المغربي علي علاوي: البحث المسرحي ركيزة لتوثيق الإبداع
الرباط - بدعم من وزارة الشباب والثقافة والتواصل – قطاع الثقافة، ينظم محترف شامة للإبداع المسرحي لقاءات تواصلية وأكاديمية تحت عنوان "إنجاز البحث العلمي في المسرح المغربي المعاصر"، وذلك في دار الشباب ابن أحمد بتنظيم من الفنان والباحث المسرحي علي علاوي.
وقد لاقت فكرة تنظيم هذه اللقاءات بمدينة ابن أحمد ترحيبًا واسعًا من قبل عموم المهتمين بالبحث العلمي المسرحي، معتبرين إياها خطوة مميزة وزرعًا آخر لثقافة الإبداع في هذه المدينة التي ظلت وما تزال منارة للإشعاع الثقافي.
وفي هذا السياق، كان لـموقع "ميدل إيست أونلاين" حوار مع الممثل والباحث الأكاديمي المغربي علي علاوي، وفيما يلي نص الحوار:
أين تتجلى أهمية البحث العلمي في المسرح المغربي؟
لا يخفى على أي متابع للفن المسرحي أن البحث العلمي له أهميته وراهنيته، وذلك لعدة اعتبارات يظل أهمها التوثيق وتجميع الدراسات النقدية وتحليلها وضمان استمرارية هذا المسرح من خلال المكتوب، و المسرح المغربي في العشر سنوات الأخيرة عرف طفرة حقيقية وتنوعا وصل حد الزخم في الحساسيات والرؤى لذلك صار من الضروري متابعته متابعة موضوعية وهذه الأخيرة ينهض بها البحث أفضل من النقد، لأن الأول يتضمن الثاني بالضرورة ولا يمكن أن يحصل العكس.
بالنسبة لك ما التحديات التي يواجهها البحث المسرحي في المغرب؟
إن مجال البحث المسرحي على ما أعتقد بالحمولة التي أراه بها، هو جديد ولذلك فكل جديد غير مرغوب، أو دعنا نقول إن كل جديد له تحديات إلى أن يفرض نفسه ويصبح وجوده معتادا.، فثلا أنا أميز بين البحث الجامعي في المسرح، وبين النقد المسرحي وبين البحث العلمي المسرحي، فالأول له منهجيته وضوابطه، أما الثاني فأغلبه يكتب عن العروض ويتابعها، بينما البحث العلمي هو عكس كل هذا لأنه يُخضع كل المجالات وأخرى عديدة للدراسة والتحليل، فمجال البحث المسرحي هو خروج عن المألوف بتوسل مناهج خارجة عن مجال المسرح كالمناهج والمفاهيم الفلسفية وقراءة بها كل التراكمات المعرفية ونقدها وإعادة التفكير فيها ولابأس أن أقدم المثال التالي إن الترجمة المسرحية، مثلا لا أحد يهتم بها بينما هي موضوع إشكالي في الفلسفة لذلك فالبحث العلمي المسرحي هو مجال التفكير الحر مشكلا بذلك مسارب هروب من الجاهز.
ما هو دور الورشات في منطقة إبن أحمد ؟
كل الورشات لها ثقافة التشجيع ولفت الانتباه، لذلك لما حصلنا على الدعم من وزارة الثقافة، فكرنا في مدينة إبن أحمد وفكرنا بمعية الإخوة بمحترف شامة للإبداع المسرحي أن يكون فضاء دار الشباب موئلا وملاذا لبسط رؤيتنا للبحث العلمي وتشجيع الطاقات الشابة، وهي تحث المدينة على الانفتاح على البحث العلمي المسرحي، وهناك سبب آخر وهو أن مدينة إبن أحمد هي مسقط الرأس والأصل.
إلى أي حد يمكن الحديث عن أهمية البحث العلمي في توثيق العروض المسرحية؟
من لا بحث له، لا توثيق ولا أرشيف لعروضه المسرحية، فمعلوم أن العرض المسرحي فن زائل وبما أنه كذلك فإن القادر على منحه الاستمرارية الفكرية هو البحثـ، وأظن بأن الجامع المشترك بين الباحث والمبدع هو إشعاع هذا المسرح، لذلك أجد أن العلاقة بينهمها قوامها الدعم والتشجيع.
هل يمكن اختصار هوية المسرح المغربي المعاصر في اللغة أو المواضيع فقط؟
هذا نقاش طويل وعريض ولا يمكن أن تُختزل هوية المسرح المغربي المعاصر في اللغة أو في المواضيع لسبب بسيط، يرجع لكون أن في المسرح كل شيء لغة، وما لغة الحوار إلا جزء بسيط من أجزاء العرض المسموعة والمرئية، لذلك فالمسرح المغربي المعاصر متنوع ومتعدد وهذا التعدد والتنوع هو ما يمنحه التماسك ليس بالمعنى الإيديولوجي وإنما بمعنى أنه فن إنساني كوني منفتح على جميع المواضيع واللغات.
ما أهمية التراكم المعرفي في تطور المسرح المغربي؟
التراكم، هو ما يمنحنا التطور لأنه كفيل بجعلك تخضع رؤيتك وآلياتك للتجريب، سواء على مستوى الكتابة أي النصوص المسرحية أو الأداء.
كيف تساهم الورشات المسرحية في تطوير المشهد الثقافي والفني؟
غاية الورشات لفت الانتباه لذلك تجد الباحث والفنان بل حتى الأكاديمي جنبا لجنب بغية تقديم الإضافة المرجوة وهذا واقع الحال في مشروعنا، فمثلا كان بإمكاننا الإنزواء والانعزال لإنجاز البحث وتقديمه للوزارة لأنها منحتنا الثقة ودعمت المشروع، غير أننا نؤمن بأن الرأسمال الوحيد الذي ينمو ويربو بالتقاسم هو المعرفة، لذلك تجد الباحث والفنان والأكاديمي إلى جانب بعضهم في هذه التجربة التي أتمنى أن تتكرر ولكن هذه المرة على شكل توطين.
ما علاقة النقد المسرحي بالبحث العلمي المسرحي؟
البحث العلمي المسرحي بما هو تفكير حر ومنفتح على جميع المناهج والمفاهيم قادر على إخضاع الإنتاج المسرحي سواء في شق الإبداع أو في شق العروض إلى النظر والمساءلة وهو بهذا أرشيف وتوثيق.
كيف يمكن للبحث الفني أن يساهم في تحسين مستوى العروض المسرحية؟
من خلال تجربتي يبدو لي أن البحث العلمي يساهم بطريقة أو بأخرى في تطوير مستوى العروض إذ بنقدها أو بخلق نقاش حول ما كتب عنها، أو بانفتاح على مجال الدراسة الذي يمكن تأطير العرض فيه وهذا الجانب المعرفي قد يغيب على المبدع، الذي دوره حقيقة يتجلى في التركيز على الإبداع وعلى تظهير رؤية بالسبل الكفيلة على ذلك.
ما هي رؤيتك لمستقبل البحث المسرحي في المغرب؟
أدعو دائما إلى قيام شعبة خاصة بالنقد المسرحي يقصدها كل ما يريد أن يجرب النقد المسرحي وأصوله، وعنده سوف تتعدد أصوات الباحثين، بمعنى أن مرحلة الباحث تأتي بعدما يكتسب قدرات معرفية سواء بتراكم الكتابة أو المطالعة أو الدراسة وعندها يشق طريقه في البحث لأنه أصبح يحوز رؤية،ـ وفي ظل غياب كل هذا هناك بعض الباحثين المغاربة وأنا أستثني أساتذة الجامعة أو المعاهد وإنما أقصد الباحث المفكر الذي يحاول الغوص بعيدا لإيجاد ما هو غائب وغير مفكر فيه وهذه مهمة الباحث المسرحي على أي حال، فقلت هناك بعض الباحثين المغاربة الذين أحدهم بحق يذهبون في هذا الطريق وعلى رأسهم الدكتور خالد أمين والدكتور فهد الكغاط والدكتور حسن يوسفي.