظف لأداء فريضة الصلاة، وكأنه قرار كان ينتظره ليكمل به ساعات البطالة المُقنّعة التي يعيشها أغلب الموظفين.
يُفسّر البعض هذا القرار أنه يدخل ضمن المزايدات الإنتخابية المبكرة التي بدأت تستنفذها الكتل السياسية أو الطامحة لولاية ثانية لجذب التأييد الشعبي والكسب الإنتخابي لقوائمها، لكن هل يعني ذلك أن يكون على حساب مصلحة الوطن والمواطن؟.
يعاني المراجعون في أغلب المؤسسات الحكومية من ظاهرة الرشوة والفساد التي بدأت تتحول إلى "ثقافة" تُمارس بشكل طبيعي ومن يتخلّف عن ممارستها يُتهم بالشذوذ الوظيفي، يضاف لها ساعات من ضياع فرص العمل يقضيها الموظف بين تناول الفطور وسرد يوميات عائلته إضافة إلى ساعات التأخير عن العمل التي يقضيها في شوارع العراق، ليأتي القرار الحكومي مكملاً لتبرير الموظف بعدم إمكانية إنجاز معاملات المواطنين بأعذار مختلفة من تلك الأنواع.
البطالة المُقنّعة التي تحاول أن تفرضها السلطة على الموظف الحكومي يبدو أنها ستكون إجباراً لا إختياراً من خلال قوانين تدعو للتفريط بساعات العمل تحت مختلف الأعذار.
نقف أحياناً عاجزين عن تفسير قرارات لا يُعرف مغزاها أو حتى نتائجها لأنها قرارات إرتجالية لا تخدم المواطن الذي يروم إكمال معاملته، وحتى الموظف الذي تنتهي به ساعات الدوام الرسمي متسكعاً في أروقة مؤسسته الحكومية وفي غرفها ينتظر ساعة إنتهاء الدوام الرسمي للمغادرة وبعدها أيام الشهر ليستلم راتبه دون أي خدمة لبلده أو مواطنيه.
قبل أيام من قرارها الحالي أعلنت الحكومة العراقية عن تقليص ساعات الدوام الرسمي أثناء مباراة المنتخب العراقي ضد منتخب كوريا الجنوبية والتي خسر فيها العراق بنتيجة هدفين ضد ثلاثة أهداف للفريق الكوري، والمفارقة تلك التي أعلنها مختصين وباحثين في الشأن الإقتصادي من أن العراق خسر جراء هذا القرار عشرات المليارات من الدنانير من ذلك التعطيل الحكومي لمؤسسات الدولة.
تعاني الحكومة العراقية من كثرة أعداد الموظفين في القطّاع الحكومي التي تتجاوز الخمسة ملايين موظف وما تحمله تلك الأعداد من تضخم وزيادة في الأعباء المالية للخزينة العراقية، لكنها في ذات الوقت تهب الوقت الضائع لموظفيها كمن يخبرهم بأن الجدوى هو عدم إستغلال الوقت لصالح الخدمة العامة للدولة.
الخلاصة إن الدول الخاملة إدارياً والفاشلة مؤسساتياً لن تستطيع النهوض أو التقدم خطوة إلى الأمام ما دامت تعود إلى الوراء بخطوتين، ذلك هو ملخص سيناريو الإرهاب والكباب بنسخته العراقية.