قطر تنفي عزمها إغلاق مكتب حماس في الدوحة

المتحدث باسم الخارجية القطرية يوضح أن "الهدف الأساسي من وجود مكتب حماس في الدوحة هو أن يكون قناة اتصال بين الأطراف المعنية.
مصادر دبلوماسية: قطر لن تشارك في المفاوضات إلا إذا أصبحت المحادثات جادة
مقتل 30 بينهم 13 طفلا في غارتين اسرائيليتين في غزة
قتلى وجرحى في غارات اسرائيلية على جنوب لبنان

الدوحة/القدس - أعلنت قطر رسميا تعليق الوساطة التي كانت تقودها من أجل التوصل إلى اتفاق لوقف النار في غزة والإفراج عن الرهائن الإسرائيليين، وذلك إلى حين "توافر الجدّية اللازمة" في المفاوضات بين إسرائيل وحماس، نافية عزمها إغلاق مكاتب الحركة في الدوحة، وفق ما أعلنت الخارجية القطرية.

وقادت قطر مع الولايات المتحدة ومصر وساطة بين الدولة العبرية وحماس منذ التوصل إلى هدنة وحيدة في الحرب في غزة في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، استمرت أسبوعا وأتاحت إطلاق رهائن كانوا محتجزين في القطاع مقابل معتقلين فلسطينيين لدى إسرائيل. ومذّاك، جرت جولات تفاوض عدّة لم تسفر عن نتيجة.

وقال المتحدث باسم الخارجية القطرية ماجد الأنصاري في بيان إن "قطر أخطرت الأطراف قبل عشرة أيام، أثناء المحاولات الأخيرة للوصول إلى اتفاق، بأنها ستعلّق جهودها في الوساطة بين حماس وإسرائيل في حال عدم التوصل لاتفاق في تلك الجولة، وأنها ستستأنف تلك الجهود مع الشركاء عند توافر الجدية اللازمة لإنهاء الحرب الوحشية".

ونفى المتحدث التقارير المتعلقة بإمكان غلق مكتب حماس في الدوحة، موضحا أن "الهدف الأساسي من وجود المكتب في قطر هو أن يكون قناة اتصال بين الأطراف المعنية وقد حققت هذه القناة وقفا لإطلاق النار في عدة مراحل سابقة وساهمت في الحفاظ على التهدئة وصولا إلى تبادل الأسرى والرهائن من النساء والأطفال في نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي".

وقال مصدر دبلوماسي في وقت سابق إن "القطريين أبلغوا الإسرائيليين وحماس أنه طالما هناك رفض للتفاوض على اتفاق بحسن نية، فلن يتمكنوا من الاستمرار في الوساطة. ونتيجة لذلك، لم يعد المكتب السياسي لحماس يخدم الغرض منه".

وأشار مسؤولون قطريون وأميركيون إلى أن حماس ستبقى في الدوحة طالما أن وجودها يوفر قناة اتصال حيوية، بينما قال قيادي في حماس لفرانس برس السبت إن الحركة لم تتلق أي طلب من قطر لغلق مكتبها في الدوحة، مضيفا طالبا عدم كشف اسمه "ليس لدينا أي شيء حول تأكيد أو نفي ما نُشر عن مصدر دبلوماسي لم تحدد هويته، ولم نتلق أي طلب لمغادرة قطر".

وتتقاذف حماس وإسرائيل مسؤولية عرقلة اتفاق التوصل إلى وقف للنار في الحرب التي اندلعت في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 إثر هجوم غير مسبوق للحركة الفلسطينية على جنوب إسرائيل.

وفي تجمع حاشد في تل أبيب ردا على القرار القطري، أعربت المعالجة النفسية روتي ليور عن "قلقها الكبير" وقالت لفرانس برس "بالنسبة إلي، هذا دليل جديد على عدم وجود جدية فعلا وعلى أن هذه الاتفاقات تتعرض للتخريب".

وسألت نينا وينكيرت والدة أحد الرهائن "كم دمعة يجب أن تُذرف بعد، وكم من الدماء يجب أن تُراق، قبل أن يفعل أحد ما يجب فعله وأن يُعيد أولادنا إلى الوطن؟ أربعمئة يوم! هل يمكن لأحد أن يتخيّل هذا؟". وأضافت "نحن صامتون، لكننا لم نستسلم. الأم لا تستسلم أبدا. أبدا!".

وقبل ذلك قلل مسؤولون إسرائيليون من أهمية التقارير التي أوردتها وكالات أنباء دولية كبرى عن توقف قطر عن الوساطة بين إسرائيل وحماس، مؤكدين أن القرار "قابل للتراجع".

لكن مصادر إسرائيلية أكدت أن مسؤولين كبارا في إسرائيل أُبلغوا بالخطوة التي أقدمت عليها قطر والتي قيل إنها جاءت بضغط أميركي، للمطالبة برحيل كبار مسؤولي حماس من الدوحة.

وكانت قطر قد لعبت إلى جانب مصر والولايات المتحدة ، دور الوسيط في المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل وحماس على مدى الأشهر الثلاثة عشر الماضية. وتعرضت لانتقادات إسرائيلية وأميركية واتهامات بأنها لا تضغط على الحركة الفلسطينية بما يكفي لإنهاء أزمة الرهائن الاسرائيليين.

ورفض القطريون تلك الاتهامات وهددوا في مناسبتين على الأقل بالانسحاب من الوساطة، في خطوة فسّرت حينها باستياء الدوحة من الضغوط الأميركية والتشكيك في دورها، بينما استبعدت مصادر دبلوماسية وقتها أن تتخلى الدولة الخليجية عن لعب دور الوسيط وهي الراغبة في البروز كلاعب إقليمي وازن.

وفي حديث لوسائل إعلام عربية ووكالة فرانس برس، نفى مسؤولون في حماس تلقيهم أوامر بمغادرة قطر، لكنهم أقروا بأن مكاتبهم قد تُغلق قريبا. وفي الوقت الحالي، من المقرر أن تستمر عمليات الحركة من الدوحة، رغم أن كبار مسؤوليها تلقوا رسالة تفيد بأن إغلاق مكاتبهم وشيك.

وقال مصدر مقرب من أحد كبار قادة حماس لموقع يديعوت أحرونوت إن "قرار قطر جاء تحت ضغط هائل من الولايات المتحدة". ورحبت إسرائيل بالقرار القطري المتعلق بطرد قادة الحركة وهو هدف لطالما سعت إليه كل من تل أبيب وواشنطن.

وقال مسؤول إسرائيلي كبير إن "حماس منظمة إرهابية قاتلة ينبغي ملاحقتها في جميع أنحاء العالم وليس توفير ملاذ آمن لها في أي بلد"، مضيفا أن طرد قطر لقادة حماس يقلل منطقيا من دورها كوسيط، مؤكدا أنه "بمجرد طرد قادة حماس، لن يكون هناك أي ميزة أخرى في وساطة الدوحة".

وأضاف مصدر حكومي أن "جميع الأطراف تدرك الآن أن القرارات الرئيسية في المفاوضات تقع على عاتق إسرائيل وحماس وليس الوسطاء وبالتالي فإن التأثير محدود"، مشيرا إلى أنه على الرغم من محاولات الوساطة القطرية، لم يتم التوصل إلى أي اتفاقات وأن قادة الحركة الفلسطينية استمتعوا "بالفنادق الفاخرة بينما استمروا في تنظيم الإرهاب داخل محور يضم إيران وحزب الله".

وفي حال قررت قطر طرد قادة حماس، فإن إيران قد تكون الوجهة الأكثر ترجيحا إذ من المستبعد أن تقبل تركيا التي تستضيف بدورها عددا من قادة وأعضاء الحركة رغم ما تبديه من دعم لها وذلك بسبب رغبة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في تحسين العلاقات مع واشنطن وقد وجه للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب دعوة لزيارة تركيا وذلك في أول اتصال بعد فوز الأخير بالرئاسة.

ومن غير الوارد أيضا أن تقبل دمشق التي تحاول النأي بنفسها عن حربي لبنان وغزة قدر الإمكان وتتعرض لضغوط أميركية وهجمات إسرائيلية، بتوفير ملاذ لقادة حماس. كما أن انتقال قادة حماس لسوريا يجعلهم أكثر عرضة للاغتيال.

ضربات متواصلة على غزة ولبنان

ويأتي ذلك بينما تواصل إسرائيل عدوانها على لبنان وقطاع غزة حيث أعلن الدفاع المدني في غزة الأحد مقتل 30 شخصا على الأقل بينهم 13 طفلا في غارتين إسرائيليتين على منزلين في شمال القطاع.

وقتل خمسة أشخاص على الأقل في غارة طالت منزلا في حي الصبرة بمدينة غزة، بحسب الدفاع المدني الذي أكد تواصل عمليات البحث لأن عددا من الضحايا ما زالوا تحت الأنقاض.

ويشنّ الجيش منذ السادس من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، هجوما جويا وبريا في شمال غزة، وخصوصا في مناطق جباليا وبيت لاهيا وبيت حانون، قائلا إن الغرض منه منع مقاتلي حماس من إعادة تشكيل صفوفهم.

وكان تقرير صادر الجمعة عن مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، أفاد بأن النساء والأطفال يشكلون "قرابة 70 في المئة" من قتلى الحرب الذي تحققت الهيئة الدولية من مقتلهم في الفترة بين نوفمبر/تشرين الثاني 2023 وأبريل/نيسان 2024.

وأفادت الأمم المتحدة بأن التقرير يوضح "العبء الأكبر الذي يتحمله المدنيون جراء الهجمات"، بما في ذلك "الحصار الكامل" الذي فرضته القوات الإسرائيلية على غزة في بداية الحرب، مضيفة "أدت هذه الممارسات من قبل القوات الإسرائيلية إلى مستويات غير مسبوقة من القتل والموت والإصابات والجوع والمرض والأوبئة".

وامتدت الحرب إلى لبنان بعد فتح حزب الله جبهة ضد إسرائيل في 8 أكتوبر/تشرين الأول 2023 دعما لحماس.

وشنّ الطيران الحربي الإسرائيلي الأحد غارة على منزل في مدينة بعلبك بشرق لبنان، بحسب ما أفادت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية، من دون أن يسبقها إنذار بالإخلاء.

وفي وقت سابق، أشارت الوكالة الوطنية إلى غارة إسرائيلية نادرة شمال بيروت، طاولت تحديدا بلدة علمات ذات الغالبية الشيعية في قضاء جبيل ذي الغالبية المسيحية.

وشنت إسرائيل منتصف ليل السبت-الأحد وصباح الأحد سلسلة غارات على قرى وبلدات في جنوب وشرق لبنان، بحسب المصدر نفسه.

وأسفرت الضربات الإسرائيلية السبت عن مقتل 20 شخصا في شرق لبنان و13 آخرين في جنوبه، بحسب حصيلة لوزارة الصحة اللبنانية.

وبعد عام من فتح حزب الله اللبناني جبهة عبر الحدود إسنادا لحليفته حركة حماس الفلسطينية في قطاع غزة، كثفت الدولة العبرية في 23 سبتمبر/ايلول غاراتها على معاقل الحزب في جنوب لبنان وشرقه والضاحية الجنوبية لبيروت. وأعلنت في 30 منه بدء عمليات برية "محدودة".

وقضى أكثر من 3110 أشخاص وفق وزارة الصحة منذ بدء حزب الله تبادل القصف مع إسرائيل قبل أكثر من عام.