في انتظار ترامب
ستكون 2025 سنة ترامب الذهبية في العالم. ولأن ترامب ليس جديدا فإن الكثيرين صاروا يتوقعون ما الذي سيفعله الرجل القادم من عالم المال والأعمال والفضائح.
ترامب أكثر وضوحا من غيره. جمهوريين وديمقراطيين على حد سواء. يقول ما يفعله ويفعل ما يقوله. في الحالين يملك الرجل وقتا للعب. بين يديه قوة كبرى وفي رأسه أفكار لا علاقة لها بمصائر الشعوب التي صارت تتدهور بسبب سياسات الولايات المتحدة التي تزن الأمور بمكيالين دائما. وليس للعدل مكان بينهما.
وفيما يتعلق بالشرق الأوسط فإن ترامب ليس أوباما. يضع ترامب تلك المنطقة الإستراتيجية والمثقلة بهمومها في موقعها الصحيح. وهو غير مولع بالتيارات الاصولية ولا بالجماعات المتشددة وموقفه من إيران يؤكد أنه لا يرى في التوسع الإيراني ما ينفع مصالح الولايات المتحدة. ومن الواجب هنا التذكير بالموقف الإسرائيلي الذي صار حاسما في اتجاه إنهاء الهيمنة الإيرانية على المنطقة. المقصود هنا ما تبقى من تلك الهيمنة التي صار في إمكان الولايات المتحدة أن تنهيها من غير قتال مباشر. وليس محل نقاش أن واشطن صارت تتلقى الأوامر من تل أبيب.
لذلك سيكون ترامب مرتاحا في تنفيذ مشروعه الشرق أوسطي. انتهى حزب الله. هربت الميليشيات الإيرانية من سوريا. المخيف إيرانيا أن يفكر ترامب في إسقاط النظام السياسي هناك قبل إعادة ترتيب الأوضاع في اليمن والعراق. ذلك ما ييسر التفكير في أن إيران ستفكر في التضحية بنفوذها في العراق واليمن من أجل أن يبقى نظامها.
لن يكلف ترامب الولايات المتحدة حربا جديدة من أجل هزيمة إيران. لقد هُزمت إيران قبل أن يصل ترامب إلى البيت الأبيض. تلك هي المكافأة الإسرائيلية التي سيسعى ترامب إلى ردها. وكما يبدو أن عصر ترامب كان قد بدأ قبل أن يستلم السلطة.
سيكون ترامب نافعا على المستوى العربي. وفي ذلك يجب أن نكون حذرين. فترامب لا يحترم شيئا بقدر ما يحترم المال. ولكن العرب وقد اختبروه يمكن أن يقايضوه بما يمكنهم من النجاح في إدارة قضاياهم والتمسك بأهدافهم. يزيح ترامب من طريقهم عدوا كانوا يظنونه ثانويا فإذا به صار عدوهم الرئيس ليعيدهم إلى المعادلة الأصلية. هناك إسرائيل التي يجب حل مشكلتها في إحتلال الأراضي الفلسطينية وإقامة المستوطنات ولاستمرار في العربدة وصولا إلى حروب الإبادة المستمرة.
قد يتوقع البعض أن الأمور ستسوء أكثر في عصر ترامب. غير أن الرئيس الأميركي القادم كما أظن هو الأكثر كفاءة في التعامل مع إسرائيل. ذلك لانه لا يكتفي بسماع ما تقوله إسرائيل بل بهمه كثيرا أن يصل صوته إليها ليجعلها تنصت إليه. يملك ترامب اللغة المناسبة لما يمكن أن تفهمه إسرائيل وهي تعرف أن الرجل الحريص على أمنها هو أكثر من سواه دربة في المجل العملي.
ذلك مجرد ظن لا أراهن عليه كثيرا غير أن العرب في هذه المرحلة بات عليهم أن يمسكوا بقشة، حتى وأن كانت متخيلة. الأهم من كل شيء هو أن يحولوا خسائر إيران لمصلحتهم مهما كان الواقع كئيبا. عليهم أن يساهموا في الدفع بكرة الثلج إلى الهاوية لتعود إيران إلى حدودها.
لن يحل ترامب المشكلات العربية وبالأخص مشكلاتهم مع أنفسهم. ذلك ما لا بملك له حلا. فإذا لم يغير العرب ما في أنفسهم لن يتمكن أحد من مساعدتهم. وليس الرهان على قدرتهم على القيام بذلك خياليا. فهم يجيدون اللغة التي يفهمها الرئيس الأميركي القادم وهو صديقهم بغض النظر عن صداقته لإعدائهم.
ستكون 2025 سنته التي يمكن للعرب أن يحولوها إلى سنتهم التي ليس في إمكانهم الفرار من استحقاقاتها بعد أن كانت 2014 واحدة من أسوا سنواتهم حين تمكنت إيران من إدارة الصراع مع الدولة العبرية بطريقة سببت الكثير من الإنهيارات التي يمكن النظر إلى جانبها الإيجابي أيضا. وهو الجانب الذي انتهت فيه هيمنة الجماعات المسلحة التي هي أذرع إيرانية خالصة.
وإذا ما استفاد العرب من فرصة التحول الذي سيشهده العالم في ظل عودة ترامب إلى البيت الأبيض فإنهم سيستعيدون الإمساك بزمام المبادرة التي تؤهلهم لإدارة أزماتهم بأنفسهم ومن ثم الخروج بحلول نافعة تنهي حالة التهريج الغوغائي التي عاشوها بعد أن فرضت إيران مخططاتها العبثية المدمرة تحت شعار المقاومة.