الرد الايراني على هجوم إسرائيل أقرب للضجيج والاستهلاك الاعلامي

وزير الخارجية الإيراني يؤكد أن بلاده تلقّت عصر الجمعة إشارات على الهجوم الإسرائيلي.

طهران - أكد الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان اليوم الأحد أن الجمهورية الإسلامية لا تسعى إلى الحرب، لكنه تعهد برد مناسب على الضربات الإسرائيلية الأخيرة على مواقع عسكرية إيرانية، وسط توقعات بأن تتجنب طهران استهداف أراضي الدولة العبرية، خاصة وأن الردّ الإسرائيلي المحدود لم يخلّف خسائر كبرى. 

ويبدو التهديد الإيراني بالرد على الهجوم الإسرائيلي أقرب إلى الضجيج والاستهلاك الإعلامي، لا سيما وأن طهران المثقلة بأزمات اقتصادية ومالية واجتماعية لا ترغب في الدخول في حرب ضد إسرائيل.

وتذهب بعض القراءات إلى أن الرد والرد المقابل بين إيران واسرائيل مجرد مسرحية لحفظ ماء الوجه لكلتيهما وأن أهداف الضربات محددة ومعلومة مسبقا وأضرارها محدودة من الجانبين.

وحمّل بزيشكيان مسؤولية تصاعد التوترات الإقليمية إلى "عدوان" إسرائيل والدعم الأميركي لها، مضيفا "إذا استمرت اعتداءات النظام الصهيوني وجرائمه فإن التوترات ستتزايد".

وتابع أن الولايات المتحدة "وعدت بإنهاء الحرب مقابل ضبط النفس من جانبنا، لكنها لم تف بوعدها"، وأشاد بالجنود الذين سقطوا "دفاعا عن أرضهم ببسالة"، في حين أكد وزير الخارجية عباس عراقجي على "تصميم الإيرانيين على الدفاع" عن أنفسهم.

وقالت إيران إن الضربات في محيط طهران وفي إقليمي خوزستان وايلام أسفرت عن مقتل أربعة جنود ومدني وتسببت بأضرار محدودة لأنظمة الرادار.

وقلل المسؤولون ووسائل الإعلام إلى حد كبير من شأن الضربات، وسلطوا الضوء على الدفاعات الجوية الإيرانية دون التعهد برد مباشر.

وقال المحلل السياسي حميد رضا عزيزي في منشور على موقع إكس "قد تكون إيران أقله حاليا، مترددة في الرد بشكل مباشر وتصعيد حدة التوتر".

وأعلن المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي الأحد أنه ينبغي عدم "التضخيم ولا التقليل" من الضربات التي نفذتها إسرائيل على مواقع عسكرية في إيران.

وقال فياض زاهد أستاذ العلاقات الدولية في جامعة طهران إن "كبار المسؤولين الإيرانيين لا يريدون ببساطة تأجيج حدة التوتر".

وقبل الضربات التي شنت السبت، حذرت إيران من أن أي هجوم على "بنيتها التحتية" سيؤدي إلى "رد أقوى" وتعهد الجنرال في الحرس الثوري رسول سنيراد بأن هجمات على منشآت نووية أو للطاقة خط أحمر.

وسلطت وسائل الإعلام الإيرانية الضوء على تعليقات المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافايال غروسي الذي قال إن المواقع النووية لم تستهدف. كما ذكرت أن مصافي النفط الرئيسية في المحافظات المستهدفة لم تتضرر.

وكثفت إيران جهودها الدبلوماسية قبل الهجوم، مع زيارة وزير خارجيتها عباس عراقجي لدول إقليمية سعيا لاحتواء النزاع.

وقال زاهد "نقل عراقجي إرادة إيران الجادة إلى الحكومات العربية بأن إيران ستهاجم إسرائيل بمزيد من الصواريخ إذا استهدفت إسرائيل بنيتها التحتية".

وقال عزيزي "سنرى ما إذا كانت هذه الجولة في النزاع انتهت الآن أم ستواصل إسرائيل العمليات العسكرية المباشرة أو غير المباشرة في الأيام والأسابيع المقبلة".

وتأتي عمليات الرد المتبادل وسط حرب إسرائيل المستمرة مع حماس والتي توسعت في الأسابيع الأخيرة لتشمل حزب الله اللبناني الشيعي.

وحركة حماس وحزب الله جزء من "محور المقاومة" المتحالف مع إيران ضد إسرائيل. وقال الجيش الإسرائيلي إنه ضرب مصانع انتاج الصواريخ والمنشآت العسكرية في عدة محافظات وحذر إيران من الرد.

وأكدت إيران تنفيذ الضربات لكنها قالت إن الانفجارات المدوية في طهران كانت نتيجة تصدي دفاعاتها الجوية للصواريخ.

وصرّح عراقجي لصحافيين اليوم الأحد "تلقينا إشارات عصر الجمعة بأنه من المحتمل أن يشن الكيان الصهيوني هجوما على إيران"، من دون أن يوضح طبيعة تلك الإشارات.

وقال مايكل هورويتز الخبير في شركة لو بيك للاستشارات الأمنية في الشرق الأوسط إن الهجوم الإسرائيلي أظهر أنه "لا يشكل تصعيدا إلى أعلى مستوى"، مستدركا "لكن الأمر قد يصل إلى هذا الحد في حال ردت إيران".

ووصفت صحيفة "جوان" الإيرانية المحافظة الأحد الهجوم الإسرائيلي بـ"الضعيف" قائلة إنه "لم يوقظ حتى" الإيرانيين، مضيفة "لم تتجرأ الولايات المتحدة وإسرائيل على الرد بقوة على إيران، ونعتبر ذلك انتصارا"، لكن صحيفة "كيهان" المتشددة انتقدت الدعوات "لتجنب رد عنيف".

وفي المقابل، دعت وسائل الإعلام الإصلاحية الداعمة لحكومة بزشكيان إلى اعتماد الدبلوماسية لتخفيف التوترات الإقليمية، في حين حث التحالف الإصلاحي الرئيسي السلطات على "منع نشوب حرب إقليمية شاملة".

وأثارت الهجمات الإسرائيلية إدانات من الدول العربية المجاورة منها السعودية والإمارات. ووصف عزيزي رد الفعل العربي بأنه "مهم" مؤكدا "رغبتهم في عدم الانجرار إلى هذا النزاع".

وأيدت صحيفة "اعتماد" الإصلاحية ما أطلقت عليه "حق إيران" في الرد لكنها شددت على "مسؤوليتها تجاه الدول المجاورة التي تريد تجنب الحرب"

وقال هورويتز إن لطهران الآن "هامش مناورة للتهدئة"، لكنه حذر من أن "الأزمة تفاقمت وباتت الامور الآن تتجه إلى مزيد من التصعيد بين إسرائيل وإيران".