'البخارة' التونسية تقتنص أهم جوائز مهرجان المسرح العربي

فوز عرض فرقة أوبرا تونس بجائزة القاسمي المنافسة مع عرضين امارتيين يؤكد مصداقيتها ومصداقية القائمين على التظاهرة.

أكد فوز عرض "البخارة" لفرقة أوبرا تونس بجائزة القاسمي لأفضل عرض مسرحي في مهرجان المسرح العربي في دورته الـ 15 والتي استضافتها العاصمة العمانية مسقط على مدار 7 أيام، المصداقية التي رسختها الجائزة التي تحمل اسم الشيخ د.سلطان بن محمد القاسمي وكذلك الهيئة العربية للمسرح والقائمين على المهرجان، فالعروض التي تنافست على الجائزة منها مسرحيتان إحداهما من إمارة الشارقة التي تنظم المهرجان، والثانية من الدولة التي تستضيفه، والأعمال الأخرى من بينها أعمال لفنانين ومخرجين ومؤلفين يشكلون علامات مهمة في مسيرة المسرح العربي. الأمر الذي يعني الالتزام الصارم بقواعد الجائزة الفنية دون مجاملة أو محاباة.

مسرحية "البخارة" للمخرج التونسي صادق، ناقشت بفنية عالية مأساة يعاني منها حي بإحدى المدن، هذه المأساة تتلخص في الهواء والغبار الفاسدين المسمومين اللذين يطلقهما مصنع مقام في هذا الحي، مما يتسبب في إصابة الكثير من سكان هذا الحي بالأمراض، من خلال عائلة تقطن الحي نعرف الأب المصاب بالسرطان والزوجة التي سقط حمها وأجهضت أكثر من مرة، وحالات الاختناق التي تطارد أفرادها، وذلك في الوقت الذي تتعنت فيه السلطة عن إيجاد حل فضلا عن تعاملها الفوقي. هذا كله بالإضافة إلى أوجاع الفقر وأمراض تكدس الأسر في الشقق الضيقة.

وعلى الرغم من أن لغة العرض غلبت عليها اللهجة التونسية واللغة الفرنسية، لكن ذلك لم يمنع أن يلعب أداء الممثلين وقدرتهم التعبيرية والجسدية المنسجمة مع روح النص وجماليات السينوغرافيا من ديكور وموسيقى وإضاءة وملابس، من إيصال الرسالة المستهدفة التي تؤكد حجم مرارة الواقع المعاش في ظل سلطة تمارس على مواطنيها كل أنواع الاستغلال، غير مكترثة بما يصيبهم نفسيا وجسديا وينعكس على رؤيتهم للحياة.

جاء إعلان فوز "البخارة" في حفل ختام المهرجان حضور وزير الثقافة والرياضة والشباب يزن بن هيثم آل سعيد الذي قام بتكريم مخرج العرض، والم ولكن قبل ذلك انطلق العرض بقصيدة للشاعرة نورا بنت عبد الله البادي، أعقبها فيديو لخص فعاليات المهرجان بدءا بعروضه ومرورا بمؤتمراته الصحفية ومناقشات مؤتمره الفكري وورش عمله الفنية واصداراته حول المسرح العماني والخليجي والعالمي. ثم قدمت فقرة للفنون الشعبية لفرقة المثايل للفنون الحماسية. سعيد بن سلطان البوسعيدي وكيل وزارة الثقافة والرياضة والشباب للثقافة الفرق الـ 15 المشاركة في المهرجان والفائزين في مسابقة البحث العلمي.

عرض 'البخارة'
مسرحية تناقش بفنية عالية مأساة تلوث يعاني منها حي بإحدى المدن

وقبيل إعلان العرض الفائز، قدمت لجنة تحكيم الجائزة تقريرها الذي تلاه الفنان اللبناني رفيق علي أحمد، لافتا إلى أن اللجنة تحيي كل المبدعين الذين أفاضوا على المهرجان بهاء إبداعهم، فإنها وبكل الفرح ترصد ملامح جديدة في هذا المهرجان، منها: أولا عشرة عروض من أصل خمسة عشر عرضا في المهرجان من توقيع مخرجات ومخرجين شبابا. قدموا جميعاً رؤى جديدة وجماليات تنحو نحو توظيف التكنولوجيات الجديدة والرقمنة، وتتمنى اللجنة على الشباب المسرحي الذي يسعى لهذا التميز بمتابعة البحث والتجريب واكتشاف مفازات جديدة مع مراعاة الأصالة وملامح الهوية والأسس التي تميز المسرح عن غيره من طرق التعبير الفني، وعدم التخلي عن وظيفة المسرح السيسيو / ثقافية. ثانيا لاحظت اللجنة بكل الاعتزاز وجود ستة عروض من أصل خمسة عشر عرضاً في المهرجان بتوقيع ست مبدعات عربيات ومن أجيال مختلفة، طرحت أعمالهن قضايا معاصرة تعيشها مجتمعاتنا وتلمست مكامن الأمل والألم، وتحيي اللجنة هذه الجهود الإبداعية الفارقة. هذا وقد عملت اللجنة على مدار أيام المهرجان على مشاهدة عروض المسار الأول المشاركة في التنافس على جائزة الشيخ د.سلطان بن محمد القاسمي، وعقدت ثمانية اجتماعات ناقشت ودرست وحللت العروض بوجهة نظر نقدية وسعت لرصد الومضات الإبداعية بدقة وتفصيل وذلك لتميز الأعمال لجهة الإتقان في البناء والمعالجة، ولناحية الحرفة والمحمولات الفكرية والجمالية، خاصة وأننا جميعا متفقين على دور المسرح التنويري ودوره في البناء والتنمية. وعليه فقد كانت اللجنة أمام ميدان سباق تجلت فيه خيول إبداع المسرحيين الذين قدموا رؤاهم المختلفة والمنتمية لتيارات وعي لافتة للانتباه. وعليه فإن اللجنة تعتبر كل من تأهل للمشاركة في المهرجان باعتبار ذلك فوزاً بحد ذاته. كما تشيد اللجنة بجهود المسرحيين العمانيين الذين رسموا صورة بهية وكريمة لعمان ومسرحييها.

 

بعد ذلك أعلن الكاتب المسرحي العماني د.عبدالكريم جواد اللواتي العرض الفائز بالجائزة قائلا إنه "تبعاً لما جاء في تقرير لجنة التحكيم الذي تلاه رئيسها رفيق علي أحمد، وبناءً على التحليل العلمي المعمق، فقد شهد المسار الأول تنافساً شديداً بين العروض التي ترشحت في التصفية النهائية لنيل جائزة الشيخ د.سلطان بن محمد القاسمي، وهي خمسةعروض، نعلنها هنا وفق تسلسلها في برنامج عروض المهرجان: أسطورة شجرة اللبان، لفرقة مسرح مزون من سلطنة عُمان، إخراج يوسف البلوشي ـ سيرك، للفرقة الوطنية للتمثيل من العراق، إخراج جواد الأسدي ـ البخارة، إنتاج قطب المسرح أوبرا تونس، من تونس، إخراج صادق الطرابلسي ـ هُمْ، لمسرح أنفاس، من المغرب، إخراج أسماء الهوري ـ كيف نسامحنا، لمسرح الشارقة الوطني من الإمارات، إخراج محمد العامري. وقد ذهبت الجائزة للعرض الذي وجدت اللجنة أنه أقرب لتحقيق متطلبات الفوز ومن خلال قياس دقيق، وعليه تعلن اللجنة أن العرض الفائز في هذه النسخة من الجائزة هو: "البخارة من تونس.. ألف مبروك.. عشتم وعاش المسرح".