بينالي الفنون الإسلامية يقدم حوارا فريدا بين التحف الأثرية والأعمال الفنية المعاصرة
جدة (السعودية) - تحت عنوان "وما بينهما"، أطلقت مؤسسة بينالي الدرعية، السبت، النسخة الثانية من بينالي الفنون الإسلامية الذي يستمر حتى الخامس والعشرين من مايو/أيار المقبل، وذلك في صالة الحجاج الغربية بمطار الملك عبدالعزيز الدولي في مدينة جدة.
وتعد صالة الحجاج الغربية، موقع إقامة البينالي، نقطة التقاء تجمع الثقافات المختلفة، إذ يمر عبرها الملايين من ضيوف الرحمن كل عام لأداء مناسك الحج والعمرة، ليحمل هذا الصرح المعماري الفريد ذكرياتهم ومشاعرهم، في حين سيقدم البينالي طوال فترة إقامته حوارًا فريدًا بين التحف الأثرية والقطع التاريخية والأعمال الفنية المعاصرة داخل قاعات العرض والمساحات الخارجية، مستكشفًا عمق المعاني الإيمانية، وطرق التعبير عنها والاحتفاء بها من خلال مشاعر الإنسان وأفكاره وأعماله الإبداعية، كما يقدم رؤى فريدة حول كيفية استمرار الثقافات.
ويعرض البينالي في نسخته الثانية عددًا أكبر من الأعمال الفنية المعاصرة، في ظل مشاركات أوسع من المؤسسات، ليؤكد عبر هذا التوسع على مكانته بصفته منصة مركزية عالمية للفنون الإسلامية، إذ يجمع أعمالًا مُعارة من أبرز المؤسسات العالمية المتخصصة في الفنون الإسلامية من تونس إلى طشقند، ومن تمبكتو إلى يوغياكارتا.
وتتضمن الأعمال المُعارة تحفًا أثرية وقطعًا تاريخية ومقتنيات إسلامية ثمينة، وأعمالًا فنية من عدة مؤسسات متخصصة منها متحف اللوفر بباريس، ومتحف فكتوريا وألبرت بلندن، إضافة إلى مجموعات متخصصة في الفنون والثقافات الإسلامية قادمة من معهد أحمد بابا للدراسات العليا والبحوث الإسلامية بتمبكتو، ومتحف الفن الإسلامي بالدوحة، والمعهد التركي للمخطوطات بإسطنبول، كما يجمع البينالي مؤسسات من المملكة العربية منها مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي بالظهران، ومجمع الملك عبدالعزيز للمكتبات الوقفية بالمدينة المنورة، ومكتبة الملك فهد الوطنية بالرياض.
ويضم البينالي أعمالًا فنية معاصرة لأكثر من 30 فنانًا من المملكة ودول الخليج ومختلف أنحاء العالم، وتشمل هذه المشاركة 29 عملًا فنيًا جديدًا بتكليف من مؤسسة بينالي الدرعية، مما يجسد جهود المؤسسة لتوفير منصة عالمية للفنانين السعوديين، واستقطاب الفنانين من جميع أنحاء العالم إلى المملكة، ليتسنى للجمهور التفاعل مع ممارسات فنية ووجهات نظر متنوعة في الفن المعاصر.
ويتألف بينالي الفنون الإسلامية من سبعة أقسام فريدة هي البداية والمدار والمقتني والمظلّة والمكرّمة والمنوّرة والمصلّى، تتوزع عبر صالات عرض ومساحات خارجية، تمتد على مساحة 100 ألف متر مربع، حيث صُمم المشهد العام للمعرض عبر شركة الهندسة المعمارية الدولية "أو أم أي".
ويقدم البينالي برنامجًا ثقافيًا يضم أكثر من 200 فعالية تهدف لإلهام الزوار من جميع الأعمار والاهتمامات، وتقديم تجربة فريدة وملهمة لهم، حيث يتضمن سلسلة من الفعاليات التي تقام طوال فترة المعرض، تشمل محاضرات، وورش عمل، ومبادرات مجتمعية، وندوات، كما تتضمن البرامج الافتتاحية لهذا العام مبادرات منها بينالي بعد المدرسة، وبينالي بعد العمل، بهدف استكشاف الفنون من خلال ورش عمل تطبيقية خلال أيام الأسبوع، مما يعزز الإبداع والتأمل.
وتعبّر الآية القرآنية "وما بينهما" التي وردت في عدة مواضع في القرآن الكريم عن عظمة خلق الله كما يدركها الإنسان ويستشعرها، عبر خمس صالات عرض تحتضن أكثر من 500 قطعة أثرية وأعمالا فنية معاصرة، تستكشف في بينالي الفنون الإسلامية 2025 سعي الإنسان لفهم جمال وروعة ما أبدعه الخالق.
ويتيح البينالي للزوار فرصة فريدة لمشاهدة تحف وأعمال فنية من المدينتين المقدستين مكة المكرمة والمدينة المنورة، حيث يشهد العرض الأول من نوعه لكامل كسوة الكعبة المشرفة خارج مكة المكرمة، ففي الوقت الذي تخاط فيه كسوة جديدة للكعبة سنويًا، يعرض البينالي الكسوة التي ازدانت بها الكعبة المشرفة العام الماضي، وسيتزامن ذلك مع الذكرى المئوية الأولى لإنشاء مجمع الملك عبدالعزيز لكسوة الكعبة المشرفة في المملكة، والذي ينال شرف صناعة الكسوة منذ العام 1927.
وسيقدم البينالي من خلال عرض كسوة الكعبة تعريفا بالكسوة وتطورها عبر التاريخ وما يرتبط بها من فنون ونقوش ومهارات حِرفية ومعارف، وذلك بأسلوب عرض مميز، يتيح للزوار التعرّف على التفاصيل الدقيقة في حياكتها، وتطريزها بخيوطٍ من الحرير والذهب والفضة.
وسيعرض بينالي الفنون الإسلامية إلى جانب كسوة الكعبة مجموعة واسعة من التحف التاريخية الإسلامية وأعمال الفن المعاصر تحت مظلة واحدة بهدف دفع زواره إلى التأمل في ثراء الحضارة الإسلامية وفنونها الإبداعية، وذلك امتداداً لما قدمه البينالي في نسخته الأولى عام 2023 تحت عنوان "أول بيت"، وحققت نجاحات كبيرة جعلت منه ثاني أكثر بينالي زيارة في العالم، بحضور وصل إلى أكثر من 600 ألف زائر.
بينالي الفنون الإسلامية في جدة يُعد منصة عالمية تعكس قوة الفن في جمع الثقافات المختلفة
وتهدف مؤسسة بينالي الدرعية من خلال عرض الكسوة إلى ترسيخ الاعتزاز بالإرث الثقافي الإسلامي، وإيجاد فرصة استثنائية تسمح لعامة الجمهور بالتعرف عن قرب على أحد أهم مظاهر الفن الإسلامي عبر التاريخ، وتقديم فهم أعمق للحرفية العالية في صناعة كسوة الكعبة، مع ما يتضمنه ذلك من تأكيد على مركزية المملكة في خدمة الإسلام والمسلمين، وتوفيرها لكافة الإمكانات والمهارات والحرفيين البارعين لصناعة الكسوة من خلال مجمع الملك عبدالعزيز لكسوة الكعبة المشرفة، إلى جانب جهودها الكبيرة في العناية بالحرمين الشريفين، وبضيوف الرحمن، تحت مظلة رؤية السعودية 2030 التي شددت على أهمية إثراء التجربة الدينية والثقافية للحجاج والمعتمرين، والمحافظة على تراث المملكة الإسلامي والتعريف به، وستتم إعادة الكسوة إلى مجمع الملك عبدالعزيز لكسوة الكعبة المشرفة بعد اختتام بينالي الفنون الإسلامية 2025.
ويرى مدير عام التواصل والتسويق المؤسسي في الخطوط الحديدية السعودية "سار" محمد بن معاذ حميدالدين أن بينالي الفنون الإسلامية يُعد منصة عالمية تسلط الضوء على الإرث الثقافي والفني الإسلامي بأسلوب يجمع بين الأصالة والابتكار.
وعن إعلان "سار" شراكتها الرسمية للنسخة الثانية من بينالي الفنون الإسلامية 2025، قال حميدالدين "نسعى من خلال هذه الشراكة إلى تعزيز مكانة المملكة بصفتها جسرًا بين الحضارات، مع تسهيل وصول الزوار إلى الفعالية من مختلف المدن عبر شبكة قطار الحرمين السريع الذي يربط بين مكة المكرمة والمدينة المنورة مرورًا بمدينة جدة، ويوفر تجربة نقل سلسة ومريحة، وما يميز هذه التجربة هو تصميم محطات قطار الحرمين السريع المستوحى من الطراز الإسلامي، مما ينسجم مع روح البينالي ويعزز تجربة الزوار الثقافية".
وأكد أن الشراكة مع بينالي الفنون الإسلامية تأتي حرصًا من الشركة على دعم المبادرات الثقافية والفنية التي تُبرز التراث الإسلامي الغني وتعزز مكانة المملكة بصفتها وجهة عالمية للفنون والثقافة الإسلامية، لافتا إلى أن هذه الشراكة تتماشى مع أهداف رؤية المملكة 2030 التي شددت على أهمية إثراء التجربة الدينية والثقافية.
ويُعد بينالي الفنون الإسلامية في جدة منصة عالمية تعكس قوة الفن في جمع الثقافات المختلفة، إذ يواصل الحدث هذا العام الاحتفاء بالتراث الإسلامي عبر الإبداع والتعبير الثقافي.